المشهد اليمني الأول/
اتسمت الطبيعة الأمريكية بالعنف والإجرام الذي يتلوّن طيفاً واسعاً في كل بقاع العالم، ليتصل في مضمونه وتكوينه بطبيعة النظام الحاكم في واشنطن وكل دولة تمتهن العنف وتطبقه إرضاء لمصلحة واشنطن وحلفائها. ومازالت تخطط لتنفيذ حروبها ضد أي دولة ذات سيادة، لمجرد عدم انصياعها لرغباتها وأهوائها.
وتحدث تقرير نشره موقع «استراتيجيك كالتشر فاونديشن» عن أن واشنطن تتجه لإشعال حرب عالمية جديدة، كاستنتاج حتمي مستخلص من ثلاثة سيناريوهات يتم الإعداد لها وتم الكشف عنها. والهدف الأساسي محاولة تأكيد الهيمنة والإيديولوجية الأمريكية على العالم لمصلحة الرأسمالية والإمبريالية. وتعتبر أمريكا أن روسيا والصين هدف أساسي للحرب الأمريكية القادمة ضد هذه الدول الصاعدة يوماً بعد يوم، وخططهما التي ترمي لقيام اتحادات وتحالفات تقف بوجه الهيمنة الأمريكية. لذلك تسعى واشنطن لتدمير سورية وكوريا الديمقراطية وغيرهما باعتبارها دولاً لاتدور في فلك السياسة الأميركية.
وأشار التقرير إلى أن مهمة القوات الأمريكية في سورية لم تكن شرعية يوماً، ولم تأت «لمحاربة» تنظيم «داعش» الإرهابي كما ادعت، بل عبّرت عن عمق النيات الاستعمارية لتوسيع دائرة الحرب، والابتعاد عن تسهيل أي حل سلمي. وها هي ترتكب الجرائم والمجازر بحق المدنيين الأبرياء وتقوم بفبركة فيديوهات وقصص إعلامية وهمية عن (استخدام) سورية للمواد الكيميائية.
ولا ينفصل السيناريو الأمريكي في سورية عن مثيله في أوكرانيا التي تعرضت لانقلاب غير شرعي أطاح بالحكومة الشرعية، ومهّد لدخول قوات أمريكية غازية، تستعد حالياً لغزو وشيك على منطقة دونباس ضمن خطة استعمارية لتنفيذ تطهير عرقي للسكان هناك.
ولفت التقرير للتهديدات التي تتعرض لها كوريا الديمقراطية من أمريكا والتي تندرج تحت خطط واشنطن الاستعمارية بحق الدول ذات السيادة، والتي بدأت بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية، وحملات إعلامية متصاعدة ومختلفة. وتسعى واشنطن لعرقلة الجهود الدبلوماسية المفترض إنجازها بين القيادات الكورية في بيونغ يانغ وسيئول. ففي أثناء قيام قيادات الكوريتين بإحراز تقدم إيجابي لاتفاق سلام، قامت واشنطن بوضع قواعد عسكرية مجهزة بقاذفات صواريخ وطائرات متطورة. فقد صرح نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس في رسالة حادة أثناء حضوره دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في كوريا الجنوبية: «إن الانفراج الأخير بين الكوريتين، سينتهي مع انتهاء الشعلة الأولمبية، وعندما تغلق الألعاب في وقت لاحق من هذا الشهر».
وبيّن التقرير إن استعداد واشنطن لحرب عالمية جديدة، يتم من خلال التطورات المتتالية في السياسة الأمريكية الخارجية، خاصة تجاه سورية وأوكرانيا وكوريا الديمقراطية، والذي يعتبر كعامل ضغط على موسكو والصين سعياً لتحقيق المطامع الأميركية. فقد صرح المحلل السياسي الأمريكي راندي مارتن: «لا يمكن الإنكار أن واشنطن تستعد للحرب ضمن ثلاثة سيناريوهات عالمية. والاستعداد للحرب هو في الواقع حرب». وأضاف: «علينا أن ننظر أيضاً لآخر استعراض للموقف النووي الذي نشرته وزارة الحرب الأمريكية في وقت سابق من هذا الشهر، تعلن فيه أن روسيا والصين هدف، وأنها مستعدة لاستخدام القوة النووية في شن حرب تقليدية».
وبالتالي، فإن ما يعترف به الحكام الأمريكيون ضمناً بتراجع سطوة وهيمنة أميركا على العالم، يأتي ضمن سياق التطور التاريخي، وأن خطط واشنطن العسكرية غير مجدية في ما تحاول تحقيقه بالإكراه الإجرامي. وكما قال مارتن: «يخرج الحكام الأميركيون لإظهار الطبيعة الحقيقية العارية بالرغبة بشن حرب على العالم. لأن أيديولوجيتهم الفائقة، والعسكرية هي الفاشية التي لا تقبل الجدل».