المشهد اليمني الأول/
لم يعد خافياً على أحد ما يرسم له النظام الإماراتي من توسيع للسيطرة وتعزيز للنفوذ في العديد من الدول العربية, ظناً منه أنه قادر بما يملك من أموال ودعم أمريكي, أن يجعل في يوم من الأيام الإمارات «دولة مهمة» لها القدرة على التحكم بشعوب المنطقة من خلال الاستثمار في الإرهاب وفي لعبة تقسيم الدول العربية، فقد أثبتت العديد من التقارير الاستخباراتية مؤخراً، تنامي المحاولات المحمومة التي تقوم بها الإمارات لتقسيم الدول العربية، لبسط نفوذها في المنطقة والسيطرة على سلطة القرار والموارد فيها.
في اليمن, دخلت الإمارات غمار العدوان وعينها منذ اليوم الأول على المصالح الاقتصادية والاستراتيجية, وهدفها هو الاستحواذ على مقدرات اليمن من نفط وغاز، وعليه فقد شرعت منذ البداية بتنفيذ خطتها الهادفة لتقسيم اليمن لتسهيل السيطرة عليه بما يملك من موارد وموقع مهم فتح شهية النظام الإماراتي الذي اختار أن يكون الجنوب اليمني نقطة الانطلاق نحو التقسيم المشتهى.
والأكيد أن اختيار الجنوب لم يكن عبثياً بل كان طمعاً مدروساً بتحقيق نفوذ بحري للإمارات في الشرق الأوسط، والحصول على دور استراتيجي أكبر في المنطقة, فالموقع المهم للجنوب اليمني وإطلالته على البحر الأحمر من جهة والمحيط الهندي من جهة أخرى، يضاعف المطامع الإماراتية في السيطرة عليه.
ولا تقتصر الأطماع الإماراتية على الشق الآسيوي وإنما تمددت إلى إفريقيا, ففي الصومال يعمل النظام الإماراتي على تحقيق مكاسب اقتصادية واستراتيجية داخل ما يسمى إقليم «أرض الصومال» الذي أعلن عام 1991 استقلاله عن الصومال رغم عدم الاعتراف الدولي به, ورغم ذلك لم تتردد الإمارات بتوطيد علاقاتها مع الانفصاليين والقيام باستثمارات بمليارات الدولارات.
هذا الدعم الإماراتي السخي عزاه محللون إلى الرغبة الإماراتية القديمة الجديدة بتقسيم الصومال وتفكيكه، ولذلك اتفقت مع قادة الإقليم على تدريب «جيش أرض الصومال» رغم علمها يقيناً بخططه الانفصالية عن دولة الصومال, وذلك مقابل إنشاء قاعدة عسكرية إماراتية في بربرة. ناهيك بامتلاك «أرض الصومال» احتياطياً واعداً من النفط يجعل من الإمارات التي تدير ميناء بربرة, الأوفر حظاً للاستفادة من ذلك النفط على حساب وحدة الصومال، إذ إنه لن تحصل الإمارات على كل هذه الامتيازات مع صومال موحد.
الدور الإماراتي الخبيث لا يتوقف عند حدود الصومال فقط، بل امتد إلى ليبيا وخاصة جنوبها الذي يحتوي على احتياطي كبير من النفط، وقد أثبتت العديد من التقارير الاستخباراتية دعم حكام الإمارات القوي لقبائل التبو التي تسعى للانفصال عن ليبيا من أجل دفعها لبث المزيد من الفوضى والعنف في الجنوب حتى يسهل إعلان الانفصال كما حصل مع «دولة جنوب السودان» بالاستعانة بمرتزقة أفارقة, وتكوين دولة مستقلة بغرض إضعاف الدولة المركزية لتتمكن أبو ظبي من السيطرة عليها.
إن النظام الإماراتي في المحصلة يلهث مسعوراً من أجل أطماعه في التوسع وتعزيز النفوذ بما يسمح له أن يصنف بين «الكبار» في المنطقة, لكن هيهات.. فالإمارات للتذكير -إن كان نسي حكامها- هي لا تزال رغم كل جعجعة نظام آل نهيان مجرد إمارات صغيرة محميّة من واشنطن.
*صفاء إسماعيل – تشرين