المشهد اليمني الأول/ وكالة سبأ – أنس القاضي:
سقطرى.. أرخبيلنا المفقود، لؤلؤة الشعب المُفقر الذي حرم الاستقلال والاستقرار -شرط إنتاج الحياة وتعمير الوطن- هذا الأرخبيل التي نأت به الجغرافيا عن النزاعات الداخلية، لم يعد هادئاً تماماً، فضجيج (القراصنة الجدد) فيه بلغ مسامع كل اليمنيين وساءهم الخبر برغم انقساماتهم الموقفية في الأزمة الراهنة؛ فالكرامة الوطنية التي تُنتهك هي ما تبقى لشعب يُكابر بتاريخه، وبتنوع أرضه وجمالها ولن يبقى له اي قيمة مادية او معنوية اذ ما أقتطعت أجزاء من بلاده وزيف تاريخها.
ماذا تفعل الإمارات هنالك في سقطرى بعيداً عن أرضها، وبعيداً عن ذرائع التدخل العسكري، في جزر تخلوا من مظاهر الحرب وتحشيدتها؟ إن هناك ما هو ابعد من الذرائع والتبريرات التي أنطلت على بعض اليمنيين، فمن توهم التدخل العسكري الاجنبي العدواني حماية “للشرعية”، لم يكن في تصوره ان يترسخ احتلال اجنبي بديلاً عن خصمه الداخلي وأخوه في الأرض والتاريخ والتركيبة النفسية والمصير المشترك!
ليس انتهاءً بطرح مسألة الاستفتاء على سُقطرى، ولا بداية بالمساعدات اللاخيرية، والإغراءات المالية، وبيع حكومة هادي العميلة للأراضي فيها، يواجه الأرخبيل تدمير ونهب منظم لكنوزه، حتى غدت نباتاته وحيواناته وطيوره النادرة قطع للتباهي معروضة في حدائق الإمارات، وصخوره المنيعة قواعد للبحرية الأمريكية، والأرخبيل برمته حجر في رقعة شطرنج التنافس الدولي على طرق الجارة البحرية، ينبئ كل هذا بجولات صراع قادمة وبتوسع خليجي أكبر في سقطرى وسواحل الجمهورية.
تزوير التاريخ والهوية وسرقة الحاضر
تُظهر دولة الامارات مطامعها بطريقة فجة ومهينة للكرامة الوطنية اليمنية، كان اشدها خطورة وهزلية في آن حديث قناتها إسكاي نيوز العربية عن موضوع طرح الاستفتاء (تقرير المصير) لأبناء سقطرى وكأنهُ شعب دون دولة ولا تاريخ وهوية، ولحق التلويح بالاستفتاء مغالطة تاريخية طرحها الباحث الإماراتي «جمعة الجنيبي»، الذي حاول تحريف التاريخ بالقول “ان اصول الأسر السقطرية يعود للإمارات وان العلاقات بين الإماراتيين والسقطريين علاقات قديمة بسبب المصاهرة والنسب، وكثير من الاسر السقطرية هاجرت الى سقطرى قديما”. وهي دعاوي غبية تتجاهل حداثة ظهور دولة الامارات الذي لم يصل الى مئة عام، بالمقارنة مع قدم حضارية سقطرى المدونة في نقوش الفراعنة والاغريق، ومركزها السياسي الحالي كمحافظة في الجمهورية اليمنية، وكانت فيما قبل جزءً من ولاية اليمن العثمانية، وبعدها جزءً من جمهورية اليمني الديمقراطية الشعبية بعد ان اسقط مقاتلي الجبهة القومية في ثورة 14 اكتوبر 1967م السلطنة المهرية التي اتخذت من سقطرى عاصمة لها.. وفي تتبع الانساب فأهالي سقطرى قبائل حميرية تنتسب الى «مهره بن حمدان» كما جاء في كتاب «لسان العرب» للهمداني، وعلى العكس من الاوهام التوسعية الإماراتية ففي التاريخ القديم نجد ان جزر ما تسمى اليوم بالامارات كانت جزءً من المملكة الحميرية، ومن مملكة حضرموت إبان الدولة السبئية.
الغزو السهل!
وجدت دولة الإمارات العربية المتحدة في جزيرة سُقطرى، لقمة سائغة، وفي دخولها انتصارا لم يكلفها جندي، على عكس ما لاقته قواتها في مارب وخاصة في ضربة توشكا صافر، في سقطرى كان دخول الامارات انتصاراً على السلام فقد نجت سُقطرى من نيران الحرب المتقدة في شمال البلاد وجنوبها، في لجة هذه الحرب التي بدأت قبل ثلاثة أعوام، حددت الامارات طريقها نحو سقطرى، ولم يكن التوجه الاماراتي نحو ذلك الأرخبيل القصي عفوياً بل تعزيز لدور اماراتي قديم ومشبوه إزاء جزيرة سقطرى اليمنية كان يقتصر على التجنيس، اتضحت معالمه في هذه الحرب.
أرض الاساطير وحورية بحر
ليس مستغرباً ان توجه الامارات اساطيلها باتجاه سقطرى، هذه الأرض العجيبة هبة الله وإبداع الطبيعة وأرض الأساطير وحورية البحر، تم تصنيفها من قبل منطمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة على أنها واحدة من مناطق الإرث الطبيعي للإنسان ومحمية طبيعية. مؤهلة ان تكون استثمارا سياحيا طبيعيا ورياضيا واستكشافيا وعلميا فريدا، لما تتمتع به من تنوع تظاريسي وحياتي نباتي وبحري وكائنات نادرة، وفي ذات الوقت موقع استراتيجي عسكري، فهي ارخبيل مكون من أربع جزر على المحيط الهندي قبالة سواحل القرن الإفريقي بالقرب من خليج عدن، على بعد 350 كيلومترًا جنوبي الجزيرة العربية وبحيرة النفط العربي. كل هذه العوامل الطبيعية تجعل من سُقطرى، حورية، تسيل لعاب الطامعين والتوسعيين، وقد أسالت لعاب القوى الاستعمارية القديمة من الاحباش والفُرس والبرتغاليين والعثمانيين والبريطانيين.
الاحتلال كأمر واقع وممارسة يومية
فرضت الإمارات سيطرتها العسكرية على سقطرى بمساعدة قوات عسكرية جدندتها لحسابها،، وشرعت ببناء قاعدة عسكرية جوية لها غرب مطار سقطرى، بإشراف ضابط إماراتي يدعى «حسن العطار». وإلى جانب الهيمنة العسكرية، فهناك وسائل ناعمة أخرى من بينها شراء الأراضي من المواطنين، يقودها السمسار الإماراتي «خلفان بن مبارك المزروعي»، والملقب بـ”أبو مبارك”، وهو رئيس الوفد الإماراتي الزائر إلى سقطرى، يعاونه سمسار أمارتي اخر يدعى «محمود فتحي علي الخاجه»، والملقب بـ”أبو طارق”، وعملية الاستيطان بدأت بغطاء خيري من خلال مؤسسة “خليفة الخيرية”. ومن يومها غدت هذه الجزيرة النادرة قبلة للمستثمرين الإماراتيين المدعومين من أفراد من العائلات الحاكمة.
وتمارس الامارات سيادة احتلالية كاملة في الجزيرة، حيث تدير الإمارات مطار سقطرى وتتحكم فيه، وتسير رحلتين بينه وبين أبوظبي لا تخضعان لأي تفتيش أو رقابة من قبل السلطات اليمنية، سواء حكومة صنعاء الوطنية او حكومة هادي العميلة، وقد شغلت الإمارات شركة اتصالات إماراتية في سقطرى. كما فتحت مصنعا للأسماك دون تنسيق مع الحكومة اليمنية سواء الحكومة الوطنية في صنعاء او الحكومة العميلة في الرياض. وكأنها تمارس شئناً داخليا.
وكشف ضباط سابقون في أمن مطار سقطرى أن الإماراتيين يقومون أيضا بعمليات تهريب لثروة حيوانية وبيئية وشعاب مرجانية نادرة من سقطرى، ويقومون بأعمال وحفريات في مناطق أثرية بهدف بناء قصور لهم مطلة على البحر.
شراء الأرض والعرض والضمير الوطني!
حسب مصادر محلية، اغدقت حكومة الامارات بالأموال الطائلة على اعضاء المجالس المحلية، والمشائخ والمسؤوليين الحكوميين والوجاهات، وأفاضت عليهم بالعطايا والهدايا، والشقق والسيارات رباعية الدفع، فاضعفت رابطة السُلطة المحلية بالحكومة اليمنية العميلة للسعودية، ويتصدر قائمة الخونة في هذا الأرخبيل، المحافظ السابق له «سعيد سالم بحقيبه»، ومدير الأمن وقائد اللواء مشاة بحري وقائد البحرية.
تُستكمل الاساليب المالية للسيطرة على سُقطرى، بعملية اخرى تتفادئ الرفض الشعبي للسيطرة الاماراتية، وهي عملية اعادة تشكيل الكيانات القبلية في الجزيرة لشراء ولاءات زعاماتها، يشير إليها الصحفي «عصام الهاشمي» في تحقيق لموقع «العربي الجديد» نشره ديسمبر العام الماضي.
تعمل الامارات على اعادة التشكيل القبلي، رغم هشاشة التنظيم الاجتماعي القبلي في أرخبيل سقطرى عما هو في شمال البلاد نظراً لطبيعة علاقات نشاطهم الاقتصادي القائم بشكل رئيسي على الصيد، وفي هذا الصدد فقد اصدرت محافظة أرخبيل سقطرى تعميم يحمل رقم 5 لسنة 2017 صدر في أكتوبر/تشرين الأول 2017، بشأن إعادة ترتيب وتشكيل العمل القبلي في محافظة أرخبيل سقطرى، والذي دعا فيه محافظ المحافظة أحمد عبدالله علي السقطري سكان الوحدات السكنية والقرى في سقطرى برفع أسماء شيوخ قبائلهم وقراهم ومناطقهم إلى أمناء عموم المجلس المحلي للمديريتين الوحيدتين في محافظة سقطرى (حديبو، وقلنسية) بغرض إعادة ترتيب الوضع القبلي في المحافظة وتشكيل كياناتها القبلية.
تحقيق عصام الهاشمي لموقع العربي الجديد يُشير إلى رفض اهالي سقطرى لمثل هذه الممارسات الإماراتية، جاء على لسان الشيخ صالح بن يعقوب، الوجيه المقيم في مدينة حديبو عاصمة أرخبيل سقطرى، الذي يؤكد أن الإمارات وفي سبيل تشكيل قوات حزام أمني اشبه بالحزام الأمني في عدن وعملت على استبدال إدارة أمن المحافظة بـ”مركز شرطة حديبو الشامل” في منتصف يوليو/تموز 2017. ويشير الشيخ بن يعقوب إلى أن الإمارات قبل أن تشتري الأراضي عملت على شراء الذمم، والتقرب للوجاهات الاجتماعية عبر ابتعاث أبناء الوجاهات الاجتماعية للدراسة في الخارج، وكذا التزوج من فتيات سقطريات لإحكام السيطرة على الجزيرة، وهو ما يعد مدخلا للسيطرة على الجزيرة، حسبما يقول الشيخ بن يعقوب، إذ بلغ عدد الفتيات اللائي تزوجن من إماراتيين 15 فتاة خلال العام الجاري 2017، وفق بيانات الإدارة العامة للتوثيق والرصد بوزارة العدل.
ومن جانب اخر كشفت وثائق معمدة من وزارة العدل التابعة للحكومة العميلة عن عملية بيع أراضي واسعة في إحدى محميات جزيرةسقطرى اليمنية لمندوب مؤسسة خليفة الاماراتية.
وبحسب الوثائق التي نشرتها قناة بلقيس اليمنية، فقد تم بيع أرضية في أرخبيل سقطرى مساحتها 19500 متر مربع والتي بيعت لممثل مؤسسة خليفة ويدعى خلفان المزروعي بقيمة 3 مليون درهم إماراتي.
وحمل وكلاء محافظة أرخبيل سقطرى في رسالة وجهت إلى الحكومة العميلة في يناير الماضي مسؤولية ما تتعرض له الجزيرة من عبث بالأراضي والمنافذ والإيرادات من قبل دولة الإمارات المحتلة.
المتاجرة بالخبز والدين والدواء
تستعين الإمارات في هيمنتها على الجزيرة بمختلف وسائل السيطرة الاجتماعية، تحت عنوان اعادة الاعمار، وتتصدر لقمة العيش التي تقدم لغير وجه الانسانية هذه الوسائل والحيل، عبر «جمعية خليفة الخيرية»، وفي الجانب الصحي فقد استغل الاماراتيون ضعف البُنية الطبيعة في الجزيرة، فقاموا ببناء مستشفى خليفة، ولا تتوقف الرحلات المكوكية لهلال الاحمر الاماراتي، لغاية ايضاً غير انسانية، وقيمة كل ذلك تقتطعها الامارات من نفط وغاز شبوه وفوائد توقيف ميناء عدن لصالح مينا دبي. ولم تكتفي الإمارات بتوظيف الوسائل المادية في الهيمنة فقد لجأت ايضاً الى الوسائل الروحية، ومنها اقامة دورات تدريبية لخطباء الجزيرة ودعاتها داخل أبو ظبي، وكان الشيخ هاني بن بريك وزير الدولة المعين والمقال من قبل حكومة هادي العميلة، هو عراب عملية اعادة صياغة خطباء سقطرى بالدين الذي يرتضيه عيال زايد!
وفي تقرير سابق نشرته صحيفة “البيان” الإماراتية في التاسع من أبريل الماضي تطرق التقرير إلى بعض صور الاستغلال الإماراتي لحال سكان الجزيرة، حيث شمل هذا “الدعم “عددًا من المجالات الخدمية والتنموية والأمنية، حسب ما جاء في ذلك التقرير.
وزارة السياحة تدين الغزو تستنكر التقصير في المقاومة
وزير السياحة في حكومة الإنقاذ الوطني «ناصر باقزقوز»، أدان المساعي الاحتلالية الإمارتية في سقطرى، كما اتهم حكومة هادي بالتواطئ إزاء التغيير الديموغرافي الإماراتي في الجزيرة المصنفة من اليونسكو ضمن قائمة أهم المواقع الطبيعية وإحدى أكبر المحميات الطبيعية في العالم. متهما في ذات الوقت حكومة صنعاء بالتقصير في مقاومة هذا الاحتلال.
وقال باقزقوز في بيان نشرته وكالة الانباء اليمنية سبأ إن “من جاء إلى سقطرى هم لصوص يسرقون الأشجار النادرة يعملون على تجريف كل ماتزخر به هذه البيئة الطبيعية. أبناء سقطرى الآن في حيرة لايستطيعون منفردين مقاومة العدو الإماراتي وأيضاً من تدعي نفسها الشرعية هي متواطئة مع العدو، وأيضاً في صنعاء لايتم الاهتمام بما يحدث في سقطرى، وأيضاً مايحدث حتى في المحافظات الجنوبية مايفعله الإماراتي في الجنوب لايقاوم بالشكل الصحيح من قبل حكومة الإنقاذ والمجلس السياسي في صنعاء”.
علي ناصر لا للمزاد على جزيرتي سقطرى وميون!
الرئيس اليمني علي ناصر محمد رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً، ومحافظ سقطرى إبان حكم التنظيم السياسي للجبهة القومية (الحزب الاشتراكي اليمني لاحقاً)، استنكر في تغريدة له على «تويتر»: وضع جزيرتي سقطرى وميون في المزاد العلني، في اشارة منه الى دعوة الاستفتاء التي اطلقتها وسائل العلام الإماراتية، واعتبر الرئيس ناصر سقطرى وميون أغلى جوهرتين في العالم.
وأضاف: “تابعنا ما يدور هذا الأسبوع في القنوات الفضائية والصحف عن الجزيرتين اللتين كنت يوماً محافظاً لهما، ونحن نطالب القيادة- في إشارة منه للرئيس المستقيل هادي وحكومته القابعة في فنادق الرياض- بأن تعلن موقفاً حازماً وصارماً من التفريط بسيادة الجزر”.
وطالب الرئيس ناصر الشعب “الذي واجه الغزاة عبر التاريخ بأن يقول كلمته”. مشيراً لوجوب مقاومة التوسع الاماراتي.
أبعاد المساعي الإماراتية في سقطرى
من أجل اكتمال السيطرة على منطقة القرن الأفريقي وخليج عدن، من الجانبين الشرقي والغربي، تسعى الإمارات للسيطرة على جزيرة سقطرى، التي تعد مفتاح المنطقة إذ تقع على المحيط الهندي، وقبالة السواحل الأفريقية، وبالقرب من خليج عدن.
فليست جزيرة سقطرى إلا ختاماً للمساعي الاماراتية المحمومة لصناعة نفوذ في هذه المنطقة التي تتيح للمسيطر عليها إمكانية التحكم بطـرق التجـارة العالمية – وفي مقدمته النفط – التي تمر بقناة السويس، وكذلك امتلاك ناصية الهيمنة العسكرية بالسيطرة على ممرات الأساطيل البحرية، الذاهبة والعائدة ما بين المحيطين الهندي والأطلسي، والجزيرة العربية وشرق أفريقيا.
سيطرت الامارات حتى الآن على عدن والمكلا وساحل إقليم أرض الصومال، ولها، قاعدة عسكرية في إريتريا، وتستأجر ميناء جيبوتي ومطارها العسكري. ولا يُمكن عزل الطموحات الإماراتية في التوسع، عن واقع صراع القطبية العالمي فالإمارات فعليا جزء من التوجه الغربي.
الإمبريالية الأمريكية خلف الواجهة العسكرية الإماراتية
تتصدر الإمارات واجهة السيطرة العسكرية في سقطرى، وتخفي فعلية الهيمنية العسكرية للإمبريالية الأمريكية في هذه المنطقة البحرية المفصلية.
تتكشف خيوط المؤامرة على سقطرى والجنوب اليمني عموماً، فمن كان يعلم بوجود قائد للقوات الأمريكية في سقطرى رغم انها لا تمتلك أي قاعدة رسمية فيها؟ اصبحت مثل هذه الحقيقة معروفة وذلك تسرب وثيقة تميط اللثام عن جهود السفيران الإماراتي والسعودي في واشنطون لإقناع أمريكا بالتدخل المباشر في اليمن، الوثيقة التي تتضمن إخطاراً من السفير السعودي في واشنطون لولي العهد السعودي بموافقة وزير الدفاع الأميركي، «جيمس ماتيس»، على تعديلات مطروحة من قبل ولي عهد الإمارات، «محمد بن زايد»، على خطة (مصيدة العقرب) أخطر ما فيها كشفها بأن الجنرال «جوزيف فوتيل» -الذي سيقود مصيدة العقرب- معين كقائد لقوات المارينز في قاعدة العند وجزيرة سقطرى .
والعين الأمريكية لا ترتقب سقطرى منذ اليوم، ففي الثاني من يناير 2010 عقد الجنرال «ديفيد بتريوس» قائد القيادة الوسطى الأمريكية في صنعاء اجتماعًا مع الرئيس اليمني الاسبق علي عبد اللـه صالح في العاصمة صنعاء، لمناقشة الطلب الأمريكي إقامة قاعدة عسكرية في الجزيرة. تحت ذريعة تقديم المزيد من الدعم العسكري واللوجيستي في المعارك ضد الإرهاب وضد عمليات القرصنة البحرية التي تحدث بالقرب من السواحل الصومالية. وباندلاع الثورة الشبابية الشعبية في 11 فبراير 2011م تعرقلت هذه الخطوة الأمريكية.
فوفق ما ورد في تقرير استخباراتي نشره موقع “تاكتيكال ريبورت” المتخصص في تقديم معلومات استخبارية حول الطاقة والدفاع في الشرق الأوسط، فإن ولي عهد الإمارات «محمد بن زايد» كشف أمام قادة عسكريين إماراتيين رفيعي المستوى عن رغبته في “تعزيز دور البحرية الإماراتية” في تأمين ساحل اليمن حتى مضيق باب المندب، ضمن خطة استراتيجية لتوسيع الانتشار العسكري في مضيق هرمز وساحل اليمن وباب المندب وحتى سواحل القرن الأفريقي.
الخاتمة:
طموحات الامارات في جزيرة سقطرى جزء من طموحاتها في سواحل اليمن، وفي منطقة القرن الأفريقي، بشكل عام، وهي طموحات قائمة على النفوذ الاستعماري المفروض بالقوة العسكرية وباستغلال فقر الشعوب، وليس على التفوق السلمي العلمي التقني والديبلوماسي، وباعتبار الامارات كياناً وظيفياً للمعسكر الغربي وليس كما تدعي انها عروبية مستقلة تحارب “مداً فارسياً”، فمشيخات الخليج ملحقة أمنيا بأمريكا الإمبريالية.
وجزيرة سقطرى برغم انها جزء من مشروع استعماري أكبر، إلا أنها في ذات الوقت هدفاً بذاتها فمميزات ارخبيلها الحيوية والطبيعية والجيوسياسية تجعلها هدفاً بذاتها وعرضة للمطامع والحملات الإستعمارية القديمة والحديثة.
يكشف تسارع الاحداث وبروز الطموحات الإماراتية عن المحرك الرئيسي لدول “التحالف العربي” في تدخلها العسكري العدواني في اليمن، الذي يضع مصالحه التوسعية فوق المصالح الوطنية لشعبنا اليمني، وفوق الذرائع الذي قدمها لهم عملائها هي تفضحهم فيما يلتزمون الصمت.
تكمن خطورة هذه الاساليب الاماراتية إذا استطاعت عبرها ان تجتزئ أرخبيل سقطرى ان تعممها الامارات او السعودية وغيرها هذه التجربة على بقية المناطق اليمنية، وعبر التاريخ لم يكن جوع شعب مُحاصر تحت الحرب أمراً يُشرعن الاستيلاء على أرضه وتاريخه وحاضره لقاء لقمة الخبز وشراء ولاءات نخبه خائنة فيه، فكيف ونحن نعلم ان الاموال التي تنهب من الجمهورية في ظل العدوان، هي اكبر مما تنفقه هذه الدول في عدوانها وإحتلالها لبعض المحافظات اليمنية التي سقط بأيدي الغزاة.
تتزامن هذه المساعي الاماراتية في سقطرى، في ظل سباق سعودي اماراتي توسعي يهدد سيادة ووحدة الجغرافيا اليمنية، وغدت المهرة الهادئة المسالمة احدى محطاته، فإليها توجهت السعودية ببناء مركز وهابي وأرسلت الجنود، وأخر الاخبار من الغيضة هي: مقتل مواطن من سلطنة عومان، وتهمة الأباضية جاهزة كدافع عقائدي للوهابيون، ويبدوا ان ازعاج سلطنة عمان دورها المحايد في الحرب الخليجية على اليمن قد بدأ.