الرئيسية أخبار وتقارير جرائم العدوان صيادو الحديدة في شباك التحالف السعودي: من يوقف الموت؟

صيادو الحديدة في شباك التحالف السعودي: من يوقف الموت؟

المشهد اليمني الأول/ مفيد الغيلاني

 

على الرغم من أن الشريط الساحلي اليمني كان مصدر دخل للألاف من اليمنين، الذين لا يعرفون رزقاً على اليابسة، ولا يولون وجههم إلا شطر البحر، فإنه وبسبب القصف المستمر على زوارق الصيادين، من قبل طيران «التحالف» والذي تقوده السعودية، تحول ذاك الشريط من مصدر للقمة العيش، إلى مقبرة بلا أفق.

 

الصياد سالم الهندي، ذو الـ 35 عاما، يقف أمام قاربه الصغير في مرسى الإصطياد، بمدينة الحديدة، عاجزا عن توفير لقمة العيش لأسرته يسد بها رمق أطفاله وزوجته، في ظل معاناة جديدة لا تقل عن معاناة القصف والاستهداف الذي حصد أرواح عشرات الضحايا من الصيادين، وأجبرهم على النزوح بحثا عن مصدر رزق.

 

وعلى مقربة من سالم، وفي ذات المرسى، يتواجد عشرات الصيادين الذين نزحوا هربا من مخاطر البحر وجحيم «الأباتشي»، التي حولت مناطق واسعة من البحر والشواطئ والسواحل اليمنية إلى مقصلة للموت الساقط من السماء أو القادم من البحر.

 

الجوع أو الموت

 

يوماً بعد آخر يزداد عدد ضحايا قصف طيران «التحالف» من الصيادين، فتزداد معه صور ألبوم الضحايا وقصصهم الإنسانية. علي الخزان، صياد من مديرية اللحية بمحافظة الحديدة، عريس جديد لم يمر عليه سوى شهرا واحدا منذ زفافه… ديون الزواج و مصاريف بيته الجديد دفعته سريعا نحو البحر للعمل، برغم علمه المسبق بمخاطر الصيد في ظل هذه الضروف.

 

مصادر مقربة من أسرة الخزان، أفادت في حديث لـ«العربي»، بأن «طيران التحالف العربي استهدف بغاراتين أمس الأول، قاربين للصيد في شواطئ الحديدة»، مؤكدة أن «إحدى الغارات استهدفت قارب الصياد علي الخزان وأربعة من رفاقه، ما أسفر عن وفاتهم جميعا».

 

وأوضحت المصادر، أن «قوات خفر السواحل التابعة لقوات حكومة الإنقاذ عثرت في صباح اليوم الثاني، على ثلاث جثث فقط، من بينها جثة العريس علي الخزان، والذي لم يمض على زواجه قرابة ثلاثين يوما». وصل الخزان إلى عروسته وأمه وإخوانه جثة هامدة مهترئة، فتحولت العروس إلى أرملة، وربما تنجب طفلا تأتم والده قبل أن يكتمل خلقه.

 

إحصائيات مخيفة

 

وتزايد عدد حوادث الإستهداف التي تطال الصيادين في الساحل الغربي، خلال الآونة الأخيرة بشكل مخيف جدا، حيث تشير الإحصائيات إلى أن «عدد القتلى والجرحى من الصيادين في محافظة الحديدة بلغ 473 قتيلاً وجريحاً، في مختلف سواحل وموانئ المحافظة، في حين قتل عدد 263 صياداً في مختلف السواحل، بينهم طفلين في الخوخة، وأصيب أكثر من 210 منهم في مناطق متفرقة من الساحل الغربي». وتؤكد الإحصائيات أن «9 صيادين قتلوا، وجرح 7 آخرين في سواحل محافظة حجة، فيما قتل 13 صيادا وأصيب 14 آخرين في ساحل المخا بمحافظة تعز، بالإضافة إلى مقتل 5 صيادين واصابة 11 آخرين في ساحل شقرة محافظة أبين».

 

وحول معدات الإصطياد التي دمرتها قوات «التحالف»، تشير الإحصائيات إلى أنه «تم تدمير قرابة 227 قارب صيد، و11مركز إنزال سمكي، بكلفة تجاوزت الـ 18 مليون دولار». وأوضحت الاحصائيات أن «قرابة 32 ألف صياد يمني فقدوا مصدر دخلهم، جراء الاستهداف المباشر من قبل الطيران والبارجات الحربية التابعة لقوات التحالف للعديد من القرى والموانئ في الساحل الغربي للبلاد».

 

انخفاض الإنتاج

 

كما تشير آخر إحصائية لمكتب الثروة السمكية التابع لحكومة «الإنقاذ» في محافظة الحديدة، إلى «انخفاض نسبة الانتاج السمكي بالمحافظة إلى نسبة 40%»، مؤكدة أن «80% من صيادي مدينة الحديدة توقفوا عن الاصطياد مؤخراً، بسبب القصف المكثف لطيران التحالف على زوراق اصطيادهم».

 

جرف الأسماك

 

اليوم لم يعد البحر مصدر رزق الألاف من اليمنين. حمدان ملهي، أحد الصيادين الذين سبق وأن غامروا في البحر لعدة أيام قبل أن يتم منعهم من قبل القوات البحرية التابعة لـ«التحالف»، يقول في حديث إلى «العربي»، إنه «كان يعود بحصيلة قليلة من الأسماك نظراً لشح وجودها في تلك المناطق المحددة لهم من قبل التحالف العربي للإصطياد إضافة إلى استيلاء الشركات الإماراتية والمصرية على مساحات شاسعة من البحر». وأكد أن «الشركات المصرية والإماراتية تقوم بجرف الأسماك وتدمير الشعب المرجانية، باستخدام معدات صيد محرمة دولياً»، مشيراً إلى أن «هذه الشركات لديها حماية كبيرة ومشددة من سفن التحالف العربي وأساطيله». وبمرارة وألم، وعبارة مختصرة تصف واقعهم، يقول: «أكلوا الأخضر واليابس، حاربونا في لقمة العيش، الله لا رحمهم».

 

كارثة محققة

 

وعلى الرغم من أن الصيد لم يعد مهنة مغرية على الإطلاق، في ظل وجود هذا الجرف الهائل للأسماك ومخاوف الاستهداف الذي يذهب ضحيته يومياً العشرات من الصيادين بين قتيل وجريح، إضافة إلى المساحة القصيرة والتي كانت قوات «تحالف العدوان» قد حددتها للاصطياد في وقت سابق، فإنها اليوم قضت ومن خلال منعها الصيادين من النزول إلى البحر والصيد في المياه الإقليمية اليمنية، على ما تبقى من بصيص أمل لدى الكثير من الصيادين في مدينة الحديدة، وجعلتهم فريسة للبطالة والظروف المعيشية القاسية.

 

مصادر محلية في مرسى الإصطياد السمكي، بمدينة الحديدة، أكدت في حديث، لـ«العربي»، أن «بحرية التحالف العربي حذّرت الصيادين من النزول إلى البحر والصيد في المياه الإقليمية اليمنية، وأن إبحار أي قارب من الساحل باتجاه المياه الإقليمية سيكون هدفاً عسكرياً لمقاتلات التحالف»، مضيفة أن «التحالف العربي منع الصيادين بشكل تام من الاصطياد في البحر الأحمر».

 

وأفادت بأن «عدداً من قوارب الصيد عادت يوم الأحد إلى ميناء الإصطياد في مدينة الحديدة، بعدما أطلقت الأباتشي رصاصاً كثيفاً بالقرب منهم، وأجبرتهم على العودة»، مشيرة إلى أن «هذا التعنت من قبل قوات التحالف العربي سوف يتسبب بكارثة إنسانية محققة لألاف الأسر التي تعتمد على مزاولة مهنة الصيد بدرجة أساسية».

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version