المشهد اليمني الأول/ يحيى الشامي – المسيرة نت
الصمود في زمن اليمن وبتوقيت المقاتل اليمني في جبهات العزة يختزله مشهد الإعلام الحربي الشهير للبطل الذي خرج سالماً من وابل الرصاص والذي حصد عقب ساعات من عرضه موجة من الدهشة والانبهار العابر للصورة إلى وجدانية وعمق اللحظة الإنسانية المكثفة.
وفي المشهد يظهر مقاتل يحمل رفيق سلاحه الجريح لإعادته إلى خلف خطوط المواجهة تحت وابل النيران والرصاص التي انتصر عليها.
بعدسة الإعلام الحربي ومداد المقاتل اليمني يُكتب التاريخ، .. ويُدوّن تفاصيل سقوط مرحلة وولادة أخرى عنوانها (عصر الشعوب)..
التقطت كاميرا الإعلام الحربي واحدة من عجائب الألطاف الإلهية نادرة الوقوع في التاريخ وكثيرة الحدوث في جبهات اليمن، المشهد الذي وزّعه بالأمس الإعلام الحربي الخاص بتوثيق أحد مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة في إحدى جبهات الجوف أثناء إخلائه رفيقه الجريح من ساحة المواجهة وسط المعركة وفي ذروة احتدام المواجهة بشتى الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
تحاول كل القراءات أن تقارب المشهد بمعزل عن حيثياته وتفاصيله وإخضاعه لما يُشبهُ التحليل البصري أو تفسيره من زوايا الناظر اليه، وقبل الولوج في هذه القراءات وتفاصيل المشهد نستعرضُ هنا رواية يوسف وهو رفيق السلاح وشاهد.
العيان المجاهد الذي كان حاضر الموقف ضمن فريق المجموعة القتالية في الجبهة، وقد التقيناه بعد تواصل استمر لأيام وكان مرابطاً في إحدى جبهات الحدود، وفي حديثه فيض تواضع يشي بغفلة الأبطال عن نجوميتهم وتحاشيهم أضواء الشهرة، ومن أهم ما ذكرهُ لنا يوسف أن مصوّر الإعلام الحربي في الأصل لم يكن في وارد تصوير المشهد البطولي بل كان منهمكاً في تصوير مشهد عملية الاقتحام على الموقع والذي ينفذه مجاهدو الجيش واللجان على أحد مواقع المنافقين في واحدة من جبهات الجوف، وفي لحظة معينة لفت نظر المصوّر أصوات الرصاص بكثافة على نقطة بعيدة نسبياً من مكان المواجهة المفترض حيث تدور المعركة، ليتجه بعدها المصور- والوراية ليوسف- صوب المكان بعد أن تفاجأ بمشهد البطل الذي يُخلي جسد رفيقه الجريح الى مكان آمن بعيداً عن الرصاص والقناصة بعد أن تجاوز قُرابة النصف كيلو متر، يوسف أضاف أن المصوّر لم يشرع في التصوير الا بعد مسافة كبيرة قطعها المجاهد المسعف، وهي المسافة التي انطلق منها وتُعد أكثر خطورة لناحية كثافة النيران كونه كان في النقطة الأقرب إلى العدو ونيرانه، وتُعطي هذه الشهادة الحية قيمة نوعية كبيرة إلى المشهد البطولي باعتبار أن ما وُثق منه الجزء الأخير والأقل خطورة، وأشار يوسف إلى أن البطل رفض التمهّل والانتظار إلى حين انخفاض مستوى التهديد وقال بالحرف الواحد (إما نعيش معاً أو نستشهد سوياً)، أضاف يوسف قائلاً: وفّق الله رفيقنا لعمل عظيم وهو عمل عادة ما يحصل بتواتر في الجبهات من ألطاف إلهية تعوّدنا عليها في كل الجهات غير أن الله شاء لهذا العمل أن يظهر ويخرج للناس ليكونوا على ثقة بأن الله لا يخلف وعده.
تفاصيل المشهد وزوايا الصورة:
في أرضٍ يُشرف عليها العدو من كل جانب لا ساتر يحمي من رصاص ولا منجا من نيران المتوسط والخفيف من الأسلحة، يخترق هذا المجاهد قواعدَ الاشتباك ويجتاز خط النار وشبكته الممتدة في أطراف الجوف الشرقية، ليُخْليَ جسد رفيقه الجريح ..
المصور وأثناء تعقبه بعدسة كامرته عملية هجومية يشنّها أبطال الجيش واللجان الشعبية على إحدى التباب الجبلية في واحدة من جبهات الجوف، يلفت انتباهه كثافة النيران المشتعلة في نقطة بعيدة نسبياً عن موضع المواجهات، ومن هنا بدأت قصة التوثيق بعد دقائق من بداية عملية الإخلاء نفسها في لحظة احتدام المواجهة بأنواع الأسلحة.. يجري المجاهد في خط النار الملتهب يساير الرصاص لمسافة تزيد عن النصف كيلومتر، قبل أن يُدير ظهره لها وعلى ظهره الجريح عائداً به الى نقطة آمنة من ساحة المعركة.
دقيقتان وسبع عشرة ثانيةً فقط .. هي كل ما وثقته عدسة الإعلام الحربي من عمر طويل مختزل، اقتسماه مناصفةً وسط النيران مجاهدان .. جريح ومسعفه..
يقول خبراء بصريون عاينوا المشهد أنه ومن أصوات الأسلحة المستخدمة ضد المجاهد المسعف يتبين أن السلاح قناصة وكلاشنكوف بالإضافة الى معدل رشاش عيار 14.
الخطوة بطلقة قناص.. أما الرصاص فزخات .. التقطت الكاميرا منها ما أثار الغبار، ينجو من طلقة ويدوس أخرى هازئاً بعدوّه وساخراً من حصار النار في مشهد لا يوصف بعبارة ولا يقرأ من زاوية ولا يقارن بتضحية ولا يقارب من موضع وما بين التقاط الأنفاس ولفظها لا التفاتة عن قرار بحياة يتشاركانها معاً أو بشهادة يتوجان بها معاً..
يجري برفيقه حيناً ويمشي حينا لكنه لا يتوقف لالتقاط أنفاسه.. بل لا يلتفت الى مصدر النار ولا إلى موضع سقوطها بالقرب منه، وهي تحيط به من كل جانب عن يمينه وشماله ومن تحته ومن فوقه، أما هو فقد أحاط نفسه بقبة حديدية من الإيمان وهو الذي يعرف أنه ليس مدرعا من رصاص النمرود .. وبأنه قد لن يعود .. قطع المسافة بردا وسلاما لا يعترض طريقه سوى حجيرات على الطريق يخشاها أن تزعج رفيقه الجريح
أرجع البصر مرة ومرتين وعشراً كم ترى من فيض عطاء وصدق وفاء في لحظة اختزلت صورة اليمن المحاصر والمحارب بشتى أنواع الأسلحة الحديثة من طائرات وبارجات وجيوش زاحفة ومرتزقة في حرب فقدت معاييرها كليةً وصارت مضرب الأمثلة في لا إنسانيتها وغياب الجانب الأخلاقي فيها..
قال الخبراء بعد معاينتهم المشهد أنه كان المسعفُ ليكفيَه شرف المحاولة .. لو أنه قرر في منتصف الطريق التراجع أو الاستسلام و النجاة بنفسه.. وقد خلصت كل الآراء و الأقوال والمقالات إلى أنه ليس في مناهج الاكاديميات العسكرية ما يُفسر المشهد .. ولا في القوانين الدولية ما ينظّر له أو يمهد ولو بإشارة إلى ما يُشابهه أو يماثلهُ.
قراءات ووقفات تأمل على المشهد:
وهنا قراءة تفصيلية للصحفي الكبير صلاح الدكاك في حوار صحفي قصير بعد عرض المشهد الشهير عليه:
س: بعد مشاهدتكم المشهد عدّة مرات ما هو انطباعكم أو قراءتكم السريعة له؟
– نحن أمام مقطع فيديو يوثق في إحدى الجبهات هذا المقاطع في العادة لا تعرض في التقارير الإخبارية إذ أن الإخباريين والصحفيين يأخذون الجانب الإخباري أو الجانب الذي يوثق لخسائر العدو وكذا تقدمات ابطالنا في الجيش واللجان الشعبية، وهنا نحن أمام مشهد مغاير، أنا فقط منذ نصف ساعة تقريبا شاهدت هذا الفيديو وصدمت، اندهشت بهذا الفيديو واعتقد أن أي محلل بصري أو محلل عسكري سيصدم لأنه سيتفاجأ بمقاتل يقطع مسافة طويلة يحمل أحد الجرحى من رفاقه باتجاه جرف بعيد الضفة الأخرى وهو من كل الجهات الأربع في مرمى نيران العدو، سيسأل المشاهد اذاً اين كانت الكاميرا التي توثق هذا المشهد، المقاتل المسعف الذي يخلي رفيقه كان أيضا غافلاً عن هذه الكاميرا ليس تتبع احد المحترفين ولا حتى بالمعنى الحرفي للإعلام الحربي، هي كاميرا أحد رفاقه، يوثقه وهو غافل عن هذه الكاميرا.
لا يعني لديه مهمة في رأسه هذه المهمة أن يخلي زميله من ارض المعركة حتى لا يقع أسيراً في يد العدو، هناك مسافة يقطعها لا يركز حتى على مصادر إطلاق النار، الرصاص الذي يعبر افقيا بجوار المقاتل كثيف جدا ويمكن فقط ملاحظته من سماع أصوات الرصاص في الفيديو المعروض الرصاصات التي تصطدم بالأرض هي تصطدم بالقرب من المقاتل بمسافة سقف من أقدام المقاتل وهو يخطو ويعبر على هذه الرصاصات حتى انه لا يلتفت بأي اتجاه.
س: كيف يُمكن أن نؤصل للمشهد وفق تجارب سابقة أو قواعد عسكرية علمية موجودة لدى الجيوش والمدارس والاكاديميات؟
– هناك قاعدة في حروب أو في الاشتباك العسكري، يقول تشي جي فارا وهو رائد مدرسة حرب الأنصار أو حرب المغاوير، أن مهمة المقاتل ان يخلي رفيقه لا أن يغفل العدو فالإخلاء دائما هي عملية مركبة تقتضي حرفية وتقتضي أيضا أخلاقاً عالية، وإيثاراً عالياً، أنت هناك تحمل بدل البندقية تحمل رفيقك، الرفيق المقاتل في الفيديو جريح ليس شهيد وأعتقد لو كان شهيداً لكانت المهمة أهون، لكن جريح أي انه يريد أن يكسب الوقت، الجريح يمكن ان يستشهد أيضا، في الأحوال العادية لمقاتل غير عقائدي، نحن نتحدث هنا عن مقاتل عقائدي بالإضافة إلى حرفيته، هذا المقاتل عقائدي في هذا الفيديو في الاحوال العادية للمقاتل غير العقائدي يمكن أن يتخلى عن الشهيد إذا كان يسعف شهيدا أو يخلي شهيداً، لم نشاهد علامة ذعر أو ارتباك في خطوه، متأنياً كأنه يسير في مشهد عادي غير آبه بالرصاص من حوله لا يلتفت باتجاه مصدر النار، ومصدر النار طبعا في منطقة منبسطة قاع صفصف مكشوف من كل الجهات، في مرمى العدو تماما لا يلتفت لا يذعر لا يبدي ارتباكاً لا يستسلم .
س ( مقاطعاً ) للتنويه فقط .. مصور الإعلام الحربي يصور دون علم المسعف.
– صحيح فغفلة البطل عن الكاميرا أيضا كانت تتيح له عدة أشياء، غافل لا يعرف أن أحداً كان يصوره من مكان ما أو من زاوية ما، كانت يمكن أن تتيح له أن يستسلم أن يتعثر لكنه غير آبه، لديه مهمة ينفذها، يمكن أن نقول أن كمية الرصاص التي أطلقت عليه بعد نجاحه في إخلاء رفيقه الجريح، ارتدت إلى صدور مطلقيها فقتلت مطلقيها.
وبالإمكان أن نتصور أو نقرأ المسكوت عنه في هذا الفيديو الجانب الآخر الذي في العتمة، العدو وهو يطلق النار هو في حالة نفسية محبطة تماما هو متموضع بشكل مريح لديه هدف واضح في قاع منبسط ويطلق النار بغزارة ولا ينجح، هذه تصيبه بإحباط، وهو يطلق النار أيضا من أكثر من جهة، من بندقية ومن عيار ناري ، بينما المقاتل هنا وحيد في صحراء، واحد بقوام كتيبة، كان العدو في الطرف الآخر يواجه كتيبة ، المقاتل هنا غير محتفٍ غير مذعور وهو يؤدي مهمته بنجاح رغم انها الأصعب، قياسا بالمسافة والظرف الذي يسعف فيه رفيقه الجريح.
في حالة مقاتل غير عقائدي فإن المقاتل الذي يسعف رفيقه الجريح، سيكتفي بأن يقطع ثلث المسافة، طبعا الكاميرا، لم تلتقط المسافة التي اسعف منها المقاتل رفيقه، بل التقطت ربما الثلث الأخير من هذه المسافة وهذا يدل على طول المسافة، إذ كان يمكن انه اسقط واجباً وإذا يكفي إلى هنا هذه مهمة مستحيلة، لكنه كان يمكن أن توصف هذا المشهد بأنه شهيد يسعف جريح، المقاتل هنا شهيد مؤكد لأنه في مرمى النيران بالكامل، ورفيقه الذي يسعفه هو جريح، المسعف عرضة للقتل، بينما الجريح هو عملياً يعتبر عاثراً، اذا هنا شهيد يسعف جريحاً، الشهيد هو المقاتل الذي يقوم بعملية الإخلاء والمهمة بالمعايير العادية او في ظل مقاتل غير عقائدي كما قلت، أو كما أسلفت، المهمة مستحيلة، لكنه أنجزها وفي اللحظة التي اختفى فيها المقاتل برفيقه خلف الجرف وبعيداً عن مرمى نيران العدو أعتقد ان مطلقي النار قد أصيبوا في مقتل مؤكد، مقتل معنوي ومقتل نفسي ومقتل أخلاقي.
أنت لا تضحي بزميلك ولا تبيح جثته إذا الجريح هنا يتحول إلى قيمة اكبر من المقاتل بالنسبة لرفيقه الذي يثمنه ليس من خلال جهده في المعركة لكن قيمته الأخلاقية كرامته الآدمية ورفاقية هذا المقاتل.
س: هذه جزئية من مشهد عام للصمود والمواجهة و الاشتباك ..ما الذي تعطيه أو تضيفه؟
– بالتأكيد أنت الآن تتحدث اذا نظرت أو إذا علقنا على زي المقاتل في هذا الفيديو المقاتل، بسيط، لا يرتدي زياً عسكرياً أو ميري معيناً ليس لديه حقيبة، إذا يشبه عملياً شعباً هو تكثيف لعملية شعبية صرفة، هذا التكثيف هو أيضا هو في سياق صمود، هذا يعكس ويسحب نفسه على سياق الشارع اليمني، إذا أنت تتكلم عن خلاصة مشهد شعبي يقاتل على قدمين، هذا المشهد يجسده المقاتل بشكل كثيف وشكل واضح واعتقد أن هذا الفيديو يمكن أن يصدم معايير ومقاييس أي خبير عسكري يعلق عليه أو أي خبير بصري، لأنه من النادر ان يحدث حتى عندما تلاحظ أنه لا يستخدم التكتيك، من خلال هذا الفيديو لا يتكتك من اجل إسعاف زميله لا يموه لا ينبطح لا يتردد خطواته واثقة لم يتعثر في لحظة من لحظات الإسعاف ولم يقطع مسيرته باتجاه المنطقة غير المكشوفة للعدو.
قراءة عسكرية للمشهد:
مشدوهون أمام نجاح مهمة يصفونها بالمستحيلة، يقف العسكريون على المشهد الأسطوري معتبرين الانجاز لحظة مقتطعة من أسطورة الصمود اليماني واستشرافا لحقيقة النصر واختباراً لمناهج الأكاديميات العسكرية ومحكاً لنظريات الحرب وقواعد القتال الموضوعة، وهنا يعلق الخبير العسكري العقيد عابد الثور بالقول:
هذه المهمة تعد وفق التصنيفات العسكرية للمهام مستحيلة، وهي نادرة الحدوث وتحتاج الى مقاتل يمتلك مخزوناً من العقيدة أو يتسلح بالعقيدة، وهي نادرة الحدوث وأعتبرها واحدة من معجزات القرن، وتعطي صورة مختزلة عن اليمني وعن صلابته وبسالته وجلادته وحرفيته وإنسانيته، ويجب أن يُكرم هذان البطلان ويُمنحان وسام الشجاعة، لأنهما عرّفا العالم من هو اليمني وكيف هو وماهي عقيدته، وهما بطبيعة الحال عنوان لصمودنا ولانتصارنا وعنوان لكرامتنا ولعزتنا وعنوان لشهدائنا ولمن يُجرح منا.
التحليل البصري للمشهد
* وبعد عرض المشهد على خبير التحليل البصري علي ناصيف رئيس الجالية السوريّة في اليمن علق بالقول:
أنا شفت هذا المشهد ادهشني في الحقيقة، المشهد غير عادي أبدا أبدا أبدا، أول ملاحظة عليه أن هناك قدرة عظيمة وقفت مع هذا الرجل لا بد أنها قدرة الله، يعني كان فيه توفيق كبير من الله حمته من كل هذا الرصاص الكثيف، هذا شيء غير عادي هذا أولاً..
ثانيا.. هذا الرجل نفسه يمنحك شعوراً انه مقاتل غير عادي استثنائي .. المقاتل اليمني حقيقة ليس في هذا المشهد وحده في كثير من المشاهد اثبت أنه مقاتل اسطورة وليس مقاتلاً عادياً، مقاتل أسطورة حقيقة، لا الاساطير والملاحم سجلت ما سجله المقاتل اليمني فقد سجل العجائب في هذه الحرب، سجّل الاساطير سجل أشياء لم يتوقعها انسان ولم تتوقعها كتب، شيء غير عادي سجل في هذه الحرب لصالح المقاتل اليماني، هذا من جهة، الجهة الثانية هذا المقاتل أيضا ترى فيه هذا وفاء غير طبيعي، يعني هو أثناء إنقاذه رفيقه الجريح وهو نفسه ممكن يكون شهيداً أو قتيلاً في أي لحظة يعني لم يكن لديه أي اهتمام حتى بنفسه بروحه، هذه شجاعة غير عادية، انظر الى وجهه انظر إلى جسده تلاحظ انه لا يتحرك ولا ينتبه ولا يرف وكأن لا شيء يجري من حوله أبداً أبداً يعني كان عنده هدف ثابت هو انقاذ صديقة وحقيقة أثبت المهمة ونجح فيها، شيء أنا اعتبره لقطة من التاريخ ان تسجل مثل هذه اللقطة.
شيء آخر حقيقة لو أخذنا من الناحية الرياضية واللياقة الجسدية واضح ان هذا المقاتل بنيته ضعيفة ،واضح تماما من الصورة أن البنية ضعيفة كيف استطاع ان ينقذ رفيقه تحت هذه النيران وتحت هذا الضغط النفسي و يمشي كل هذه المسافة ويحمل وزناً ربما اكبر من وزنه – على الغالب بوزنه او اكبر من وزنه- يمشي كل هذه المسافة بدون توقف من دون تمهل بدون أي شيء هذا شيء عجيب حقيقةً، أنا أدهشني هذا المنظر ومن الناحية النفسية أيضا، شيء معجزة، هذه الإرادة التي يملكها هذا المقاتل إرادة غير عادية، إرادة غير طبيعية، إرادة كبيرة جداً، ان يستطيع انسان يحمل هذه الإرادة ويتصرف بهذا الشكل وبهذا الجبروت، هذا لم يعد شجاعاً هذا فوق الجبروت فوق الشجاعة، حقيقةَ أدهشني كثيراً.
ويبقى ما سبق مجرد قراءات أثارها أحد مشاهد الاعلام الحربي الذي يحوي في ارشيفه من دوامغ الأدلة ما يثبت أن السلاح بلا عقيدة لا يجدي امام مقاتل سلاحه العقيدة .. عقيدة تجلت صموداً في الصبر، وإلهاماً في القتال وإبداعًا في الدفاع، وفق منظومة أخلاق متجذرة في نفوس تشرّبت القرآن هدى فأينع ثمرُهُ في كل ميدان وجبهة وساحة.