الرئيسية أخبار وتقارير حرب النفط .. هل تتحدى السعودية أمريكا و تصطف إلى جانب روسيا؟

حرب النفط .. هل تتحدى السعودية أمريكا و تصطف إلى جانب روسيا؟

حسب وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان خلال مؤتمر اقتصاديّات الطاقة مؤخرا، بأن الدول التي كانت ضد الوقود الأحفوري قبل أشهر غيرت مواقفها الآن، وأنا لا أخوض في مواضيع الحظر على الدول، ولكن كل هذه الخطوات تسبّبت في قطع الامدادات عن الاشخاص المحتاجين للطاقة، وهذا ما يقلقنا حقا.

السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق، هل السعودية قلقلة حقاً تجاه حرمان الأشخاص من الطاقة ؟ ولماذا يطلق الوزير السعودي انتقاداته في هذا الوقت ؟ و هل قررت السعودية الوقوف على الجانب الآخر من الخط الفاصل الذي تعتبره واشنطن الأهم في السياسة الدولية. ويقصد بذلك الجبهة التي تقف على أحد طرفيها روسيا وعلى الطرف الآخر أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون؟

و بعد الانتقادات التي طالت منظمة أوبك+، وإصرارها على عدم زيادة الإنتاج النفطي وجّه الوزير السعودي تحذير شديد اللهجة قائلاُ: “إذا كان هُناك من يطلق على منظمة “أوبك” مسمى المجموعة الاحتكارية كما يزعمون.. فإنهم لم يروا حتى الآن مجموعة احتكارية حقيقية بعد ولا أريد تسمية بلدان احتراماً لها!”، ما يُؤشّر على نيّة السعودية اتخاذ قرارات عكسيّة للمطالب الأمريكيّة بخصوص إنتاج النفط.

وعبر الوزير الأمير عبد العزيز عن استغرابه من نفاق بعض دول العالم قائلاً: “لا أريد تسمية بلدان معينة بسبب احترامي لها، لكن لو نظرنا لها سنرى من يحرق الفحم والخشب أكثر الآن، ويريد العودة للنووي”. وفي خطوة جريئة انتقد وزير الطاقة السعودي العقوبات الأمريكية و حذر من مغبة أن تؤدي العقوبات وتراجع الاستثمارات إلى نقص إمدادات الطاقة.

ولم يذكر الوزير السعودي روسيا بالتحديد في تصريحاته. وقال إن السعودية تعمل على إرسال الغاز البترولي المسال إلى أوكرانيا. ويستخدم هذا الغاز عادة كوقود لأغراض الطبخ والتدفئة. ومن خلال محاولته عدم تسييس المواضيع المتعلقة بمنظمة أوبك أضاف الوزير السعودي“نحن مجموعة مسؤولة من الدول، نضع كل قضايا السياسة المتعلقة بأسواق الطاقة والنفط في (سلة) واحدة (لكننا) لا ننخرط في القضايا السياسية”.

قرار خفض إنتاج النفط و الانزعاج الأمريكي

واتفق تحالف أوبك+، الذي يضم أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وآخرين من بينهم روسيا، العام الماضي على خفض هدف الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا أي نحو اثنين بالمئة من الطلب العالمي، وذلك اعتبارا من نوفمبر تشرين الثاني إلى نهاية 2023 لدعم السوق.

أثار قرار منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” والدول المنتجة للنفط المتحالفة معها “أوبك بلس” خفض الانتاج، حالة غير مسبوقة من الهلع والغضب في واشنطن، نظرا لما له من تداعيات سياسية واقتصادية سلبية على الولايات المتحدة وحلفائها والدول المستهلكة للنفط على حد سواء.

وخلال الأيام السابقة لاجتماع دول المنظمة في فيينا قبل التصويت على القرار أجرت وزارتا الخارجية والطاقة الامريكيتان اتصالات مكثفة مع مسؤولين، في الدول الصديقة لواشنطن الأعضاء في منظمة «أوبك» ” ومنهم السعودية” لحثهم على التصويت ضد خفض إنتاج النفط، إلا أن اجتماع فيينا جاء عكس متمنيات حكومة الرئيس الامريكي جو بايدن.

وقد اعتبر القرار ازدراء للرئيس جو بايدن، الذي زار المملكة العربية السعودية في يوليو الماضي في محاولة لإقناعها بضخ المزيد من النفط في الأسواق العالمية. وبالفعل وجدت مناشدة بايدن آنذاك تجاوبا من المسؤولين السعوديين، وأعلنت الرياض حينها زيادة الإنتاج وإن كان حجمها أقل بكثير مما طلبته الولايات المتحدة.

زلزال غضب ينصب على السعودية

وبعد الاتفاق مباشرة بدأت أصوات في الكونغرس الأمريكي تدعو لإعادة النظر في العلاقة مع الرياض. فقد جاء إعلان “أوبك بلس” في “توقيت حساس جدا” بالنسبة لإدارة بايدن، وفي ظل محاولات لعزل روسيا، وهي عضو مهم آخر في تحالف مصدري النفط.

وقد طرح النائب الأمريكي الديمقراطي توم مالينوفسكي مشروع قانون في مجلس النواب يطالب إدارة الرئيس بايدن بسحب أنظمة الدفاع ضد الصواريخ و3000 جندي، وهم قوام القوات الامريكية من السعودية والامارات. وقال مالينوفسكي في بيان صادر عنه: “لقد حان الوقت لكي تستأنف الولايات المتحدة دورها كدولة عظمى في علاقتها بزبائنها في الخليج.”

فبعد أشهر قليلة من مصافحة “قبضة اليد” الشهيرة بين بايدن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، يرى الأمريكيون أن الرياض تؤكد، في ما يبدو، على أن “مصالحها الاقتصادية” مقدمة على الرغبات السياسية لحليفتها واشنطن.

«أوبك» وتهمة «الاحتكار»

إن استخدام كلمة ”كارتل” في الإعلام الغربي ومن قبل السياسيين في الغرب يعكس عداءَ مستفحلاً للنفط ودول النفط، ويسيء إلى النفط وأهله لأن كلمة ”كارتل” في الدول الغربية تشير إلى ”مصاصي الدماء” الذين يستغلون حاجات الناس. باختصار، لا يمكن أن تكون ”أوبك” منظمة احتكارية، ووصفها بالاحتكار يتعارض مع مبادئ العلم والمنطق، ويتناقض مع أدلة كثيرة، كما أنه يتناقض مع المبادئ القومية والوطنية لدول ”أوبك”

تحالف “أوبك بلس” في سطور

يضم التحالف 23 دولة، من بينها السعودية وروسيا، ويجتمع بصورة منتظمة لاتخاذ قرارات بشأن حجم إنتاج النفط الخام عالميا.

يضم التحالف أعضاء منظمة أوبك الـ13.

يمثل خفض الإنتاج، الذي سيدخل حيز التنفيذ في نوفمبر/ تشرين الثاني، حوالي 2 في المئة من إمدادات النفط عالميا.

يقول التحالف إن تخفيض الإنتاج يهدف إلى تحقيق استقرار في أسعار النفط التي تراجعت مع تباطؤ الاقتصاد العالمي.

استشراف مستقبل الأزمة

لا شك أن ما فرض من عقوبات اقتصادية على روسيا حتى الآن هو إجراءات بسيطة، ولكن في حالة تصعيد هذه العقوبات حيث تؤثر على طبيعة العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين الاتحاد الأوروبي وأميركا من جهة وروسيا من جهة أخرى، فإن اقتصاد الطرفين سيتضرر.

ولكن التأثير على روسيا سيكون أكبر بسبب المرونة الكبيرة التي يتمتع بها الاتحاد، وتوزيع المخاطر على نحو 28 دولة، في حين أن الاقتصاد الروسي ما زال ناشئاً، وقد يؤدي تصعيد العقوبات الاقتصادية عليها إلى إدخاله في دوامة مشكلات اقتصادية مثل التي عاشتها إيران، من قبيل تراجع قيمة العملة وزيادة معدلات التضخم وارتفاع نسب البطالة وزيادة عجز في ميزان المدفوعات.

ولكن إذا وجدت روسيا ظهيراً يدعم موقفها من خلال تجمع دول بريكس فإن الأضرار على الاقتصاد الروسي المتوقعة ستكون أقل، غير أن هذا يعني عودة تقسيم العالم إلى معسكرين كما كان قبل سقوط الاتحاد السوفياتي في نهاية ثمانينيات القرن العشرين.

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version