المشهد اليمني الأول/
هل كانت تتوقع السعودية مثل هذا اليوم الـ26مارس 2015 أي قبل ثلاث سنوات عندما دشنت عمليات” عاصفة الحزم” وقصفت صنعاء، أن تستيقظ العاصمة الرياض طوال ليلة البارحة بعد قصف أربع مطارات من بينها مطار خالد الدولي في الرياض بصواريخ بالستية قادمة من اليمن!؟
نتذكر جيدا الناطق الرسمي للتحالف الذي تقوده السعودية للعدوان على اليمن بعد ساعات من تدشين العمليات العسكرية وهو يعلن في مؤتمر صحفي تحقيق الجزء الأكبر من المهام العسكرية “للعاصفة ” الكثير اعتقدوا انه بعد اسبوع واحد ستكون القوات التابعة للتحالف في صنعاء تتجهز لمطارة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي قائد أنصار الله في صعدة ، أو حجة، مثلما كانت تضج وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي المؤيدة للسعودية ولهذه الحرب، والكثير من بينهم رئيس تحرير هذه الصحيفة رأي اليوم الأستاذ عبد الباري عطوان أكدوا أن السعودية دخلت في متاهة عملاقة ومأزق كبير في جبال اليمن العصية تاريخيا على الغزو.
من حق السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي قائد أنصار الله أن يدشن العام الرابع من الصمود في مواجهة الحرب التي تقودها السعودية بمساعدة عسكرية أمريكية معلنة، بالإعلان عن منظومة صواريخ باليستية تخترق الدفاعات الجوية التي تمتلكها السعودية وتحريك غير مسبوق للمؤسسة العسكرية، ويطلب من اليمنيين مواصلة الصمود والتعاون في مواجهة غطرسة من يديرون التحالف.
لن نتطرق كثيرا إلى الخطاب ولا أيضا إلى الهلع الكبير الذي عاشته السعودية وهي تعايش سقوط قرابة سبعة صواريخ باليستية صُورت من خلال رواد التواصل الاجتماعي السعوديين وبثوها في صفحاتهم، بل علينا الذهاب إلى ما هو أصعب على التحالف وعلى السعودية إذا ما استمر هذا التصاعد في القوة العسكرية اليمنية وهذا الزخم في الصمود، مقابل حالة التفكك وواقع القوى التي لا تزال في صف السعودية وظروف المناطق التي تمكن التحالف من دخولها وتحديدا المحافظات الجنوبية اليمنية.
ميدان السبعين في العاصمة صنعاء شهد يوم الاثنين 26 مارس، مهرجان مليوني لإحياء الذكرى الثالثة من الصمود وإفشال الغزو السعودي الإماراتي تحت عنوان “إعادة الشرعية ” وبالمناسبة هذه ” الشرعية ” محتجزة في الرياض ولا يتمكن رئيسها هادي من العودة، وهذا ما أكده أعضاء استقالوا من حكومته ومن بينهم عبد العزيز جباري نائب رئيس وزراء حكومة بن دغر ، بعد أن كان الحديث عن إقامة جبرية لهادي في الرياض يتردد على ألسنة شخصيات ومواقع غير رسمية على الأقل بالنسبة للتحالف و” للشرعية المزعومة “.
نعود إلى المهرجان الواسع في العاصمة صنعاء والذي يختلف كليا عن مهرجان العام الماضي بعد غياب صالح، وحضور حزبه برئاسة صادق أمين ابو راس الذي أعلن استمرار تحالفه مع أنصار الله خلافا لما كانت تعتقد السعودية، وخلافا أيضا لرهان بعض الأطراف التي اعتقدت حصول انشقاق عمودي في العاصمة صنعاء يضعف مواجهة العدوان، هذا الاحتشاد يحدث بوجود المبعوث الدولي الجديد لليمن البريطاني ماتن غريفث الذي بلا شك أنه سيعود بانطباع مختلف كثيرا أو هكذا نعتقد.
من أين تأتي ثقة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي والرئيس صالح الصماد والقوى السياسية الحليفة بأن القادم من الأيام سيكون صعبا على التحالف والسعودية وأن الخيارات المتاحة اليوم هي أقوى من السابق رغم مرور ثلاث اعوام من الحرب والقصف والعمليات العسكريات والمليارات التي تنفقها السعودية في هذه الحرب، بينما كان الرهان هو تآكل القوى المناهضة للعدوان وتضاعف الخسائر نتيجة الحصار والقصف الذي لم يوجع سوى المدنيين.
من يراقب مسار التجهيزات والإعداد وفتح المعسكرات والمناورات اليومية والاجتماعات القبلية والعمل الدؤوب على تطوير القدرات العسكرية سواء في منظومات الصواريخ أو الدفاعات الجوية أو القوات البرية والبحرية سيدرك إلى أمدى اليمنيون قادرون على مواصلة تغيير المعدلة بالإمكانيات البسيطة مثلهم مثل الشعوب التي تعرضت لعدوان مماثل لا يستند إلى شرعية محلية ومرفوض من الطلقة والغارة الأولى، عدا عن تطبيع الحياة السياسية لمصلحة أنصار الله الذين باتوا هم الرقم الأصعب وخاصة بعد أن تمكنوا من تكوين تحالف قبلي كبير وكسب تأييد غالبية مشائخ القبائل في اليمن بما في ذلك قبائل الطوق (وهي قبائل حاشد وبكيل).
في المقابل تفكك جبهة العدوان سواء الخارجية وتململ عدد من الدول التي أعلنت مشاركتها ضمن التحالف وخروج البعض منه ومن بينها قطر أو الجبهة الداخلية، فما يأتي من عدن والمحافظات الجنوبية التي دخلها التحالف غير مشجع مطلقا ويتضمن الكثير من المرارة، وهو ما وسع من دائرة من يقولون بانحراف التحالف عن مهامه التي كانوا يؤمنون بها، والحقيقة أن هذا الجزء يحتوي على الكثير من الخلط لأن التحالف غير مشروع وكارثي من اللحظة الأولى لإعلانه.
*طالب الحسني