الرئيسية أخبار وتقارير أمريكا في حضرة أبو الطيب المتنبي (1)

أمريكا في حضرة أبو الطيب المتنبي (1)

يقال أن للشاعر أبو الطيب المتنبي سقطة إنسانية انتقدها البعض ومنهم أبو العلاء المعري، وكانت في قصيدة “غيري بأكثر هذا الناس ينخدع”، والتي برر فيها المتنبي مرحلة إنكسار وهزيمة يحفظ بها وجه سيف الدولة عندما ترك من جيشه ضحايا لعدوه يقتلهم ويأسرهم في إحدى معاركه مع الروم، فنسج المتنبي رواية تصف الجنود المتروكين ضعاف وخانوا الأمير، فتركهم الأمير للعدو.

تقول الأبيات الأبرز منها:

قُل لِلدُمُستُقِ إنّ المُسلَمينَ لَكُم .. خانوا الأَميرَ فجازاهُم بما صنعوا
وجدتُموهُم نياماً في دمائِكُمُ .. كأَنَّ قتلاكمُ إيّاهُمُ فَجَعوا.
ضَعفى، تَعِفُّ الأَيادي عن مِثالِهِم .. من الأَعادي، وإن هَمّوا بهِم نزعوا
لا تَحسَبوا مَن أَسَرتُم كانَ ذا رمَقٍ .. فليسَ يأكُلُ إلّا الميِّتَ الضَبُعُ

والدُمُستُقِ هو تعريب لتسمية “دومستيكوس” باليونانية، وهي أعلى رتبة عسكرية في الجيش البيزنطي.. والمسلَمين بفتح اللام تم تسليمهم للروم لأنهم خانوا الأمير حسب رواية المتنبي.. وهناك روايات تقول أن هؤلاء الجنود كانت مهمتهم التأكد من مقتل جرحى جنود الروم فيجهزوا على من كان به رمق من الحياة، وبينما هم كذلك جاءت خيل الروم ووجدتهم على تلك الحال، فنالوا منهم من قتل وأسر.

والشاهد أن المتنبي حاول إلتماس العذر في الهزيمة بهذه الأبيات لإغاظة عدوه بهجوه قتلى من جنده، ووصفهم بالخونة الذين تم تسليمهم لا أكثر، بل يعيب قتل الروم لهم كونهم جنود ضعاف وخائفين، ووصف الأسرى بأنهم بلا رمق من الحياة ووحده الضبع يأكل الميتة.

ويبدو أن أقوى كيان عسكري في العالم عندما حرك أساطيله من أقاصي الأرض إلى منطقتنا في مهمة “ردع هجمات الحوثيين في البحر”، والتي فشل فيها، قد إحتاج لمساعدة أبو الطيب المتنبي بإعلانه أن “الحوثيين فشلوا في ردع الولايات المتحدة عن القيام بعملياتها في المنطقة”، فهذه التصريحات ليست بعيدة عن تلفيق المتنبي، فهو يدعي ردع عمليات اليمن البحرية، في وقت تغرق فيه سفن الشركات المخترقة لقرار حظر الدخول لموانئ فلسطين المحتلة كالثور المذبوح في منطقة عمليات القوات اليمنية.

وبنفي فشله عن الردع ورمي الفشل على اليمن عن ردع قواته، كأنه المتنبي الذي يقول لنا بأن السفن المحترقة والمشتعلة والغارقة -وعددها بالعشرات- هن من المسلَمات اللاتي تم تسليمهن للدمستق بسبب خيانتهن للأمير، سفن ضعاف عجاف لايوجد بهن أي رمق أو علامة للحياة، ويبدو أن ميناء إيلات كان أيضا من الذين تم تسليمهم لنا باعتباره خائنا ومهجورا ومخنوقا من الوكالة ولم نخنقه، وجميع ضحايانا في البحر كانت اقتصادات ضعيفة وميتة أو خائنات لم يسمعن كلام الأمير فجازاهم الأمير بما عملوا..

وربما ندرك لاحقا أن فرار إيزنهاور أيضاً كانت مناورة لننتشي بإنتصار وهمي، يأكل من هيبته التي هي بدورها من الجزء الضعيف من الهيبة، ولم نستهدف الهيبة الأعظم والأكبر، فالناس هيبات ومعادن.. كما أن الذخائر المستخدمة في هذه المواجهة والتي بلغت مليار دولار تم صناعتها بأموال مهترئة أراد الأمير التخلص منها فلم يجد أفضل من الدخول في مهمة ردع اليمن.. وربما الـ7 ألف بحار المكلفين لهذه المهمة لم يكونوا سوى أضعف مابجيش أمريكا العظيمة وخانوا الأمير بايدن فقرر عقابهم.

من يقنع الدمستق الأمريكي.. أنه أطلق عملية “حارس الإزدهار”بحاملة طائرات ومدمرات وعشرات الطائرات الحربية والتجسسية، وفجر ذخائر وصواريخ بتكلفة مليار دولار حتى الآن لردع عمليات اليمن وحراسة إزدهار كيان العدو الإسرائيلي، وليس بهدف التخلص من السفن الضعاف والموانئ المهجورة التي أراد الأمير عقابها..

أما القوات اليمنية فقد أطلقت عملياتها إسنادا لطوفان الأقصى… وتهدف عملياتها البحرية إلى محاصرة الكيان والشركات المتعاملة معه… وهي نفذت وتنفذ وستنفذ حتى إيقاف مذبحة غزة.. ولم يردعها سبع أو ضبع أو تبع… وتم إدخال العظمى أمريكا والعظمى بريطانيا إلى الأهداف اليمنية لمحاولتهما حماية مصالح الكيان، وهي فعلت وتفعل وستفعل بسفنكم حربية وتجارية حية تمخر وليست ميتة ولم يردعها إنس أو جان.. والتداعيات أكثر من أن تحصى بمحاصرة الكيان والعظيمتين وسلاسل توريدهن، أو حتى بدس أنف رايات أوطانكم في مواخير ومؤخرات سفنكم للبراءة من أي شيء يرتبط بكم للنفاذ بجلدكم من كواسر وسباع اليمن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحرر السياسي
المشهد اليمني الأول
٢٠ ذي الحجة ١٤٤٥ هجرية
٢٦ يونيو ٢٠٢٤م

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version