أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أمس الاثنين، أنّ انتصار تموز 2006 هو “انتصار تاريخي للمستقبل”. وفي كلمة في الذكرى الـ 17 لانتصار تموز 2006، أضاف أنّ “المشهد العظيم في مثل هذا اليوم من عام 2006 كان العودة الشجاعة والسريعة للناس والتي ثبّتت الانتصار العسكري”.
وأشار السيد نصر الله إلى أنّ مشهد عودة قوافل السيارات على كل الطرقات أعربت “عن ثبات شعبنا بالموقف وتمسكه بالأرض وعن التزامه الحاسم بخيار المقاومة مهما عظمت التضحيات”. وبيّن أنّه “لولا البناء على نتائج حرب تموز 2006 لما تحققت الانتصارات لاحقاً”، لافتاً إلى أنّ “لبنان اليوم أمام مرحلة جديدة هي من نتائج هذه الانتصارات”.
وأوضح، في السياق، أنّ “عملية ترسيم الحدود البحرية وبدء التنقيب ما كانت لتتحقق لولا البناء على نتائج حرب تموز في 2006”. وأكّد السيد نصر الله أنّ الضمانة الحقيقية للحفاظ على حقوق لبنان وثروته النفطية “هو احتفاظ لبنان بكل عناصر القوة وفي مقدمها المقاومة”.
وأضاف أنّ “ما يمنع العدو من الانتقاص من حقوق لبنان هو فهمه أنّ أي محاولة ستُقابل برد الفعل القوي الذي سيجعله نادماً”، مردفاً أنّ “المقاومة جعلت الجبهة الداخلية الإسرائيلية جزءاً من الحرب بعد أن كانت قبل 2006 بمنأى عن ذلك”. وأفاد السيد نصر الله بأنّه “بعد 2006، أضاف الصهاينة عنصراً رابعاً للعقيدة الأمنية المتمثل بالدفاع والحماية، بحيث اضطر للتفتيش عن منظومات اعتراض الصواريخ، وعمل جهداً كبيراً وأنفق بشكل هائل”.
وتابع أنّ “الأهم في الجبهة الداخلية، هو عدم استعداد مستوطني ومستعمري ومحتلي هذه الأرض للتضحية وتحمل التبعات”. وشدّد السيد نصر الله على أنّه “بعد 17 عاماً من المناورات والتجهيزات والتطوير لم يتمكن الإسرائيليون من ترميم صورة الجيش الإسرائيلي”.
ووفقاً له، فإنّ “العدو انتقل من الهجوم ومن كونه صاحب المبادرة إلى أن يكون في موقع الدفاع، فيما الجيش الإسرائيلي اليوم في أسوأ حال نسبة لأي زمن مضى”. وأوضح أنّ الجيش الاسرائيلي “يعاني من ضعف الروح القتالية وانعدام الثقة بين العناصر والقادة ومع المستوى السياسي، وضعف الإقبال على الوحدات القتالية، وغياب الإنجازات البرية، ومحاولة الاقتحام الفاشلة في غزة شاهدة على ذلك”.
ورداً على التهديدات الإسرائيلية بتحويل لبنان وإعادته إلى العصر الحجري، هدّد السيد نصر الله قادة “إسرائيل” قائلاً: “إذا ذهبتم إلى الحرب مع لبنان، أنتم ستعودون إلى العصر الحجري”. وأكّد أنّ “محور المقاومة أمسك بزمام المبادرة بنسبة كبيرة، وإسرائيل اليوم تختبئ خلف الجدران”، مضيفاً أنّ “العدو يستطيع أن يحسب كم صاروخ دقيق تحتاج المقاومة لاستهداف بنيته التحتية الأساسية”.
وشدّد السيد نصر الله على أنّه “إذا تطورت المعركة إلى معركة مع محور المقاومة لن يبقى شيء إسمه إسرائيل”، لافتاً إلى أنّ – “مسار محور المقاومة هو مسار تصادي”. وحرب تموز 2006، التي أطلقها الاحتلال الإسرائيلي ضد لبنان عقب عملية “الوعد الصادق” التي نجح فيها حزب الله في أسر جنديين إسرائيليين في عملية نوعية على الحدود اللبنانية-الفلسطينية المحتلة، في 12 تموز 2006، يطلق عليها الإسرائيلي “حرب لبنان الثانية”،
وقد هدف من خلالها إلى تدمير قوة حزب الله واحتلال أجزاء واسعة من لبنان، لكنه فشل في ذلك بعد نجاح المقاومة في لبنان في التصدي له وتكبيده خسائر فادحة في القوات المهاجمة كما في جبهته الداخلية. وقد انتهت الحرب بعد 33 يوماً من القتال، من غير أن تنجح القوات الإسرائيلية في احتلال أراضٍ لبنانية، وبعدما تعرّضت لضربات نوعية في البرّ والبحر والجو، ورشقات صاروخية أوقعت عشرات القتلى والجرحى من المستوطنين ووصلت إلى جنوبي حيفا.
كما تكبّد “جيش” الاحتلال نحو 150 قتيلاً معظمهم من قوات النخبة، فضلاً عن مئات المصابين، وخسائر فادحة في الدبابات والإمكانات العسكرية.
حادثة الكحالة بعهدة القضاء
وبشأن الحادثة الأخيرة عند كوع الكحالة، أوضح السيد نصر الله أنّها كانت “حادثة طبيعية حيث انقلبت بسبب عطل تقني، فالشاحنات تمر من هناك ويحصل حوادث”. وتابع أنّ “الحادثة كانت طبيعية إلى أن قامت إحدى القنوات التلفزيونية المعروفة بتحريض الناس بأنّ الشاحنة تنقل السلاح”.
وأفاد السيد نصر الله بأنّ “الشاحنة بقيت لأكثر من 3 ساعات نقل خلالها الشباب سائقها إلى المستشفى واستدعوا رافعة لنقلها وعملنا على استيعاب الوضع منذ البداية”. وأردف أنّ “هناك ناس قدّموا الموضوع على أنّ حزب الله اعتدى على أهل الكحالة، لكن خلال الساعات الـ3، كان الشباب يعالجون انقلاب حادث الشاحنة ولم يحصل أي شيئ إلّا بعدما حرّضت هذه القناة التلفزيونية”.
وقال إنّ “الذي يتحمل بالدرجة الأولى التداعيات المحتملة لما كان سيحصل في البلد ككل وسفك الدماء والتحريض على القتل هي هذه القناة الخبيثة”. وأضاف السيد نصر الله أنّ “عدد الذين كانوا في ميدان الحادث معروف، وبعضهم جاء من خارج الكحالة، فالمشكل معهم وليس مع أهل الكحالة”، مؤكّداً أنّ هذه الحادثة اليوم في عهدة القضاء، الذي يجب أن يعالج مسألة التحريض الإعلامي.
وقال إنّ “الشهيد أحمد قصاص استشهد بالدفاع عن المقاومة وعن جهوزيتها”، مشيداً بـ”بصيرة ووعي عائلته”. وأشار إلى أنّه “صدرت مواقف مسؤولة وخصوصاً في الوسط المسيحي تدعو إلى التهدئة ومنها موقف الرئيس ميشال عون”، مضيفاً أنّ “هناك قوى سياسية دافعت عن المقاومة، والشكر لهم جميعاً”.
وشدّد السيد نصر الله على أنّ “حادثة الكحالة أثبتت أنّ مؤسسة الجيش هي المؤسسة الضامنة للأمن والسلم والاستقرار في البلد”.
لكن في المقابل، “هناك زعامات سياسية، بمعزل عن خلفياتها من الواضح من سلوكها وبيانها ومعها وسائل إعلام معينة، تدفع البلد نحو الانفجار والحرب الأهلية”، وفق السيد نصر الله. وأردف قائلاً: “هؤلاء يعملون على التعبئة والتحريض في أكثر من ساحة لكن بعدها من يسيطر على الموقف؟ هل من مصلحة المسيحيين بالدرجة الأولى الذهاب الى الحرب الأهلية؟”.
ولفت إلى أنّ “هناك احتمال آخر أنّ هؤلاء هدفهم أن يقنعوا الرأي العام اللبناني أنّ الحل في لبنان هو التقسيم لكن هذا لن يحصل”، مؤكّداً أنّ “التقسيم ليس في مصلحة أي طائفة، والمرحلة تحتاج إلى تدبر وتعقل وليس السير مع الغرائز”. وشدّد الأمين العام لحزب الله، في السياق، أنّ “الكل خاسر في الحرب الأهلية، خاسر حتى القوي، لأنّها تستنزف الجميع وهناك الكثير من الدول والأطراف الذين سيعملون على تسعير هذه الحرب من بينهم إسرائيل”. وأردف أنّه “لا خيار أمام هذا البلد إلاّ الشراكة والسير مع بعض لو ببطء أفضل من أي خيار آخر”.
وأعلن السيد نصر الله أنّ “الحوار مع التيار الوطني الحر جدي وإيجابي، ويحتاج إلى بعض الوقت كونه يحتاج إلى التشاور مع بعض القوى السياسية”، في أنّ “هناك قوى سياسية لا تريد أي حوار بين اللبنانيين، بل تريد تخندقاً واصطفافات وتعبئة”. كذلك، تقدّم السيد نصر الله بواجب العزاء بشهداء التفجيرات في باكستان وفي البادية السورية وفي شيراز، مشيراً إلى أنّ “هناك قراراً أميركياً بعودة داعش إلى العمل في العديد من الساحات كما يبدو”.