المشهد اليمني الأول/
قف على مسافة واحدة من أطراف القتال في اليمن !.
تناسى إنتمائاتك ومعتقداتك وكل ذلك لخمس دقائق فقط !
خذ بأحدى يديك جهاز التحكم بالتلفاز ، وباليد الأخرى هاتفك الذكي !
وقم بمشاهدة وتصفح وسائل إعلام كِلا الطرفين على حده !
إبدأ بالحوثيين … الإنقلابيين … أو أياً كان مايطلق عليهم
شاهد قنواتهم الفضائية … دعك من أخبارهم العسكرية والسياسية وما إلى ذلك !
أهتم فقط بمواكب تشييع “قتلاهم” التي لاتنقطع يومياً ، ومقابر شهدائهم كما يسمونها !
أنظر إلى أمهات “القتلى” … أباء القتلى … أبناء القتلى … أسر القتلى … رفاق القتلى …وهم يودعون أبنائهم ، أبائهم ، رفاقهم أقاربهم بشكل شبه يومي أمام العلن وبكل فخر وأعتزاز ، قل عن ذلك جنون … غباء … جهل ، لايهم ، فقط إستمر بالمتابعة !
تصفح مواقعهم الإخبارية ، تابع حسابات ناشطيهم الإعلاميين والسياسيين وكل من يمثلهم !
ستجد كل واحد فيهم ‘نخبهم وعامتهم’ يضع صورة قتيل ،
إما أب أو إبن أو أخ أو قريب أو على أقل تقدير صديق لهم قضى نحبه في هذه الحرب ، كلهم بِلا إستثناء !
طالع صفحاتهم ستجدها تعج بصور “قتلاهم” بقصصهم ، بمئاثرهم ، بمناقبهم !
منهم من يرثي ومنهم من ينعي ، البعض يقدم التهاني والبعض الأخر يقدم التعازي ، لايهم !
كل مايهم أنك ستشعر بأنهم قد فقدوا أحد أفراد أسرتهم ، شخص ما كانو يعرفونه ، قريب منهم ، كان يمشي في الأسواق ويلقي السلام ، يعيش بينهم ويقضي أوقاته معهم ، مهندس ، طبيب ، معلم ، خطيب ، محام ، قاضِ ، جندي وموظف ، له أصدقاء له أقارب له معارف له جيران !
فرد من هذا المجتمع ، يمني يعرفه الجميع وينتمي لهذه الأرض !
ستشعر فعلاً بأنهم يخسرون في كل يوم أحد أعزائهم وأحبائهم ، شخص له علاقة تربطه بمجتمعه وبأرضه وبكل من حوله !
في المقابل ، قم بمتابعة وسائل إعلام الطرف الأخر .. الشرعية … المقاومة … المرتزقة … أحذية سلمان أو أيا ماكان يطلق عليهم !
لن تجد من هذا أي شيء يذكر ، على الإطلاق !
لا مواكب تشييع ، لا صور ، لا أسر ، لا أمهات ، لاشيء أبداً !
أتحداك أن تجد واحد من نخبهم الإعلامية كلف نفسه عناء الكتابة عن قتيل لهم ، أو حتى وضع صورة له “مالم يكن من كبار قاداتهم” !
لم يقوموا بذلك لأنهم لم يعرفونهم أصلاً !
وليس هنالك مايربطهم بتاتاً !
فقط قم بمتابعتهم ، سيراودك شعور غريب بأن قتلى المرتزقة قد أتوا من كوكب أخر ، لا أحد يشعر بغيابهم أو فقدانهم !
مجرد خردوات بالية لم يلتفت لرحيلها أحد ، لاينتمون لمجتمع ولايرتبطون بأرض ، لايشكلون أي نقص أو زيادة ، مجرد “مرتزقة” بإختصار !
لم نسمع من قبل عن طبيب أو مهندس أو أياً من ذلك ، قتل في صفوفهم !
لم نرى أحد من أقاربهم ينعي أو يهني في رحيل أحد أحذية امراء السعودية !
كل ماستلحظه هو أن هناك فجوة و هوة كبيرة بين مقاتليهم وبين مجتمعهم ، ونخبهم وعوامهم الإعلامية والسياسية !
هوة وفجوة تظهر لك ما مشاريعهم وما اهدافهم ومايسعون ورائه !
لو لم تكن يمنياً ، فهذه المقارنة فقط كفيلة بأن تريك منهم أصحاب الحق والأرض في هذه الحرب !
ولو كنت يمنياً سيتوجب عليك أن تكون في صفوف “الإنقلابيين” مالم فأنت تعرف سلفاً بأنك مرتزق تلهث وراء المال والمادة بكل دراية ودون أدنى شك أو أشتباه …!
–
#شهداؤنا_عظماؤنا
بقلم: مالك المداني