المشهد اليمني الأول| خاص
مخرجات لقاء بن سلمان مع حكام أمريكا ومؤشرات التصعد العسكري ودور محمد بن زايد في سياق الصراع على ملك المملكة و جديد تفجيرات “الجزء الثاني” قراءة للأبعاد والخلفيات
تقرير: حميد منصور القطواني
من الواضح أن الجانب الأمريكي عمل على دراسة الخيارات التي أمامه لإبقاء طمع محمد بن سلمان بالملك تحت السيطرة وتقييده من اللعب بالنار التي قد تمتد لتخرج المنطقة برمتها عن السيطرة لصالح تنظيم داعش الذي ينتظر الفرصة المؤاتيه لتنصيب أبو بكر البغدادي من على منبر الكعبة قبلة امة المليار مسلم خليفة ليس على جغرافيا المملكة فقط ل لمئات الملايين من المسلمين المهيئين لمبايعة داعش.
من المعروف والبديهي أن الأمريكي ليست مشكلته مع محمد بن سلمان في الولاء ومدى الاستعداد الالتزام “الانبطاح” للرؤية والسياسيات الأمريكية وإنما المشكلة مع افتقاد بن سلمان لأدنى مستويات الخبرة و عدم امتلاكه أي مؤهلات سياسية أو عسكرية ليقود المملكة ويدير الملفات الإقليمية والمصالح الأمريكية في المنطقة .
كما يرى صانع القرار الأمريكي أن بن نايف هو المملكة داخليا لسنوات طويلة بما يجعله الأجدر والأكفاء كزجل للمرحلة للحالية للسيطرة على التداعيات القادمة بعدما فشلت المملكة في كل الملفات الخارجية وهذا يجعل الوضع الداخلي أولوية قصوى لدى صانع القرار الأمريكي حتى للا تخرج الامور عن السيطرة كانعكاس لتراكمات الفشل.
لكن المشكلة التي تواجهه ليست صحته حسب ما نشرته وسائل الإعلام الأمريكية وإنما طموح بن سلمان وحاشيته التي تقوده وتفكر بالنيابة عنه و التي وظفت صلاحيات الملك لجمع أهم مرتكزات الحكم في المملكة في يد بن سلمان فعملت على الانفراد بالموارد المالية وخصخصة الشركات الكبرى وتم بيعها لصالح بن سلمان وهذا ما منحه امتيازات مالية واقتصادية مكنته من التفوق على تيار بن نايف و عززت من فرص سيطرته على الملك. كذلك يرى منظري أمريكا ان مما يعزز قوة بن سلمان على منافسه هي القطاعات العسكرية التابعة له والتي ربما لن تمكنه من الوصول الى الملك ولكن قد تعيق تيار بن نايف من الوصول الى الملك في وقت يحتاج بن نايف لكل قدراته وطاقاته لاحتواء التداعيات القادمة وخصوصا تضخم ونفوذ المؤسسة الوهابية وجناحها المسلح داعش . أضف إلى ذلك انحياز ودعم المؤسسة الوهابية _السلطة الحاكمة الثانية بعد الأسرة المالكة _ لـ تيار محمد بن سلمان … المسارات التي كانت امام حكام أمريكا
المسار الأول
القبول بمحمد بن سلمان ملك قادم ودعمه والتخلي عن رجلهم المفضل محمد بن نايف الذي يعتبر بالنسبة للأمريكي انه هو المملكة داخليا ورجل المرحلة وصمام امان استراتيجي لكبح جماح المؤسسة الوهابية وقمع وترويض مخرجاتها الإرهابية المسلحة في كل مرحلة وإبقاءها مجرد أداة ضمن اللعبة الكبرى.
وعلى ما يبدوا من المؤشرات والمعطيات الكثيرة ما بعد عودة بن سلمان ان أمريكا بمؤسساتها لم تتبنى هذا الخيار الذي حاول الإعلام الأمريكي رسم صورة بان أصحاب القرار الأمريكي اعتمدوا هذا الخيار ولم يتبقى الا التتويج فقط وانه في ظرف زمني لا يتعدى ايام معدوده وبشكل ارتجالي غير قناعات حكام أمريكا التي تشكلت لسنوات عبر دراسات متعمقة ومستفيضة .
المسار الثاني
أمام مؤسسات الحكم الأمريكية هو الرفض المباشر وهذا الخيار ايضا استبعد ، لان الأمريكي يدرك ان الوحش داعش الذي لقح بطريقة غير شرعية عبر المخابرات الأمريكية في رحم المؤسسة الوهابية بمباركة ورعاية الأسرة الحاكمة ينتظر ساعة الصفر والفرصة لإعلان دولة الخرافة و مبايعة ابو بكر البغداد خليفة للمسلمين من على الكعبة بما تعنيه للمسلمين دينا وسياسيا كما أن المؤسسة الوهابية الأم الوحيدة لداعش صارت الأكثر نفوذا شعبيا و ماليا ورسميا وتغلغلاً في القطاعات العسكرية التابعة لمحمد بن سلمان بعد الحرب على اليمن التي مكن فيها بن سلمان لمبشري الخلافة من السيطرة على التوجيه المعنوية الذي يعتبر الفكر والجدان في تلك القطاعات العسكرية التابعة له .
أضف إلى ذلك أن المؤسسة الوهابية صارت تمتلك جناح عسكري له قبوله وحضوره في المملكة .. بما يجعل حضوض ذلك المولود المشوهة أقوى واكبر من كل التيارات الأسرية المتصارعة ولن يتورعوا في الوقت الذي يرونه مناسب من الانقلاب عليهم وفي حسبه بسيطة أيهما يمتلك جاذبية اكبر و رؤية أوسع جغرافيا ووجدانيا ، مشروع الأسرة التي لا يتعدى مصالح أفراد تلك الأسرة ام مشروع وحلم الخلافة الواسعة والتي تتعدى الجغرافيا والسياسية .
معركة الفلوجة التي كانت معركة خالصة لمحاربة الإرهاب المتفق على توصيفه ومحاربته على مستوى العالم وإجماع الدول الإسلامية.
إمام الحرم المكي الذي دعا بكل صراحة وعلى الهواء وعبر عشرات القنوات الفضائية للمجاهدين في الفلوجة ضد الروافض والمجوس الكفرة والملحدين والذي يعتبر هذا الموقف من إمام الحرم المكي احد ابرز رجال المؤسسة الوهابية في المملكة إعلان صريح لا لبس فيه عن توظيف وتجنيد قبلة المسلمين بما تحمله من رمزيه لدعم تنظيم داعش ،وهذا مؤشر لمدى القوى والنفوذ الذي وصلت إليه المؤسسة الوهابية التي صار لديه جناح مسلح يمتلك الشعبية العارمة وتوظيف قبلة المسلمين لصالحه والدعم المالي و الخبرات التنظيمية والقتالية والإدارية ولم يتبقى إلا إعلان أبو بكر البغدادي خليفة للحجاز والشام من على منبر الكعبة ..
المسار الثالث
أمام الحاكم الأمريكي هو الاحتواء والترويض والمسايرة: للوصول إلى تجريد محمد بن سلمان من كل مرتكزات قوته لصالح منافسيه .. ويظهر من سلوك الأمريكي انه اعتمد هذا الخيار واستبعد الخيارين السابقين لما ذكرناه سابقا و بداء بتنفيذ هذا الخيار وفق رؤية تتضمن العديد من الخطوات والإجراءات والذي لا يستبعد ان هذه الرؤية اعدت سلفا و لم تكن غائبة عن صانع القرار الأمريكي بل كانت ضمن احتمالاته وهذا يظهر في سلوكه الواضح الذي سوف نتطرق اليه في المحاور التالية في الجزء الاخير من هذا التقرير يتبع الجزء الثالث والاخير. سيناريو الذي رسمه الامريكي لترويض بن سلمان وكيف استطاع تجريده من مركزات القوة المالية والعسكرية وتحالفه مع المؤسسة الوهابية التي كان يتفوق بها على منافيسه.