المشهد اليمني الأول/
إذا ما تجاوزنا الحديث عن معضلة البناء في ظل الحرب والحصار وتفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية جراء استمرار العدوان السعودي الأمريكي على بلادنا فإن مطلب بناء الدولة ظل وسيبقى على رأس التطلعات التي ينشدها شعبنا العظيم ويحلم بها منذ عقود طويلة.
وحتى لا تبقى دعوة الرئيس الصماد لبناء الدولة مجرد شعار للاستهلاك الإعلامي، على النحو الذي عرفناه في ظل النظام السابق، فلا بد من الفصل ابتداءً بين المفهوم الإداري لبناء الدولة، وبين الإطار السياسي الحامل للدولة ولمشروع التغيير.
إدارياً، لا يمكن بناء مؤسسات الدولة، إلا باتباع المنهجية المتعارف عليها دولياً فيما يتعلق بالكفاءة والخبرة، وتقديم هذا المعيار على أية اعتبارات أخرى، وبحيث تصبح الوظيفة العامة أداة الانجاز والبناء التراكمي، على عكس الطريقة المعتادة في التعامل مع الإدارة ووظائف الدولة كمدخل للإرضاء وشراء الولاءات التي تخدم السلطة الحاكمة.
من هذا المنطلق فإن إعادة بناء الدولة إدارياً يتطلب حملة تصحيح جادة وموضوعية وعلمية، مع الشجاعة في إعادة النظر في التوصيف الوظيفي للجهاز الحكومي والقطاع العام بشكل عام، وتشذيب كل الزوائد التي ترهق الإدارة العامة للدولة.
ولن يكتب لحملة كهذه النجاح إلا إذا توفرت للقيادة السياسية القناعة الكاملة أنها تبني دولة لكل اليمنيين وليس لجماعة أو حزب أو فئة بعينها!
في الشق السياسي أيضاً يمكن القول أن بناء دولة قوية ومقتدرة ومؤسساتية لن يقود بالضرورة إلى دولة ديمقراطية وعادلة، وهنا لا غنى عن الرؤية السياسية لبناء الدولة بحيث يتفاهم كل الفاعلين في المشهد السياسي على عقد اجتماعي جديد تتضح فيه معالم النظام السياسي المنشود، بحيث يكون بناء الدولة في إطار النظام السياسي المتوافق عليه مجتمعياً. وليس سراً القول أن اليمنيين بمختلف فئاتهم مع النظام الجمهوري الديمقراطي وبركنيه الأساسيين: التعددية الحزبية، والتداول السلمي للسلطة.
عدا ذلك فإن بناء الدولة دون رؤية سياسية سيفضي حتماً إلى إنتاج النظام السابق بما كان عليه من فساد واستبداد سياسي!!
والله من وراء القصد..
بقلم/ عبدالله علي صبري