أثار الإعلان عن اعتراض طائرتين مسيرتين متوجهتين إلى الأجواء الفلسطينية المحتلة من داخل قطاع غزة قلقاً كبيراً وفي الوقت نفسه غضب الصهاينة، وحسب ما أفادت به وسائل إعلام فلسطينية، فإن تحليق طائرتين مسيرتين في أقل من 24 ساعة، قوبل بموجة غضب إسرائيلي وقد انتشر هذا القلق بين السياسيين وحتى الناس العاديين في كيان الاحتلال الإسرائيلي.
رغم رد فعل من القبة الحديدية، وأكد الخبراء العسكريون والأمنيون في تل أبيب في حديث مع وسائل إعلام عبرية أن هذا يشير إلى زيادة قدرات الجماعات الفلسطينية، وخاصة حركة حماس، في مجال الطائرات دون طيار، ويظهر أن هذه الفصائل تحسن في هذه القدرة يوماً بعد آخر، ونشرت في الأيام الأخيرة صور تحليق طائرة دون طيار يزعم الكيان الصهيوني أنها أقلعت من قطاع غزة وتم اعتراضها وإسقاطها في المناطق المحيطة بقطاع غزة بواسطة نظام القبة الحديدية الدفاعي.
طائرات حماس تزعج الإسرائيليين
بشكل مباشر، كتب موقع I24 الإخباري الصهيوني في هذا الصدد: “قام الجيش الإسرائيلي، الاثنين، بتفعيل نظام القبة الحديدية لإسقاط طائرة مسيرة انطلقت من قطاع غزة، وهو ما يتكرر لليوم الثاني على التوالي”، وكتب مراسل هذه القناة آرييل أوسيران على صفحته الشخصية على X أو تويتر سابقا، “لليوم الثاني على التوالي، أسقطت القبة الحديدية طائرة دون طيار انطلقت من داخل غزة إلى فلسطين المحتلة”، كما كتبت صحيفة معاريف في هذا السياق: “إن حركة حماس تبذل جهودًا مكثفة لتطوير قدرتها في مجال الطائرات دون طيار، وهذا العمل يأتي في إطار الاستعداد للمواجهة المرتقبة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي.
ومن ناحية ثانية في هذا الشأن، أكد المقدم يارون بوسكيلا في مقابلة إذاعية أن “أي نوع من القدرات التي تبادر حماس إلى استحداثها وتطويرها لنفسها هو أمر مهم بالنسبة لنا لأنه يتعين علينا أن نخطط للتعامل معها في أي مواجهة مستقبلية”، وقال تل ليف رام، المحلل العسكري الصهيوني، في حوار مع إذاعة عبرية: “إن حماس تعزز نفسها وتختبر أسلحة جديدة، وفي الوقت نفسه تقيس ردود أفعالنا، وتعتبر هذه التصرفات أيضاً جزءاً من السلوك المتحدي الذي تقوم به، الأمر واضح حماس تفعل ذلك من خلال الطائرات دون طيار”.
ومؤخراً، قدم مسؤول أمني بارز في كيان الاحتلال الإسرائيلي اعترافًا ملحوظًا بشأن التحديات التي يواجهونها في الضفة الغربية وغزة، وأكد هذا المسؤول البارز أن حماس، الحركة الفلسطينية، تزيد من قوتها في المنطقة، وأشار إلى أنه من الصعب تحقيق درجة كاملة من الردع ضد هذه الحركة، وقد أبدى ماير بن شبات، رئيس مجلس الأمن السابق في كيان الاحتلال، الذي شغل مسؤوليات أمنية عليا في الكيان الإسرائيلي خلال الفترة من 2017 إلى 2021، أن حركة حماس تعتبر واحدة من الفصائل التي يصعب تحقيق إيقافها بنسبة 100٪، وتلك التقديرات تأتي في ظل اتساع نفوذ حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويُشير الخبراء إلى أن هذا النجاح المتزايد يمكن تفسيره بسبب مجموعة من العوامل، بما في ذلك الوضع السياسي والأمني في المنطقة، والظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
حماس قوّة مرعبة للكيان
تتحدث الكثير من المعلومات عن القوة العسكرية الكبيرة لحماس بوجه كيان الاحتلال الإسرائيليّ، وجهات النظر التي تستند إلى بعض المعلومات الموثقة، تتحدث عن القوة العسكرية الكبيرة لحماس بوجه تل أبيب، وتعكس مجموعة من العوامل والتحليلات دور التأثير الإقليمي، حيث يُشير بعض المحللين إلى التأثير الإقليمي الذي يمكن أن تمتلكه حماس من خلال وجودها الإيجابي في سياق الصراع الإقليمي وبالأخص من محتل بلادها، وبالنسبة للكيان الإسرائيلي، تعتبر حماس جزءاً من محور المقاومة ، وهو تحالف يشمل إيران وسوريا ولبنان والعراق واليمن والفصائل الفلسطينية، ويُعتبر هذا التحالف تهديدًا كبيرًا للاحتلال الإسرائيلي على مستوى الشرق الأوسط، وبالتالي، يُعتقد أن القوة المتزايدة لحماس قد تنقص من عمر الكيان في المنطقة.
وتمتلك حماس القدرة على إطلاق الصواريخ والصواريخ الباليستية على “إسرائيل”، وهو ما شكل ردعاً كبيراً لأنه يشكل تهديدًا على المدن والبنية التحتية الاحتلالية الإسرائيلية، ويُشير البعض إلى أن تطور هذه القدرات قد يزيد من التأثير العسكري لحماس ويجعل من الصعب على تل أبيب فرض احتلالها على الفلسطينيين، وحماس تسيطر على قطاع غزة وتمتلك وجوداً ميدانياً قوياً هناك، ويمنح أن هذا الوجود حماس القدرة على شن هجمات وعمليات ضد الكيان بشكل أكثر فعالية وسرعة، وحماس تحظى بدعم شعبي كبير في قطاع غزة ومناطق الضفة الغربية، هذا الدعم الشعبي يعزز من قدرتها على التحرك والتصدي لأي تحديات تواجهها.
وتأتي هذه الوجهة في ضوء التوترات السياسية والصراع الدائم على البقاء من قبل الفلسطينيين، ويُعتقد أن قوة حماس تعزز من موقف الفلسطينيين في المفاوضات وتساهم في تحقيق أهدافهم، ومع كل هذه النقاط، يجب مراعاة أن هناك الكثير من المحللين يعتبرون أن القوة العسكرية لحماس وغيرها من الفصائل هي سبب وجود فلسطيني حي إلى الآن في ظل الجرائم غير المعهودة للكيان الإسرائيلي.
حماس شعبية وتاريخ جهاديّ
تعتبر حركة المقاومة الإسلامية “حماس” حركة إسلامية فلسطينية وازنة، تأسست في عام 1987، وتركز على قضية التحرر الوطني للفلسطينيين وتحقيق حقوقهم الوطنية والدينية والثقافية، وقد حققت حماس انتصارات سياسية مهمة في الانتخابات الفلسطينية في عام 2006، حيث فازت بغالبية المقاعد في المجلس التشريعي الفلسطيني، ومنذ ذلك الحين، وفي ظل الوضع السياسي والأمني المتأزم في الأراضي الفلسطينية، تزايدت قوة حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك من خلال النشاط السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وتعمل حماس على تعزيز وجودها وتوسيع قاعدتها الجماهيرية من خلال تقديم الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية والثقافية للفلسطينيين، وتوفير الدعم المادي والمعنوي للعائلات الفقيرة والمحتاجة.
وعلاوة على ذلك، يمكن أن يكون تنامي قوة حماس مرتبطًا بانعدام الثقة بين الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية، وخاصةً بعد فشل المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي والتي لم تؤدِ إلى إيجاد حل سياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبالتالي، يعتبر الفلسطينيون حركة حماس بديلاً للسلطة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق حقوقهم، ويمكن لتنامي قوة حماس أن يؤدي إلى تصعيد القلق الإسرائيليّ في المنطقة وزيادة الاحتكاكات مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
ولذلك، فإن الحل الوحيد لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة يكمن في دعم الحركات التحررية، بما يحقق العدالة والمساواة للفلسطينيين، ويضمن حقوقهم وحرياتهم الأساسية، ويجب على السلطة الفلسطينية مقاطعة الجهات الإسرائيلية، والعمل مع الفصائل لتحقيق هذه الأهداف، وتجنب التصعيد العسكري الإسرائيلي والعنف والانتهاكات لحقوق الإنسان التي يقوم بها المحتل، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إيجاد حوار بناء ومستدام بين الفصائل المعنية، والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وتتمتع حركة حماس بشعبية كبيرة في فلسطين، وخاصةً في قطاع غزة وبعض المناطق في الضفة الغربية، ويعزى ذلك إلى عدة عوامل، من بينها مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وتمثل حركة حماس وجهاً للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وقد حققت انتصارات مهمة في المواجهات العسكرية مع الجيش الإسرائيلي، ما أدى إلى تعزيز شعبيتها بين الفلسطينيين، إضافة إلى النشاط الاجتماعي والخدمي، حيث تقوم حركة حماس بتقديم الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية والثقافية للفلسطينيين، وتوفير الدعم المادي والمعنوي للعائلات الفقيرة والمحتاجة، ما يعزز شعبيتها بين الناس.
كذلك، العمل السياسي، حيث تقوم حركة حماس بالعمل السياسي والدبلوماسي لتحقيق أهدافها، وتستخدم وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لتعزيز صورتها وشعبيتها، إضافة للفساد الحكومي، فالفلسطينيون يرون أن شعبية حركة حماس تزايدت نتيجة لعدم الرضا عن الحكومة الفلسطينية الحالية والفساد الذي يرافقها، وبالتالي ينظر الفلسطينيون إلى حماس على أنها بديل للحكومة، كما أن حركة حماس تتميز بأنها حركة إسلامية، وبالتالي ينظر إليها البعض على أنها تمثل القيم الدينية والأخلاقية في المجتمع الفلسطيني، وهذا يزيد من شعبيتها بين الجماهير الدينية، ويجب الإشارة إلى أن هناك توجهات سياسية مختلفة في فلسطين، وحركة حماس ليست الحركة الوحيدة التي تتمتع بشعبية في فلسطين، ويتوقف مستوى الدعم الشعبي لكل حركة على عدة عوامل، من بينها الوضع السياسي والاقتصادي والأمني في المنطقة، والتوجهات الثقافية والإيديولوجية للفلسطينيين.