كتب: صلاح الدكاك
يجسد دونالد ترامب بانحطاطه وخوائه الطور الأكثر هرماً وانتكاساً للامبراطورية الأمريكية التي دشن ولادتها أوغاد ومقامرون، ويبدو أنها تشهد أفولها على أيدي الأوغاد والمقامرين.
إما أن ترامب يمثل شخصه فحسب، كما يروق لبعض النخبة العربية أن تقرأ اضطرابه، أو أنه يمثل مؤسسة السيطرة الع�يقة في الولايات المتحدة، وفي الحالين فإن ذلك يدل على أن أمريكا تحتضر ولا تنعم بالعافية الحضارية التي تعوزها امبراطورية آلت إليها الكرة الأرضية بالمطلق كتركة حصرية!
يفصح ترامب عن عنصرية متأصلة واربتها أمريكا عقوداً خلف قناع الليبرالية البراق، حين يصف «الأفارقة» بـ«الحثالة»، وهذا لا يعني أنه يكن احتراماً للأمم الأخرى، فقد سبق له أن حاول ـ ولا يزال ـ فرض حظر على دخول أجناس وأديان وشعوب بعينها إلى الولايات المتحدة، بذرائع واهية كـ «مكافحة الإرهاب وإفساح فرص حياة للأمريكان لا يزاحمهم فيها الآخرون»، متناسياً أن «الأرض الجديدة» أو «القارة المكتشفة» ارتفعت قواعدها ودارت تروس مكائنها على أيدي الأفارقة والملونين المجلوبين كعبيد بالسخرة من كل أصقاع الأرض!
تمزقت طاقية الإخفاء التي اعتمرها «اليانكي» لتسفر عن محض قراصنة ونهابة مسكونين بالعنصرية والحقد والانحطاط القيمي، ولا يكنون وداً لسوى الذهب والألماس والثروات المكتسبة من كد الشعوب.
ما الذي يمكن لأمريكا أن تباهي به اليوم غيرها من الأمم؟! وهي الغائصة من الأخمص إلى الغرة في أقبح وأقذر الوحول، بدءاً بوحل «تسمين ورعاية الإرهاب» وليس انتهاءً بـ «العنصرية الصارخة»، مروراً بمؤازرة سادية وشره ملوك النفط للقتل وحز الرؤوس وتسويق «الرجعية» بوصفها حضارة ورقياً، مقابل شيكات تُدس في حقيبة الصغيرة إيفانكا!
تأملوا مشهد نيكي هيلي وهي تستعرض حطام الباليستي اليمني باعتباره «دليلاً على تورط إيران في دعم الحوثيين»، أو وهي تدعو لاجتماع طارئ في مجلس الأمن لإدانة طهران بقمع «الاحتجاجات السلمية»… على هذا النحو من الهزال والإسفاف باتت الامبراطورية الأمريكية الحائرة والعاجزة عن استيعاب بروز مشهدية «شرق أوسطية» فتية مناهضة باقتدار لهيمنتها التقليدية العتيقة، فتتأول هذه التحولات الموضوعية بالأشباح، تلافياً للإقرار بانحسار نفوذها وشيخوختها أمام حركات ثورية تحررية أصيلة ومتوافرة على شروط فَهْم التاريخ وتحويل مجراه باتجاه الانعتاق.
لا ينبغي أن نغضب لاضطراب ترامب وجنونه، فهذا الرجل فقط هو من بوسعه أن يجهز بالضربة القاضية على الامبراطورية الهرمة، كما لم يفعل أسلافه!
علينا ـ إذاً ـ أن نهتف «شكراً ترامب» لكل هذا الانحطاط.