المشهد اليمني الأول/
رغم طغيان تطورات الأحداث في الساحل الغربي على اهتمامات الشارع اليمني، واستحواذها على تفكيره وتركيزه نظرا للأهمية التي تمثلها، والخطورة البالغة التي تترتب على المؤامرة التي تحاك ضد الوطن والشعب من خلال استهداف الحديدة، إلا أن الشارع اليمني وجد مادة جديدة أخذت حيزا لا بأس من اهتمامه ومتابعته، حتى غدت قضية رأي عام، وهي قضية الأوراق النقدية الجديدة فئة الـ500والـ 1000ريال والتي تمت طباعتها بصورة مخالفة للأعراف واللوائح المعمول بها ماليا ونقديا، حيث أقدم الفار هادي وحكومة الفنادق على طباعة ورق نقدية جديدة من الفئات النقدية السالفة الذكر بحجم جديد دون أي تغطية من الذهب أو العملة الصعبة وهو الأمر الذي أدى إلى تدهور العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية مما سبب حالة من الركود الاقتصادي.
وعلى الرغم من عدم قانونية هذه الورقة الجديدة فئة 500 ريال إلا أنه ومن باب الحرص على التخفيف على قيام المرتزقة في مأرب بسحب وتكديس الأوراق النقدية الرسمية في البنك المركزي بمأرب من أجل خلق أزمة سيولة تم السماح بتداولها داخليا دون قبولها في البنك المركزي، ولكن هذا الحرص من قبل المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ قوبل بردة فعل خسيسة من قبل حكومة الفنادق وبتوجيهات سعودية بطباعة ورقة جديدة بحجم جديد من فئة 1000ريال دون أي غطاء يحول دون تدهور سعر صرف العملة في محاولة منهم لإنهاك الاقتصاد اليمني المتدهور، ورغم تحذيرات البنك المركزي اليمني للمواطنين بعدم تداول الورقة النقدية الجديدة إلا أنها بدأت تتداول داخليا، حيث كان تجار الغاز والمشتقات النفطية أكثر من يتعاملون بها مع مرتزقة العدوان في مأرب الذين يسيطرون على النفط والغاز، ورغم ذلك لم يحترم هؤلاء الأوغاد أنفسهم ويراعون ظروف الشعب حيث أطل المرتزق العميل سلطان العرادة المعين من الفار هادي محافظا لمأرب بتصريح قال فيه بأنه لن يتم التعامل إلا بالأوراق النقدية الجديدة بعد أن أدركوا بأنهم فشلوا في تدمير العملة المحلية بسحب الأوراق النقدية المتداولة من السوق، وهي خطوة يراد بها تراجع سعر العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية بنسبة جنونية تقود للانهيار الاقتصادي التام، وهو ما استدعى قيام حكومة الإنقاذ بمنع تداول الأوراق النقدية الجديدة في المحافظات الواقعة تحت سلطتها للضغط على الطرف الآخر وللحد من تدني سعر الصرف.
وهنا لا بد أن تتخذ الحكومة معالجات للتجار والصيارفة والمواطنين الذين بحوزتهم أوراق نقدية جديدة بحيث يتم سحبها منهم وتغييرها، أو منحهم مهلة لتصريفها، والتعميم بعدم التعامل بها فور انتهاء هذه المهلة، لأنه من غير المنطقي منع تداولها بهذه الصورة المجحفة، وأعتقد بأن الكل سيتفهم ذلك وسيتجاوبون مع الحكومة في هذا الجانب، وقد تحصل تفاهمات تضع معالجات لهذا الموضوع برمته.
بالمختصر المفيد الطباعة العبثية للعملة المحلية من قبل حكومة الفنادق دفعت محافظ البنك المركزي المعين من الفار هادي منصور القعيطي للاستقالة من منصبه، ليخلفه محمد زمام والذي لم يوقف هذه المهزلة ومضى في طباعة المزيد من الأوراق النقدية بكميات كبيرة قفز معها سعر العملات الأجنبية عاليا على حساب الريال اليمني الذي صار شبه ميت، وإزاء هذا الوضع كان لزاما على حكومة الإنقاذ التحرك للحد من تداعيات هذه الفوضى والعشوائية والعبثية التي تعد إحدى وسائل العدوان في كسر صمود وثبات الشعب اليمني وإجباره على الخنوع والخضوع والاستسلام وهو أشبه (بعشم إبليس في الجنة )، فوعي المواطن اليمني اليوم أكبر من ذي قبل وسيتعامل مع هذا الموضوع بحكمة ومسؤولية وعقلانية ووطنية وسيكون شريكا في إحباط مؤامرة الأعداء التي تستهدف العملة المحلية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبدالفتاح علي البنوس