نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، تقرير يسلط الضوء على تحول أنصار الله في اليمن من ما أسموهم “ميليشيا رعوية” إلى (عدو) ذكي يواجه التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. ويشير التقرير إلى اتقان أنصار الله تكتيكات الحرب غير نظامية، وإرباك العدو الأمريكي وشركائة في الشرق الأوسط.
وأبرز التقرير أهمية التكنولوجيا والاستراتيجيات المبتكرة في مجال الدفاع والأمن، حيث يوضح تحديات التعامل مع أعداء ذكيين ومتنوعين. وهو يعكس الحاجة المستمرة لتطوير القدرات والاستعداد لمواجهة التهديدات المستقبلية.
ويشير مسؤولون عسكريون إلى أن أنصار الله في اليمن قد أتقنوا تكتيكات الحرب غير النظامية خلال سنوات الصراع ضد التحالف الذي تقوده السعودية، مما أدى إلى إرباك الشركاء الأمريكيين في الشرق الأوسط، لدرجة أن مخططي الحرب في البنتاغون بدأوا في تقليد بعض تكتيكاتهم.
وأكد أن أنصار الله تمكنوا من تسليح أنظمة الرادار التجارية وجعلوها أكثر قابلية للحمل، وهذا التطور دفع بعض القادة العسكريين الأمريكيين إلى تقليد تلك التكتيكات. بالإضافة إلى ذلك، كان مشاة البحرية في بحر البلطيق، في سبتمبر/أيلول 2022، يتكيفون مع أنظمة الرادار المتنقلة المستوحاة من الحوثيين. لذا، عرف كبار مسؤولي البنتاغون أنه بمجرد أن بدأ أنصار الله بمهاجمة السفن في البحر الأحمر، سيكون من الصعب ترويضهم.
ومع اقتراب إدارة بايدن من أسبوعها الثالث من الغارات الجوية ضد أهداف أنصار الله في اليمن، يحاول البنتاغون إدخال إبرة صغيرة للغاية: وفي هذا السياق، يسعى البنتاغون لتحقيق تأثير محدود ومدروس على قدرة أنصار الله على استهداف السفن التجارية والبحرية دون أن تجر الولايات المتحدة إلى حرب طويلة الأمد.
ويؤكد التقرير أن المسؤولين العسكريين الأمريكيين يرون أن المهمة التي يواجهونها صعبة، وأصبحت أكثر صعوبة بسبب تطوير أنصار الله لتكتيكات الحرب غير النظامية. ويقولون إن الحوثيون ليس لديهم العديد من المستودعات الكبيرة للأسلحة التي يمكن قصفها بواسطة الطائرات المقاتلة الأمريكية.
بدلاً من ذلك، يتنقل المقاتلون الحوثيون باستمرار مع الصواريخ التي يطلقونها من شاحنات صغيرة على الشواطئ النائية، ثم ينسحبون سريعًا إلى مناطق آمنة. هذا النوع من التحرك يجعل من الصعب على القوات الأمريكية استهدافهم بفعالية وتدمير قدرتهم الهجومية.
ووفقًا للمعلومات التي تم ذكرها من قبل المسؤولين في البنتاغون، يبدو أن الضربات الجوية الأولى التي قادتها الولايات المتحدة في اليمن قد حققت نجاحًا نسبيًا. تم ضرب ما يقرب من 30 موقعًا في اليمن، وتم تدمير حوالي 90 بالمائة من الأهداف المستهدفة. ومع ذلك، يعترف المسؤولون بأن أنصار الله ما زال لديهم حوالي 75 بالمائة من قدرتهم على إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار على السفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر.
– تصريح الجنرال جوزيف فوتيل، الذي قاد القيادة المركزية للجيش الأمريكي من عام 2016 إلى عام 2019، قال إن السعودية حاولت هزيمة أنصار الله في اليمن. ويشير إلى أن هناك مستوى من التطور في القدرات العسكرية لـ أنصار الله في اليمن، وهو ما يجب أخذه في الاعتبار ولا يمكنك تجاهله.
ويقول التقرير “كانت استراتيجية البنتاغون في اليمن تتضمن استخدام طائرات ريبر بدون طيار ومنصات مراقبة أخرى لتعقب الأهداف المتحركة لأنصار الله وتنفيذ ضربات جوية عليها. ولكن بعد مرور فترة زمنية طويلة من الغارات الجوية السعودية والتدخل العسكري، تطور أنصار الله في تلاعبهم بالمعلومات وإخفاء قدراتهم العسكرية، ووضع بعض قاذفاتهم وأسلحتهم في المناطق الحضرية وإطلاق الصواريخ من ظهور المركبات أو الجرارات قبل الانطلاق، وذلك بهدف صعوبة رصدهم وضربهم بواسطة القوات الأمريكية والتحالف.
وتأكيدًا على التطورات في قدرات أنصار الله، قال فابيان هينز، خبير الصواريخ والطائرات بدون طيار في الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، إنه مدهش أنهم تنوعوا في ترسانتهم.
وبحسب التقرير، يبدو أن أنصار الله نجحوا في تطوير استراتيجيات متنقلة فعالة في مواجهة السعودية، والتي تمثل تحديًا للقوات البحرية. وبحسب المعلومات التي ذكرها التقرير، يبدو أن مشاة البحرية قد بدأوا جهودًا تجريبية لاستنساخ هذه الاستراتيجيات.. لقد طوروا رادارًا متنقلًا، وهو في الأساس رادار Simrad Halo24 – يمكنك الحصول على واحد مقابل حوالي 3000 دولار في Bass Pro Shops – والذي يمكن وضعه على أي قارب صيد. يستغرق إعداده خمس دقائق. وكان مشاة البحرية، مثل أنصار الله، يبحثون في كيفية استخدام الرادارات لإرسال البيانات حول ما يحدث في البحر.
ولاحظ الفريق فرانك دونوفان، الذي يشغل الآن منصب نائب قائد قيادة العمليات الخاصة الأمريكية، ما كان أنصار الله يفعلونه بالرادار عندما كان يقود فرقة عمل برمائية تابعة للأسطول الخامس تعمل في جنوب البحر الأحمر. وفي محاولة لمعرفة كيف كان أنصار الله يستهدفون السفن، سرعان ما أدرك الجنرال دونوفان أن أنصار الله كانوا يركبون رادارات جاهزة على المركبات على الشاطئ ويحركونها.
ويختتم التقرير بالقول “لقد تحدى كتيبة الاستطلاع الخفيفة المدرعة الثانية لتطوير نظام مماثل”.