المشهد اليمني الأول| متابعات
بين سلسلة التفجيرات التي شهدتها السعودية خلال الايام القليلة الماضية، يبقى التفجير الإنتحاري الذي وقع في محيط المسجد النبوي في المدينة المنورة، يثير العديد من التساؤلات حوله، فكيف تجرأت “داعش” على استهداف مثل هذا المكان الذي لا يختلف اثنان من المسلمين حول قدسيته؟.
نظرة سريعة الى بيان وزارة الداخلية السعودية حول التفجير الإنتحاري الذي شهدته المدينة المنورة في يوم الاثنين 4 تموز / يوليو، تكشف جوانب خطيرة من العمل الشنيع الذي اقدمت عليه “داعش”، فقد جاء في جانب من هذا البيان:”انه لدى حلول صلاة المغرب بالمدينة المنورة اشتبه رجال الأمن في أحد الأشخاص أثناء توجهه إلى المسجد النبوي الشريف عبر أرض فضاء تستخدم كمواقف لسيارات الزوار، وعند مبادرتهم في اعتراضه قام بتفجير نفسه بحزام ناسف مما نتج عنه مقتله واستشهاد اربعة من رجال الأمن وإصابة خمسة آخرين”.
بيان وزارة الداخلية السعودية يؤكد بما لا يقبل الشك ان الإنتحاري كان ينوي الدخول الى المسجد النبوي الذي يضم قبر الرسول الاكرم (ص)، وقت صلاة المغرب ليفجر نفسه هناك، في تحد صارخ لمشاعر اكثر من مليار ونصف المليار مسلم، وفي عمل لا يمكن وصفه الا بالحرب على الله والرسول (ص) وجميع المسلمين والانسانية جمعاء.
ان افشال مخطط “داعش” في تفجير قبر الرسول (ص)، جنب الأمة الإسلامية فتنة كبرى، كانت ستأتي على ما تبقى من جسدها المثخن بجروح الفتن، ولكن هذا لا يعنى ان “داعش” وباقي التكفيريين لن يحاولوا مرة اخرى واخرى، فهذا الفعل الشنيع هو من أقدس الأعمال لديهم ويعتبرونه فريضة غائبة، فهؤلاء يستمدون عقيدتهم من الوهابية المبنية على افكار إمامهم ابن تيمية الذي كان يحرم زيارة قبر النبي (ص) والصلاة والدعاء عنده، اما تلميذه ابن القيم الجوزية فكان أكثر صراحة من شيخه ابن تيمية، فأفتى بوجوب هدم قبة قبر النبي(ص) وإخراج قبره من المسجد، وهو ما اراد فعله مشايخ الوهابية لدى تأسيس الدول السعودية قبل 80 عاما، مما اثار حفيظة المسلمين، فخاف الملك ابن سعود على ملكه، فمنعهم من ذلك، إلا أنهم هدموا بقية القباب المبنية على قبور الأئمة من أهل البيت (ع) في البقيع وغيرها.
هدم القبة النبوية الشريفة مازال هدفاً مقدسا لدى مشايخ الوهابية، فقد أفتى ابن باز عدة فتاوى بوجوب هدمها، ولكن بصورة غير مباشرة منها قوله:”لا يجوز البناء على القبور، لا مسجد ولا غير مسجد ولا قبة، وأن هذا من المحرمات العظيمة، ومن وسائل الشرك فلا يجوز فعل ذلك، وإذا وقع فالواجب على ولاة الأمور إزالته وهدمه، وألا يبقى على القبور مساجد، ولا قباب”.
اما الشيخ الوهابي مقبل الوادعي فقد كتب رسالة يطالب فيها بصراحة وقحة بإخراج قبر النبي (ص) من المسجد النبوي، وهذه الرسالة أُقرّت ومنح عليها شهادة الماجستير في السعودية، اما الشيخ الألباني فكان يقول:”أنا لا أصلي في الحرم النبوي لوجود القبر فيه، ويجب إخراجه”!!.
هذه الرؤية الوهابية الى أشرف قبر على وجه البسيطة، هي التي جرأت “الدواعش”، على تطبيق فتاوى مشايخهم في هذا الشأن، فلن تجد وهابيا واحد مهما علا شأنه او دنى، يرفض عقيدة ابن تيمية وابن قيم الجوزية وابن عبدالوهاب، بضرورة هدم قبر النبي(ص)، كما لا تجد وهابيا واحد يمكن ان يرفض فتاوى كبار مشايخ الوهابية من امثال بن باز وغيره في ضرورة هدم القبة المشرفة واخراج قبر النبي (ص) من المسجد النبوي، فهذه العقيدة وهذه الفتاوى تطبع سنويا في السعودية في كتب نفيسة بملايين النسخ وتوزع في مختلف انحاء العالم، لذلك فمن النفاق الفاضح، ان يُدين شخص ما يقدس هذه الكتب، فعل مختل عقلي يقرأها ويعمل على تطبيقها!!.
نقلًا عن موقع “شفقنا”