المشهد اليمني الأول/
أفاد موقع «ميدل إيست آي» أن تحالف العدوان الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن، يجري تحقيقات بما يقل عن 15 في المائة فقط من إجمالي الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني، والتي يشتبه بوقوعها إبان الحرب الدائرة هناك منذ مارس من العام 2015.
وكشف «ميدل إيست آي»، نقلاً عن تقرير لوزارة الدفاع البريطانية، أن لجنة التحقيق، التي شكلها «التحالف»، أجرت تحقيقات في 41 غارة جوية يشتبه بتسببها بوقوع ضحايا مدنيين، من أصل ما يزيد على 318 غارة جوية يزعم مخالفتها للقانون الدولي الإنساني.
وفي هذا الإطار، ذكر الموقع الإلكتروني، أن وزارة الدفاع البريطانية، ترفض نفي أو تأكيد المزاعم في شأن استخدام الأسلحة البريطانية الصنع في تلك الانتهاكات داخل اليمن، وتدعو «التحالف» إلى القيام بالتحقيقات اللازمة على هذا الصعيد، مشيراً إلى أن «ضباط الارتباط» البريطانيين الموجودين في مقر القوات الجوية السعودية داخل الرياض، مهمتهم تنحصر بالمراقبة والإشراف على عمليات «التحالف».
هذا، وعاد «ميدل إيست آي» إلى مطالعة كان قد أدلى بها وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البريطانية، أليستر بورت، أمام البرلمان في نوفمبر الفائت، قال فيها إن «ضباط الارتباط التابعين لسلاح الجو الملكي البريطاني يضطلعون بمهام مراقبة عمليات التحالف الذي تتزعمه المملكة العربية السعودية، ويزودون وزارة الدفاع البريطانية بمعلومات، وقاعدة بيانات في هذا الخصوص»، مع نفي بورت أي دور لهؤلاء الضباط سواء لناحية المشاركة في تنفيذ غارات «التحالف»، أو في عملية صنع القرار وتوجيه تلك الغارات.
وفي معرض رده على استجواب برلماني هذا الأسبوع، شدد بورت على أن الحكومة البريطانية ترحب بالتقارير الصادرة عن لجنة التحقيق المشار إليها، كونها «تظهر الاستعداد المتواصل من جانب التحالف، لإجراء تحقيقات شاملة وشفافة وقاطعة، إزاء التقارير المتعلقة بوقوع انتهاكات مزعومة للقانون الدولي الإنساني».
إلى ذلك، شرح «ميدل إيست آي» أن انخفاض العدد الإجمالي للتحقيقات التي تولاها «التحالف» في ما يخص انتهاكات القانون الدولي الإنساني في اليمن، دفع بمسؤولين بريطانيين سابقين إلى القول إن «التحالف»، الذي تقوده الرياض، «يضع فروضه المنزلية بنفسه»، في إشارة إلى كون الرياض هي الخصم والحكم على هذا الصعيد.
وبحسب ما أفاد النائب البريطاني المحافظ، أندرو ميتشيل، الذي سبق أن شغل منصب وزير التنمية الدولية: «إن المخاوف التي يتم التعبير عنها على نطاق واسع في شأن انتهاك قواعد الحرب (في اليمن)، وعدم استقلالية التحقيقات اللاحقة بتلك الانتهاكات بصورة تامة وحقيقية، تعد مصدر قلق إضافي جراء الكارثة (الإنسانية) الدولية في اليمن، التي لا تزال تتزايد وتيرتها».
أما أندرو سميث، الناطق باسم منظمة «مكافحة بيع الأسلحة»، فقد قال بدوره إنه «لا يمكن الوثوق بالمملكة العربية السعودية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، أو لمراعاة أبسط حقوق الإنسان للشعب السعودي، إلا أن بوريس جونسون، وتيريزا ماي قد كلفاها إجراء التحقيق في جرائم الحرب (في اليمن)». وأكمل سميث «إن هذا الفشل التام في إخضاع السعودية نفسها للمحاسبة لا ينبغي أن يفاجىء أحداً على الإطلاق».
كذلك، توقف الموقع عند «الانتقادات الشديدة» التي واجهها عمل لجنة التحقيق التابعة لـ «التحالف»، لا سيما تلك التي تتهمها بـ«تبييض» (تزييف) معطيات التقارير التي تضعها، إذ عكفت تلك اللجنة في إحدى الحالات، على تبرير عدة غارات «قاتلة»، من بينها غارة جوية أسفرت عن مقتل رضيعين داخل إحدى العيادات في اليمن، بدعوى وجود مسلحين.
ومع اقتراب موعد زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للعاصمة البريطانية، لفت «ميدل إيست آي» إلى أن الناشطين المعترضين على الزيارة سوف يعيدون التذكير بالقواعد القانونية التي تنظم صادرات الأسلحة البريطانية، بحيث تنص تلك القواعد على وجوب عدم تصدير السلاح في حال وجود «خطر واضح» من إمكانية استخدامها خلافاً للقوانين الدولية.
وأوضح الموقع أن ما جاء في تقرير وزارة الدفاع البريطانية «عزز الاتهامات الموجهة إلى وزراء المملكة المتحدة بخصوص استخدامهم للجنة التحقيق المشتركة (التي شكلها التحالف) كغطاء لدى استجوابهم حيال الوضع في اليمن، وكذريعة لمواصلة عقد صفقات الأسلحة المربحة مع السعوديين».
وفي السياق عينه، قال آلان هوغارت، رئيس الشؤون السياسية والحكومية لدى فرع «منظمة العفو الدولية» داخل المملكة المتحدة، إن «الوزراء البريطانيين مطالبين، وعوض التذرع بلجنة التحقيق المشتركة كغطاء لتجنب الإحراج حيال الوضع في اليمن، بدعم التحركات الرامية إلى ضمان قيام تحقيق دولي مناسب بانتهاكات حقوق الانسان من كافة أفرقاء الصراع هناك»، مضيفاً أنه «يجب على المملكة المتحدة أن تفعل الصواب، وأن تبادر إلى وقف تزويد التحالف بالأسلحة، وذلك بالنظر إلى وجود خطر واضح من أن تستخدم في تنفيذ المزيد من الغارات الكارثية في اليمن».
وتابع هوغارت حديثه إلى «ميدل إيست آي»، بالإشارة إلى إخفاق المحققين التابعين لـ «التحالف» بالتحقيق في الغالبية العظمى من الغارات الجوية، وتوصل هؤلاء المحققين في تقاريرهم إلى خلاصات «عامة وشائعة بشكل ملحوظ»، بحيث «بالكاد تضمنت» بعض تلك التقارير فقرة أو نصاً حول غارة، أو ضربة جوية محددة، معتبراً أن عمل فرق التحقيق المشار إليها يرتبط بكونه «وسيلة لإعفاء التحالف من المسؤولية عن أفعاله في اليمن»، أكثر من كونه «تحقيقاً نزيها».
أما إميلي ثورنبيري، وزيرة الخارجية في حكومة الظل البريطانية، فقد دعت رئيسة الحكومة تيريزا ماي إلى «الكف عن الإنحناء والتذلل للرياض».