المشهد اليمني الأول/
كشفت بعض الصحف الاميركية عن صفقة شارفت على الانتهاء بين قطر وعائلة جاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترامب ومستشاره الأول، تقوم فيها هيئة الاستثمار القطرية، من خلال شركة كندية، بإنقاذ عقار متعثر مملوك لعائلة كوشنر ، وأفادت بأن والد جاريد كوشنر وصل مرحلة متقدمة في التفاوض مع شركة “بروكفيلد العقارية” الكندية التي تمتلك فيها هيئة الاستثمار القطرية الحكومية ثاني أكبر الحصص، وتقضي الاتفاقية قيد البحث بأن تدخل الشركة الكندية شريكًا استراتيجيًا تؤول إليه إدارة برج كوشنر الموجود في 666 الجادة الخامسة في نيويورك.
وقالت نيويورك تايمز إنه “بالرغم من أن جاريد كوشنر نأى بنفسه قانونيًا من البزنيس العائلي منذ دخول البيت الأبيض، إلا أن هذه الصفقة ستزيد من مشاكله السابقة في الحصول على الترخيص الأمني المطلوب لكبار موظفي الإدارة،” وذلك بسبب ما وصفته الصحيفة بتضارب المصالح، كون “الصفقة تعني أن دولة خارجية تتحصل على نفوذ داخل البيت الأبيض”.
فيما نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، تقريراً عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يُظهر تزاوج الأعمال التجارية الخاصة والسطوة الملكية في عائلته، وكيفية تكديسه للثروات التي لطالما اعتقد، حين كان في سنّ المراهقة، أنه محرومٌ منها، بعدما “اكتشف” في سن مبكرة، أن والده كان “فقيرا”ً، مقارنة بباقي أبناء عبد العزيز، مؤسس المملكة.
وبحسب الصحيفة، فقد كان محمد بن سلمان في سنّ المراهقة، حين أدرك أن والده، الأمير سلمان، وبالمقاييس الملكية السعودية، كان “فقيراً”، وكان يعيل عائلته مادياً، من “المنح” التي يقدمها له أخوه الملك فهد بن عبد العزيز، فيما كدّس أولاد مؤسس المملكة الثروات من خلال الأعمال الحكومية. وقد قرر محمد بن سلمان، المراهق حينها، تغيير هذا الواقع، بحسب ما أسرّ لمساعدين له، تقول “وول ستريت جورنال”.
هكذا وبعد قرابة عقدين من الزمن، أصبح سلمان بن عبد العزيز ملكاً، وابنه محمد ولي العهد الذي يريد أن يحارب الفساد وأن يُماشي اقتصاد السعودية وفقاً للمعايير الحديثة. لكنه أيضاً، كما ترى الصحيفة الأميركية، “ثري بشكل خيالي”، وهو حصل خلال السنوات الماضية على أحد أضخم اليخوت في العالم، وقصر فرنسي، ولوحة لليوناردو دا فينشي تقدر بـ450 مليون دولار، تبرع بها لاحقاً للإمارات.
ومن بين الارتباطات المالية، أن الأمير محمد بن سلمان يشغل منصب المدير التنفيذي لشركة إنتاج مواد كيميائية، مزودةٍ لشركات كبرى تملكها الدولة، وهو يملك أيضاً 20 بالمئة من أسهمها، بحسب ما تظهر ملفات للشركة يعود آخرها إلى العام الماضي. كما أن وثائق سعودية تُظهر أن شركة يملك أغلبية أسهمها شقيقان لولي العهد السعودي يصغرانه سناً، تمّ منحها رخصة لشبكة اتصالات بالإنترنت كانت محل تنافس.. بالإضافة إلى ذلك، ساهم محمد بن سلمان في العام 2015، في هندسة صفقة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، بين عملاق الطيران الأوروبي “إيرباص أس إي” وشركة الخطوط الجوية السعودية المملوكة للدولة، وذلك بحسب وثائق اطلعت عليها “وول ستريت جورنال” ومقابلات أجرتها مع أشخاص مطلعين على الصفقة. وقد وفرت الصفقة عشرات الملايين من الدولارات لعائلة ولي العهد السعودي. وقررت “إيرباص” المضي بالصفقة مع عائلة الملك سلمان، بالرغم من تحفظاتها بشأن انعدام الوضوح في الحدود بين المنافع المالية الحكومية والخاصة، وذلك أيضاً بحسب مطلعين على الموضوع.
وتعود الصحيفة في مقالها إلى “صدمة” ولي العهد السعودي في بداية الألفية الثالثة، حين أدرك أن والده، الذي شغل منصب حاكم الرياض لعقود، “ليس غنياً”. وهو عمل في الاستثمار في البورصة السعودية بحثاً عن “الاستقلالية المادية”، وذلك طيلة سنوات الدراسة الثانوية والجامعية. وقد قال لأشخاص، بحسب الصحيفة، إنه جمع مئات ملايين الدولارات في بداية العقد الحالي، مع تبوئه مناصب حكومية عديدة.
وفي موازاة ذلك، توغل بن سلمان في عالم التجارة. وتظهر وثائق شركات سعودية يعود آخرها للعام 2017، أنه يملك حصصاً في خمس شركات تطوير عقارية على الأقل، وفي شركة إعادة تدوير. كما يملك حصة في شركة “وطن” لإنتاج المواد الكيميائية، المزودة لشركات وطنية، منها “أرامكو”.. في هذه الأثناء، برزت شركة تدعى “ثروات” كلاعب أساسي في نشاطات عائلة محمد بن سلمان التجارية. وبحسب سجلات تجارية سعودية، كان شقيق ولي العهد السعودي، تركي بن سلمان، يملك 99 في المئة من هذه الشركة حتى شهر مايو/أيار 2017، فيما حصة الواحد في المئة الباقية بيد شقيق آخر لابن سلمان، نايف. وبعد ذلك التاريخ، استحوذ تركي على كامل الشركة، كما يؤكد عامر السلهام، الرئيس التنفيذي لـ”ثروات”.
ويقول أشخاص عدة على علم بالموضوع، إن محمد بن سلمان هو الذي يسيطر ويستفيد عملياً من تجارة “ثروات”، التي تتنوع اهتماماتها، من مزارع تربية الأسماك، إلى قطاع التكنولوجيا، إلى المطاعم.
وبموازاة استثماراتها في مجالات عدة، فقد حصلت “ثروات” على فرصةٍ ثمينة من خلال شركة الخطوط الجوية السعودية “المتعثرة”، حين توصلت الأخيرة في العام 2014، إلى صفقة مع “إيرباص” لتجديد أسطولها المتقادم.
وبحسب “وول ستريت جورنال”، فإن عائلة محمد بن سلمان كانت في ذلك الوقت تبحث عن استثمارها الخاص في مجال الطائرات.
واستحوذت “ثروات” في العام 2014 على 54 في المئة من أسهم “مصرف كوانتوم للاستثمار” الذي يتخذ من دبي مقراً له، وأصبح الأمير تركي، شقيق محمد سلمان، رئيساً له.
وأنشأ مديرون في “كوانتوم” وفي مصرف آخر أصغر حجماً شركة حملت اسم “إنترناشيونال إيرفايننس كورب”، لدخول عالم تأجير الطائرات. وأدارت هذه الشركة صندوقاً يحمل اسم “أليف”، صمم ليتقيد بالمعايير الإسلامية. ووافقت “إيرباص” على الاستثمار في “أليف” بمبلغ 100 مليون دولار، إذا قام هذا الصندوق بشراء طائراتها حصراً. وفي 23 يونيو/حزيران 2014، أقامت “إيرباص” و”إنترناشيونال إيرفايننس كورب” حفل توقيع في العاصمة البريطانية لندن، لإعلان إطلاق الصندوق الجديد، الذي يهدف إلى جمع خمسة مليارات دولار، على شكل أسهمٍ وديون، بحسب الوثائق التي اطلعت عليها “وول ستريت جورنال”.
وتقول الصحيفة الأميركية إن هذه الصفقة تمّ تجميدها في يناير/كانون الثاني 2015، حين توفي الملك عبد الله بن عبد العزيز.
وبعد تولي سلمان العرش، أبلغ مسؤولون سعوديون “إيرباص” بأن لديهم خطة جديدة: فبدلاً من أن تبيع “إيرباص” طائراتها للحكومة السعودية، تقوم ببيعها لصندوق “أليف”، المرتبط بعائلة بن سلمان، على أن يؤجرها لشركة الخطوط الجوية السعودية.
وبحسب مطلعين على هذه العملية، فإن الخطوط الجوية السعودية لم تطلب عروضاً تنافسية من شركات التأجير، بل رفضت عروضاً من شركات سعت لتقديم أسعار أفضل، لتقوم في النهاية باختيار “أليف” لكي تبرم الصفقة معها.
وتشير الصحيفة إلى أمرين في ما خصّ هذه الصفقة: تحفظات “إيرباص” في البداية من جهة، ومن جهة أخرى استغراب مسؤولين سعوديين من فائدة توقيع الخطوط الجوية الوطنية صفقة بهذا الحجم، عوضاً عن شراء الطائرات، التي ستؤمن لها حسماً كبيراً إذا ما وصلت إلى 50 طائرة.
وأخيراً، تقول الصحيفة إن وثائق تتعلق بصفقات اطلعتْ عليها ومقابلات تظهر سلسلة من المعاملات تصب في النهاية في صالح “ثروات”، شركة محمد بن سلمان. وتبدأ السلسلة بمصرف “كوانتوم”.