الرئيسية أخبار وتقارير المشهد الاقتصادي فردوس غسيل الأموال وتمويل الإرهاب … إنها دبي !

فردوس غسيل الأموال وتمويل الإرهاب … إنها دبي !

المشهد اليمني الأول\
لا ترتبط دبي بناطحات السحاب والأبراج، أو بمشهد الأضواء البراقة ليلًا ومراكز التسوق الضخمة فقط، ولكنها تخفي تحت ذلك كله، حسب ما كشفت تقارير عدة، مستقرًا لكثير من غاسلي الأموال لصالح كيانات الجريمة المنظمة والمخدرات وصقور تمويل الإرهاب في العالم.
وقد وصفت صحيفة “الغارديان” البريطانية دبي بأنها أصبحت أسوأ مكان في العالم في غسيل الأموال، وتفوقت في ذلك على جزيرة كوستا ديل كرايم الإسبانية.
يذكر أن إجمالي حجم غسيل الأموال الذي يتم في الأنظمة المالية العالمية يتراوح حول 800 مليار دولار إلى 2 تريليون دولار كل عام، وذلك حسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المعاملات المالية تتميز بدرجة عالية من التعقيد، وصعوبة التتبع، كما يقوم على تنفيذها أشخاص متمرسون.
ما هو غسيل الاموال؟
غسيل أو تبييض الأموال جريمة اقتصادية تهدف إلى إضفاء شرعية قانونية على أموال محرمة، لغرض حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو إستبدالها أو إيداعها أو إستثمارها أو تحويلها أو نقلها أو التلاعب في قيمتها إذا كانت متحصلة من جرائم مثل زراعة وتصنيع النباتات المخدرة أو الجواهر والمواد المخدرة وجلبها وتصديرها والإتجار فيها، واختطاف وسائل النقل، واحتجاز الأشخاص وجرائم الإرهاب وتمويلها، والنصب وخيانة الأمانة والتدليس، والغش، والفجور والدعارة، والاتجار وتهريب الأثار، والجنايات والجنح المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج والداخل، والرشوة، واختلاس المال العام والعدوان عليه، والغدر، وجرائم المسكوكات والزيوف المزورة والتزوير.
ومن أبرز الآثار المترتبة على هذه الظاهرة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً ما يلي:
  • استقطاعات من الدخل القومي ونزيف للاقتصاد الوطني لصالح الاقتصاديات الخارجية.
  • زيادة السيولة المحلية بشكل لا يتناسب مع الزيادة في إنتاج السلع والخدمات.
  • التهرب من سداد الضرائب المباشرة ومن ثم معاناة خزانة الدولة من نقص الإيرادات العامة عن مجمل النفقات العامة.
  • شراء ذمم رجال الشرطة والقضاء والسياسيين مما يؤدي إلى ضعف كيان الدولة واستشراء خطر جماعات الإجرام المنظم. هو باختصار البحث عن اجابة كاذبة للسؤال المعروف (من أين لك هذا؟)
  • تدهور قيمة العملة الوطنية وتشويه صورة الأسواق المالية.
  • ارتفاع معدل التضخم بسبب الضغط علي المعروض السلعي من خلال القوة الشرائية لفئات يرتفع لديها الميل الحدي للاستهلاك وذات نمط استهلاكي يتصف بعدم الرشد أو العشوائية.
  • انخفاض معدل الادخار نظرا لشيوع الرشاوي والتهرب الضريبي وانخفاض كفاءة الأجهزة الإدارية وفسادها.
  • تشويه المنافسة وإفساد مناخ الاستثمار.
بنوك وعقارات دبي… أقصر الطرق لغسل الأموال
اتهمت عدة تقارير دولية وأمريكية حديثة دولة الإمارات بتبني سياسات مالية تساعد على تهريب وغسيل الأموال. وتأتي هذه الاتهامات لتؤكد استمرار أبو ظبي بتجاهل المطالبات الأممية والأمريكية لضبط سياستها المالية، على الرغم من الانتقادات الشديدة التي وجهت لها في عدة تقارير دولية نشرت تباعا منذ اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001.
نظرة إلى تاريخ المصارف في الإمارات وحاضرها، خصوصاً في ما يتعلق بعمليات غسل وتبييض الأموال القذرة والجرائم المالية، تقلب الصورة تماماً، لتظهر أن هذه الدولة هشة مصرفياً، وتغوص في أزمة كبرى مرتبطة بهذا الملف، ولا تزال مستمرة حتى يومنا هذا، لا بل إن جزءا لا يستهان به من موجودات النظام المصرفي الإماراتي مرتبط بعمليات غير مشروعة، مثل غسل أموال ناجمة عن تجارة مخدرات وأسلحة، حسب متابعين للملف.
ويعدد تقرير نشره موقع “ذا كليفر” في مايو/أيار2017، الأسباب التي تجعل من دبي إمارة تعاني من الفساد.
ويشرح التقرير أن معظم البلدان لديها حدود لمقدار العملة الصعبة التي يمكن أن تجلبها إلى البلدان، وذلك في إطار مكافحة غسل الأموال، إلا أن الأمور تختلف في دبي.
ويلفت التقرير إلى أنه في عام 2009، دخل نائب الرئيس الأفغاني أحمد ضياء مسعود إلى دبي بمبلغ 52 مليون دولار نقداً. وقد تتبعه المسؤولون الأميركيون الذين اعتقدوا أن هذا أمر غريب قليلاً. ومع ذلك، لم تسأل سلطات دبي من أين تأتي الأموال، وفق التقرير.
تقرير الخارجية الأميركية
يشير التقرير الأخير الصادر عن الخارجية الأميركية في مارس/آذار 2017، إلى تصنيف الإمارات من بين “البلدان الرئيسية في مجال غسل الأموال”، وشرح التقرير أن هذا التصنيف يطاول أي بلد “مؤسساته المالية تنخرط في معاملات نقدية تنطوي على مبالغ كبيرة من العائدات المتأتية من الاتجار الدولي بالمخدرات”، والإمارات هي البلد الخليجي الوحيد الذي دخل ضمن هذا التصنيف.
ويضيف: “يرتبط جزء من نشاط غسل الأموال في دولة الإمارات العربية المتحدة على الأرجح بعائدات غير قانونية من المخدرات المنتجة في جنوب غرب آسيا ونقاط الضعف الأخرى لغسل الأموال في دولة الإمارات تشمل القطاع العقاري، وإساءة استخدام تجارة الذهب والماس الدولية“.
وقال خبير مالي عربي مقيم في واشنطن لـ”عربي21″ تعليقا على هذه الاتهامات المتكررة، إن ما يعاني منه النظام المالي الإماراتي ليس مجرد “ثغرات مالية”، بقدر ما هي “أدوات مقصودة” تهدف إلى جلب أكبر فائض مالي من العائدات، إلى جانب “هامش سلطة ونفوذ على كثير من المنظمات المشروعة وغير المشروعة، والتيارات السياسية والعسكرية في مناطق النزاعات“.
هجمات 11 ايلول/سبتمبر
ولم يكن تقرير الخارجية الأمريكية هو الأول في سياق الاتهامات الموجهة للنظام المالي الإماراتي، فقد ورد ذكر الإمارات لأكثر من أربعين مرة في الملحق الخاص بتمويل عمليات الحادي عشر من سبتمبر، ضمن ملف التحقيقات التي أجرتها لجنة التحقيق الأمريكية الخاصة بالهجمات.
وخلصت نتائج نهائية في هذا الملحق للقول إن النظام المالي الأمريكي لم يفشل في منع إساءة استعماله، بل لم يكن مصمما أصلا لرصد وتعطيل مثل هذا النوع من المعاملات المالية التي مولت أحداث أيلول/ سبتمبر، والتي أكد التقرير أن غالبيتها الساحقة جاءت عبر “تحويلات من مراكز مالية ومصارف في الإمارات “.
قد سعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ هجمات أيلول/ سبتمبر لتطوير نظامها المالي ومعالجة ثغراته التي سهلت تمويل الإرهاب، وعملت بكافة الطرق الدبلوماسية واستخدمت مختلف أتواع الضغوط على الدول المعنية ببؤر النزاعات للعمل على تشديد رقابتها على التعاملات المالية، إلا أن إمارة دبي بقيت الوحيدة خارج هذه الضغوط، حيث بدا أن تقاطع المصالح الاستخباراتية ونشاطات الشركات العابرة للقارات فيها أقوى من أي ضغط بوصفها “المركز العالمي لتبييض الأموال”، بحسب خبير مالي عربي يقيم في واشنطن.
دبي ملاذًا للإجرام الدولي
وصدر تقرير حديث عن مركز الدراسات الدفاعية المتقدمة، نشره موقع “The American Conservative”، يتضمن أدلة وبراهين لا ينازعها شك، عن أن أحد أبرز حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، الإمارات، هي مركز لغسيل أموال المجرمين الدوليين. فقد وفر سوق دبي للعقارات ملاذًا آمنًا للأموال غير المشروعة التي ترتبط بالإرهاب، وتجار المخدرات، وأمراء الحروب.
فقد سُمح للمواطنين الأجانب منذ عام 2002 بشراء العقارات في الإمارات. وعلى الرغم من سرية وخصوصية تلك السجلات، إلا أن مركز الدراسات الدفاعية المتقدمة قد حصل على بعض البيانات المسربة. فقد حدد المركز 81 عقارًا فاخرًا”تُقدر قيمتها بقرابة 107 مليون دولار” في دبي، ترجع ملكيتها لأفراد أو شبكات فرضت عليهم حكومة الولايات المتحدة عقوبات.
ليس من الإجحاف إذًا القول بأن سبل مكافحة غسيل الأموال في الإمارات غير فعالة. فقد أشارت منظمة غير حكومية أخرى تُعرف باسم مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد OCCRP، في تقرير حديث لها، إلى الحجم الهائل من الأموال غير الشرعية التي تتدفق عبر النظام المالي للإمارات.
وقد كشف التقرير أن المجرمين غالبًا ما “يشترون” الملكيات العقارية الفارهة بأموال سائلة (نقدًا)، ومن ثم يقومون بإلغاء الصفقات بعد ذلك بفترة وجيزة. وبذلك، يغسل الشيك المصرفي المُسترد تلك الأموال. وهناك شبكة من الأشخاص الذين يتقاضون عمولات باهظة لإتمام تلك الخدمة غير القانونية.
واستخدمت منظمة مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد OCCRP مراسلًا متخفيًا يدعي أنه مشترٍ للعقارات الأجنبية. ذكر جميع وكلاء العقارات أن الدفع النقدي هو الطريقة المُفضلة للدفع، وأكدوا للعميل المُحتمل أن حكومة الإمارات لا تتطلب ولو قليلًا من الإبلاغ عن الأمر.
أسوأ مكان في العالم لغسيل الأموال
من جهتها وصفت صحيفة الغارديان البريطانية إمارة دبي بأنها باتت ملاذا للمتهربين من الضرائب وغسيل الأموال.
وأضافت الصحيفة أن دبي أصبحت أسوأ من جزيرة “كوستا ديل كرايم” الإسبانية، والمعروفة بأنها أسوأ مكان في العالم لغسيل الأموال، وذلك وفق تسريب كبير لقاعدة بيانات دبي.
وأوضحت “الغارديان” أن محققين بريطانيين يدرسون معلومات مسربة تبين أن مواطنين من بلادهم استخدموا دبي لإخفاء 16.5 مليار جنيه إسترليني خلال الفترة من 2005 و2016.
ونقلت الغارديان عن المدير المساعد السابق لوحدة مكافحة الجريمة في إدارة الهجرة، رود ستون، أن هؤلاء “المحتالين” بدأوا في 2005 شحن بضائعهم عبر دبي في محاولة لتقويض قدرة السلطات الضريبية على تحديد تحركات الأموال والبضائع أو ما يعرف باسم “التزوير الدائري”.
وبينت الصحيفة أن “مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد” وهي منظمة استقصائية دولية حصلت على تسريب ضخم لسجلات ملكية العقارات في دبي تعود إلى الفترة ما بين 2014 و2016.
وأضافت الغارديان أن محتالين آخرين استغلوا دبي للاستيلاء على حوالي 5 مليارات يورو بين عامي 2008 و2009 في قضية أخرى.
وشهد سوق العقارات المباعة في دبي -وهو أحد أعمدة اقتصاد الإمارة- تراجعا بنسبة 46% في الربع الأول من 2018، بينما تراجع سوق العقارات الجاهزة بنسبة 24%.
وكانت دبي قد جمدت خلال السنوات الماضية بعض مشروعات العقارات السكنية والتجارية وألغت أخرى.
على الرغم مما يحمله الكشف الأخير حول سوق العقارات في دبي من قلق، إلا أن حكومة الولايات المتحدة تحتاج إلى علاج المشاكل على أرضها أولًا لتحقيق تقدم حقيقي. ويجب عليها أيضًا أن تعيد النظر بجدية في علاقتها بالإمارات.
 

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version