المشهد اليمني الأول/
أكد موقع «ذي إنترسبت» أن الهجوم على الحديدة، يعد «فشلاً كبيراً للولايات المتحدة في كبح شركائها في التحالف، الذين يعتمدون إلى حد كبير على (إمدادات) الأسلحة الأمريكية، والدعم الاستخباري واللوجستي».
ونقل الموقع عن مسؤولين أمريكيين سابقين، ممن سبق لهم العمل في البيت الأبيض ووزارة الخارجية، وعدد من كوادر المنظمات الإغاثية والخبراء في الشأن اليمني، قولهم إن «الهجوم شكل علامة على أن الولايات المتحدة تسمح لحلفاء، مثل السعودية والإمارات بقيادة قرارات السياسة الأمريكية في اليمن». وفي هذا المجال، أفادت كايت كايزر، وهي مديرة قسم السياسة في المنظمة الحقوقية الأمريكية «وين ويذاوت وور»، بأن «هجوم الإمارات على الحديدة ما هو إلا مثال آخر على قيام إدارة ترامب بإلحاق السياسة الأمريكية في اليمن، بركب الدول الخليجية».
وتابعت كايزر بالقول إنه «وعوضاً من منع الهجوم (على الحديدة)، وهو أمر قامت به الولايات المتحدة مرتين من قبل، أصدر (وزير الخارجية) مايك بومبيو بياناً ضعيفاً يعطي الإمارات الضوء الأخضر لقتل مئات آلاف الناس من دون استراتيجية سياسية، أو هدف نهائي»، مشيرة إلى أن «الاعتقاد بأن هذا الهجوم سوف يجلب الحوثيين إلى طاولة التفاوض يعد ضرباً من الخيال».
وعن الذرائع التي تسوقها دول «التحالف» لتبرير العملية العسكرية في الحديدة، أوضح جيرمي كونيندك للموقع، أن تلك الذرائع «تشكل استعادة للوعود التي قطعوها في العام 2015، قبل شن الهجوم على عدن»، محذراً من أنه «حتى في حال تكلل الهجوم على الحديدة بالنجاح، من الناحية العسكرية، فإنه سوف يترك تأثيراً مدمراً على المدنيين اليمنيين».
وأجرى كونيندك مقارنة بين العملية العسكرية التي شنتها قوات «التحالف» في عدن في العام 2015، وبين العملية الجارية حالياً في الحديدة، لاحظاً أن «عواقب» الهجوم على ميناء عدن كانت «أقل ضراوة، لأن معظم اليمنيين لم يكونوا يعتمدون عليه بشكل تام، وكلي»، فيما يهدد الهجوم على ميناء الحديدة بـ «نفاذ الأغذية، والوقود اللازم لدعم نظام شبكات المياه، والعمليات الإغاثية»، وبـ «وقوع أعداد كبير من الوفيات»، لا سيما وأنه «لا يوجد خيار (إضافي) للحصول على الإمدادات (الإنسانية)». وأردف كونيندك، الذي شغل منصب مدير الوكالة الأمريكية للمساعدات الخارجية في حالات الكوارث، أن السعوديين، والإماراتيين «جادلوا وقتذاك، بأن السيطرة على المدينة من شأنها ان تضع ضغوطاً سياسية على الحوثيين، وإتاحة المجال أمام تدفق المساعدات الإنسانية بشكل حر عبر الميناء». وأضاف: «بعد مرور ثلاث سنوات، فإن أياً من تلك الوعود قد تحقق».
وذكّر «ذي انترسبت» بأن الإمارات أرادت تدشين عملية عسكرية باتجاه الحديدة في العام 2016، قبل أن تتراجع في فترة لاحقة إثر اتصال هاتفي أجرته مستشارة الرئيس الأمريكي السابق لشؤون الأمن القومي سوزان رايس مع ولي عهد إمارة أبوظبي محمد بن زايد، لتبلغه عدم دعم واشنطن للعملية المذكورة، مشيراً إلى أن إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب تبدو «أقل حدة» في معارضتها للأمر.
ومع الإشارة إلى المواقف التي كان قد أدلى بها كبير مبعوثي وزارة الخارجية الأمريكية للشرق الأوسط، ديفيد ساترفيلد خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، والتي حذر فيها كلاً من الرياض وأبوظبي من مغبة الهجوم على الحديدة، أورد الموقع أن «العديد من المسؤولين السابقين في إدارة أوباما بدأوا يشعرون بالقلق من أن يكون قد تم نقل رسالة مختلفة (من إدارة ترامب) إلى السعوديين، والإماراتيين»، وذلك على خلفية ما جاء على لسان السفير الأمريكي لدى اليمن، ماثيو تولر، إبان جلسة مغلقة غير رسمية نظمها «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن، من أن الهجوم على الميناء اليمني الاستراتيجي «قد يحظى بتأييد شعبي (في أوساط اليمنيين)»، «ويفضي إلى طرد الحوثيين من المدينة»، مع تقليل الديبلوماسي الأمريكي من أهمية التبعات الإنسانية للعملية، معتبراً إياها «مبالغاً فيها».
ولفت الموقع إلى أن العديد من الشخصيات التي حضرت الجلسة «غير الرسمية» التي نظمها مركز الدراسات المذكور في واشنطن، «فوجئت بالتناقض بين تعلقيات تولر في الجلسات الخاصة، والبيانات العلنية الصادرة عن وزارة الخارجية». هذا، ووفق ما أفاد به أحد المصادر ممن حضرت الاجتماع، والذي رفض الكشف عن اسمه، فإن مواقف تولر تعد «إشارة مبكرة على أنه حتى وزارة الخارجية لا تأخذ سياستها الخاصة بها على محمل الجد».
وبحسب «ذي انترسبت»، فإن «لدى تولر سجلاً حافلاً في اتخاذ المواقف المؤيدة للتحالف». وعلى هذا الأساس، نقل الموقع عن مسؤولين أمريكيين سابقين في إدارة أوباما، ومسؤول حالي في وزارة الخارجية قولهم إن السفير الأمريكي لدى اليمن «يعتقد أن أي هجوم عسكري ناجح ضد الحوثيين من شأنه أن يحسن فرص عقد محادثات سلام لانه سوف يشكل ضغطاً عليهم من أجل التفاوض بشأن التسوية».