المشهد اليمني الأول |
تعيش محافظة حضرموت في الوقت الراهن حالة من التشتت في تكوينات مؤسسة الدولة والمجتمع معاً، نتيجة تدخل عدوان الإمارات والسعودية في شؤون المحافظة.
وسعت الإمارات على مدى ثلاث سنوات في تأسيس وحدات عسكرية تابعة لها في حضرموت تحت مسمى “النخبة الحضرمية”، والتي تعمل خارج إطار المؤسسة العسكرية لما يسمى بالجيش الوطني، إذ تتلقى أوامرها من المندوب السامي الإماراتي وليس من القادة العسكريين المعينين من قبل حكومة الفار هادي، وهذا الأمر ينطبق على بقية المؤسساتوالسلطة المحلية التابعة للحكومة الفارة والمرتزقة، حيث وصلت تدخلات الإمارات إلى كل مرفق حكومي وأفرغته من كوادره التابعين للشرعية اليمنية واستبدلتهم بموظفين مواليين لها.
وقال محمد الكندي –أحد مشايخ حضرموت- إن المحافظة أصبحت مشتتة ولا يوجد لها حاكم واحد، وبات يتجاذبها أطراف الاحتلال السعودي والإماراتي من جانب وقبائلها من جانب آخر، وبعض الفصائل التي صنعتها الإمارات والسعودية كالنخبة الحضرمية وتنظيم القاعدة. مؤكداً أن حضرموت أمام خطر كبير ما لم يبتعد أبناء حضرموت عن الأفكار المسمومة التي تبثها الإمارات والسعودية لخلق شقاق بين الحضارمة عبر مجالاتها الثقافية والمناهج الدراسية والخطب في المساجد.
وتعتبر حضرموت من المحافظات الغنية بالنفط، حيث تقع على بحر العرب، وهذا ما يدفع السعودية لزعزعة الوضع الداخلي لمحافظة حضرموت؛ حتى يتسنى لها مد أنابيب نفطية عبر الأراضي اليمنية إلى بحر العرب ما سيحقق أرباحاً اقتصادية ويوفر مليارات الدولارات للمملكة، وذلك بحسب دراسة أصدرتها الهيئة السعودية للمهندسين، وهي الدراسة الثانية المعلنة عن نفس المشروع.
ومنذ بدء العدوان على اليمن تحت مايسمى (عاصفة الحزم وإعادة الأمل) في مارس 2015م، اتجهت كل من الإمارات والسعودية في سباق محموم نحو تقاسم الجغرافيا اليمنية، لاسيما في المحافظات الجنوبية والشرقية، وذلك لابتلاع ما تمتلكه من خيرات ومقدرات، فضلا عن استغلال مواقعها الإستراتيجية لصالحهما، وقد سعت كل منهما لإرسال قوات عسكرية تابعة لها للسيطرة على المصالح الحيوية في حضرموت والمهرة تحت ذريعة استعادة الشرعية التي انقلب عليها مليشيات الحوثي، غير أن الحوثيين لا وجود لهم في المحافظتين على الإطلاق.
ويقول الكاتب السياسي اليمني فهمي اليوسفي، إن التحرك الأخير للسعودية هو إحدى الحلقات المستمرة لتحقيق مطامع أمريكا والسعودية بالجنوب، والذي تطلب الأمر من وجهة نظر سعودية أن السيطرة على الجنوب تبدأ من المهرة وبعدها حضرموت، مرورا بشبوة لتأتي بعدها أبين.
وكان تقرير حديث لفريق خبراء الأمم المتحدة في اليمن، أشار إلى أن قوات النخبة الحضرمية لا تتبع الأوامر القيادة العسكرية اليمنية المرتزقة وتتبع القيادة العسكرية للإمارات، كما هو الحال بالنسبة لما يسمى بقوة النخبة الشبوانية والحزام الأمني.
وقال التقرير الأممي: ‘إن الإمارات تستخدم هذه القوة لزيادة نفوذها وسيطرتها في المناطق المحررة وخصوصاً المناطق النفطية مثل شبوة وحضرموت أو الموانئ مثل عدن والمخا، إلى جانب المكلا والموانئ الصغيرة والنفطية في شبوة.
وأشار التقرير إلى أن الأخطاء التي ترتكبها القوات الإماراتية والموالية لها واستنادها على مطالب الانفصال يسهم في تفكيك اليمن، وهو ما يجعل تنظيم القاعدة يستغلها لإعادة قوته ونفوذه بشكل سريع.