تصاعدت خلال الأيام الماضية حدة الصراعات في شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة المتاخمة للجنوب اللبناني، وتواترت أنباء عن تبادل إطلاق النار بين جنوب لبنان والکيان الصهيوني.
وقد أعلن حزب الله اللبناني، باعتباره جماعةً مقاومةً مستعدةً للحرب في الأراضي المحتلة، عن تدمير عدة دبابات ميركافا تابعة للجيش الصهيوني من خلال نشر بيان، وفي الوقت نفسه، أطلق المحتلون أيضًا صواريخ على الأراضي اللبنانية.
كابوس الحرب الهجينة!
إذا انفتحت الجبهة الشمالية للحرب ضد الصهاينة، بالتزامن مع التوتر في قطاع غزة، فإن تل أبيب ستواجه حرباً مشتركةً. الحرب المشتركة ستكون نتيجة المشاركة المتزامنة لفصائل المقاومة الفلسطينية في الجنوب وحزب الله في الشمال.
وفي هذا الوضع، سيضطر الصهاينة إلى الانخراط في جبهتين مختلفتين، وفي الوقت نفسه، فإن دخول حزب الله في الحرب ضد الکيان الصهيوني لن يقتصر على جنوب لبنان، وهناك احتمال أن يتعرض الصهاينة لهجوم من جماعات المقاومة من حدود أخرى، بما في ذلك الحدود السورية.
الحدود السورية هي نفس المكان الذي تتواجد فيه قوات حزب الله اللبناني، لكن إضافة إلى حزب الله، أعلنت جماعات مقاومة أخرى مثل النجباء في العراق أو أنصار الله في اليمن، استعدادها للدخول في حرب برية في فلسطين المحتلة، وأعلنت حرکة النجباء العراقية إرسال قواتها إلى الحدود الغربية للعراق.
ولذلك، فإن دخول حزب الله اللبناني في حرب برية مع الکيان الصهيوني، سيعني بداية حرب مشتركة على الحدود الشمالية والجنوبية والشرقية لفلسطين المحتلة.
الحرب مع حزب الله “كعب أخيل” تل أبيب
على مدى السنوات القليلة الماضية، ومع تصاعد التوترات في الضفة الغربية والصراعات المتقطعة في قطاع غزة، حذّر العديد من الخبراء وحتى المسؤولين الصهاينة من حدوث حرب هجينة، وفي عشرات الوثائق والتقارير الأمنية والاستراتيجية، اعترفوا مراراً وتكراراً بعدم قدرتهم على مواجهة حزب الله.
وقبل نحو شهرين، حذّر “يسرائيل زيف” جنرال الاحتياط في الجيش الصهيوني، من أن جيش هذا الکيان قد يتفكك إذا دخل الحرب، وطلب هذا الجنرال الاحتياطي في الجيش الصهيوني، في محادثة مع القناة التلفزيونية السابعة لهذا الکيان، من حكومة الکيان الصهيوني تجنب الحرب مع حزب الله في لبنان في ظل التوترات القائمة في الحدود الشمالية للأراضي المحتلة، لأن هذه الحرب قد تؤدي إلى انهيار جيش هذا الکيان.
وأضاف هذا الجنرال الاحتياطي في الجيش الصهيوني: إن هذه الأعمال الاستفزازية والتهديدات من الجانبين يمكن أن تشعل المنطقة، والنقطة المهمة هي أن حدود لبنان مختلفة عن حدود قطاع غزة، وأصغر حادث في هذه المنطقة يمكن أن يؤدي إلى صراع شامل.
احتمال نشوب حرب بين تل أبيب وحزب الله
تشير التطورات الراهنة في فلسطين المحتلة إلى أن فصائل المقاومة بدأت الاستعداد لتنفيذ هذه الاستراتيجية الجديدة منذ سنوات، وقد وضعت على جدول أعمالها زيادة القدرات والاستعدادات القتالية، فضلاً عن دخول مجالات عسكرية جديدة مثل حرب الطائرات دون طيار والحرب الإلكترونية، والتي تمثل قدرة المقاومة على تنفيذ الحرب الهجينة، وفي مقابل جاهزية فصائل المقاومة، فإن الجيش الصهيوني في واحدة من أضعف مراحله.
خلال العام الماضي، تورط المسؤولون السياسيون والعسكريون في تل أبيب بشدة في خلافات داخلية حول خطة نتنياهو لتغيير السلطة القضائية، وأحدثت خطة تغيير القوانين القضائية انقسامات في الجيش الإسرائيلي والسياسيين، وبالتالي لم يكن الجيش الصهيوني مستعداً خلال طوفان الأقصى، وتمكنت قوات المقاومة الفلسطينية من دخول المناطق المحتلة في الجنوب بسهولة.
ويبدو أن هذا النقص في الاستعداد لا يزال قائماً، وأن الجيش الصهيوني لا يزال غير قادر على خوض معركة برية في الجنوب والشمال، ولذلك، فإن تل أبيب قلقة للغاية بشأن الصراع البري مع حزب الله في لبنان، وتتجنب بشدة الدخول في حرب برية مع الحزب.
وفي الواقع، فإن حزب الله اللبناني، الذي يمتلك ترسانةً مكونةً من عشرات الآلاف من الصواريخ التي يمكن أن تستهدف أي نقطة في الکيان الإسرائيلي، يعتبر عدوًا قويًا جدًا لتل أبيب.
وفي الوقت نفسه، تشعر تل أبيب بالقلق إزاء الصواريخ الموجهة لحزب الله، والتي يعتقد أنها تستهدف أهدافًا استراتيجيةً في الکيان الإسرائيلي، مثل منصات الغاز الطبيعي ومحطات الطاقة.
كما أصبح حزب الله أقوى بعد سنوات من المشاركة في الحرب السورية ومرافقة جيش هذا البلد، وفي الوقت نفسه، تقاربت حماس وحزب الله اللبناني من خلال انتقال قيادات هذه الحرکة الفلسطينية إلى بيروت في السنوات الماضية.
ويقول أشخاص مقربون من حزب الله أيضاً أن الهجوم البري الذي تشنه تل أبيب على غزة، قد يجبرهم على فتح جبهة جديدة على الحدود الشمالية للکيان الإسرائيلي.
وقال “قاسم قصير”، المحلل السياسي اللبناني المقرب من حزب الله، في حوار مع وكالة أسوشيتد برس، إن “حزب الله لن يسمح بتدمير حماس، ولن يترك غزة وحدها في مواجهة هجوم بري”.