يعيش الشعب اليمني تحت حصار خانق فرضة تحالف العدوان السعودي على هذا الشعب، هذا الحصار المفروض على الشعب اليمني ينافي كل الأعراف والقوانيين الدولية التي تنص على احترام حقوق الإنسان، فالحصار تسبب بمعاناة كبيرة ألقت بظلالها على الحياة اليومية للشعب اليمني، في المقابل لقد ظهر بشكل واضح الصمت والعجز الأممي في رفع الحصار الجوي والبري والبحري على هذا البلد، وهذا أدى بدوره إلى عزل اليمن وتقييد حرية ملايين اليمنيين وتعطيل حركة الملاحة امام الامدادات الحيوية والتجارية الضرورية للمواطنين.
وفي هذا السياق يمكن القول ان استمرار فرض الحصار على اليمن تحت مرأى ومسمع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية يُعد منافياً لجميع الأعراف والمعاهدات والمواثيق الدولية. كما أنه يعتبر انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الخاص بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبروتوكولين الملحقين بهما ومخالفاً للمواثيق والاتفاقيات ذات الصلة.
منذ بداية العدوان السعودي الإماراتي على اليمن كان مجلس الأمن حاضراً ومراقباً للأحداث المتسارعة فيها، وقد قام بإصدار عدة بيانات وقرارات، وتوالت تلك التوصيات والقرارات لكنها لم تجدِ نفعاً، فإن تلك القرارات لم تعمل على تخفيف الحصار على الشعب اليمني، حيث تبين أن مجلس الأمن يواجه أزمة حقيقة كبرى تحد من قدرته على تنفيذ قرارته، بسبب عدم تطرق ميثاق الأمم المتحدة في وضع آليات واضحة المعالم للبند السابع الذي هو محور عمل مجلس الأمن والمميز عن سائر الأجهزة الأخرى، بل ترك الأمر للاعتبارات السياسية للدول الكبرى صاحبة العضوية الدائمة تفصل كل قضية دولية على حسب مقاسها ومصالحها السياسية.
في ظل الحصار الذي يعيشه الشعب اليمني وفي ظل الدور السلبي لمجلس الأمن الدولي فيما يخص اليمن تتوالى التصريحات الصادرة يوماً بعد اخر والتي تشير إلى الدور العقيم لمجلس الامن الدولي وفي هذا السياق قال نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء، حسين العزي، إن الحصار المفروض على الشعب اليمني جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.
وأشار العزي في تغريدة له، إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول الأوروبية لايزالون يتعاملون مع جريمة حصار اليمن وكأنها حق طبيعي لدول العدوان.
استمرار الحصار جريمة لا تغتفر
من خلال التصريحات الأخيرة ومع تواصل العدوان السعودي الإماراتي على اليمن، تتكشّف الحقائق الخفية يومًا إثر يوم، ومع اشتداد الوضع المعيشي الذي يعاني منه الشعب اليمني تظهر بشكل واضح حقيقة الغطاء السياسي الذي يوفره مجلس الأمن والأمم المتحدة لأبشع عدوان حدث في العصر الحديث، على دولة بهدف مصادرة سيادتها وإذلالها والسيطرة على كل مقدراتها لمصلحة قوى الاستكبار العالمي التي تتحكم بمصير ما يسمى الأمم ومجلسها، الذي تعرّى كلياً منذ بدء العدوان على اليمن حتى الآن.
وفي هذا الصدد يتضح بما يدع مجالاً للشك عدم جدية المجتمع الدولي والأمم المتحدة للتحرك الجاد لوقف المأساة الإنسانية الناتجة عن استمرار الحصار على اليمن رغم الادانات من قبل بعض الدول والمنظمات الدولية والإنسانية التي تستنكر استمرار الحصار وتعتبره جريمة لا تغتفر . حيث طالبت العديد من المنظمات الأمم المتحدة ومجلس الآمن الدولي بالعمل وفقاً لقواعد واحكام القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان التي اُقرت لحماية الإنسان وصون حقوقه الأساسية واحترام حق الشعب اليمني في الحماية الكاملة من أي انتهاك كما طالبت باتخاذ موقف حاسم تجاه انهاء استمرار الحصار المفروض بشكل فوري وعاجل.
هل يدرك مجلس الأمن أنه شريك في الحصار على اليمن؟
من يتأمل في واقع المجازر التي ارتكبها تحالف العدوان بحق اليمن، فضلاً عن تدمير البنية التحتية للبلد في ظل سكوت الأمم المتحدة ومجلس الأمن، يدرك جيداً أن مجلس الامن والأمم المتحدة شريكان بشكل أساسي في معاناة الشعب اليمني، وإلا ما كان العدوان لينطلق ويجري إعلانه من واشنطن أساساً، فضلاً عن أنه يستمر ومن هنا تكشف المعطيات الواقعية حقيقة الدور الخفي لمجلس الأمن في العدوان على اليمن، وفي هذا الصدد يذكر أن دول العدوان لم تبلغ مجلس الأمن نيتها البدء في عدوانها إلا قبيل ٢٦ مارس بثماني وأربعين ساعة، ما يكشف حقيقة أن العدوان سبق التخطيط له وما إعلان انطلاق عملياته العدائية من واشنطن إلا إشارة واضحة إلى طبيعة الدور الأمريكي ومثله البريطاني.
فبدلاً من أن يستغل مجلس الأمن الدولي فترة الصبر الاستراتيجي التي جسدتها صنعاء في أربعين يوماً منذ بدء العدوان لإعطاء العالم فرصة لإيقاف العدوان وإقامة الحجة على المعتدين، بدلاً من ذلك أقدم مجلس الأمن على الضلوع في جريمة العدوان بشكل مباشر بإصدار القرار ٢٢١٦ الذي تجاهل فيه القصف العدواني وارتكاب المجازر بحق المدنيين والبنية التحتية.
بعد عشرين يوماً من العدوان أصدر مجلس الأمن قراره المشؤوم ٢٢١٦، وكان فاضحاً ومتحيزاً لتحالف الدول المعتدية على اليمن، إلا أن المضحك فيه كان نص ديباجته على إلزام اليمنيين بعملية انتقال سياسي تحت نيران الغارات والحصار، في الرياض العاصمة التي تقلع منها الطائرات التي تقتل الشعب اليمني.
الكيل بمكيالين.. أين هي القوانين والمواثيق الدولية مما يحصل في اليمن؟
على مدى سنوات عديدة لايزال الشعب اليمني تحت نيران عدو لا يعرف عن الأخلاق والإنسانية شيئاً، وعلى مرأى ومسمع عالم لا يقل عنه دموية وإجراماً ووحشية، فالأول يقتل بطائراته وصواريخه وذاك الآخر يقتل بصمته وسكوته، ويقبل على نفسه وصمة العار لتاريخه ومستقبله، نعم هذه هي الحقيقة وهذا هو المشهد المؤلم والحقيقة تجاه العدوان على اليمن، فالعدوان القائم على اليمن يخالف كل قوانين الإنسانية ويضرب بها عرض الحائط، ومن المؤلم أن نجد من يساوي بين الضحية والجلاد في مواقفه، وها هي منسقة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة تقول: أطراف النزاع في اليمن يجب أن تلتزم بالقانون الدولي…
ثم يقولون إنها الأزمة الإنسانية الأسوا في العالم! وهنا تُطرح العديد من التساؤلات اين هي المواثيق والمعاهدات الدولية مما يحدث في اليمن؟ أين هي الشرعية الدولية و”الأمم المتحدة”، ومجلس الأمن الدولي، وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بل أين هي شعارات الإنسانية والحرية ومدعي الثقافة الإنسانية؟! أين القوانين والشرائع واللوائح الدولية التي تنادي بحفظ وصون الدماء واحترام إنسانية الإنسان؟ ألم تعد كافية تلك الجرائم حتى تصبح المعادلة واضحة لكل من ما زال ينظر بنظرات واهمة حول ما يحدث في اليمن ..؟
في الحقيقة إن عدم اتخاذ مواقف جدية من قبل مجلس الامن الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية والصمت المطبق حول الحصار والجرائم التي ارتكبت بحق الشعب اليمني يعطي المعتدي تشجيعاً لمواصلة عدوانه وحصاره على اليمن، وغطاء لارتكاب مزيد من المجازر الوحشية، كما أنه لا يخفى على احد أن تأريخ مجلس الأمن مبني على المصالح فهو يقف دائماً ضد إرادة الشعوب.
في الختام يبدو أن استمرار الحرب على اليمن تصب في مصلحة بعض القوى الدولية، حيث إنه على الرغم من مرور ثمانية أعوام على بدء الحرب على اليمن بقيادة السعودية وبمعونة من بلدان أخرى، إلا أن ذلك لم يثر اهتمام أعضاء مجلس الامن ولم يدفعهم لاتخاذ موقف ضد المعتدي، حيث يتجلى واضحاً النفاق لبعض المنظمات الدولية ومجلس الأمن الدولي وسياسة الكيل بمكيالين التي يقوم بها المجتمع الدولي من خلال الحصار و الجرائم التي يقوم بها العدوان السعودي الإماراتي والتي تعتبر أبشع جرائم ضد الإنسانية.
وهنا يُطرح السؤال كيف تتباكون كذباً وخبثاً ونفاقاً على دماء اليمنيين وعند القرارات لا تخجلون من أنكم توازون بين الجلاد والضحية بكل وقاحة ؟ نعم انكم منافقون ومتواطئون مع العدوان السعودي الإماراتي. فتحالف العدوان يضرب بالقرارات الدولية عرض الحائط نتيجة وقوفكم بجانبه وغض البصر عن جرائمه في اليمن، وفي هذا السياق ورداً على القلق الذي يعرب عنه مجلس الامن بين الحين والأخر لابد من القول كفى نفاقاً وضحكاً فأنتم في خندق واحد مع العدوان السعودي الإماراتي ومجلس أمنكم المتواطئ وكل دوائركم الاستخبارية والأمنية والعسكرية تدعم هذا العدوان غير المشروع وغير القانوني على الشعب اليمني.