“السعودية لا يهمها أكان النظام في صنعاء جمهوريا أو ملكيا الذي يهمها أن يكون ذلك النظام تابع لها” مقولة منسوبة للرئيس المشير عبدالله السلال مخاطبا الزعيم عبدالناصر قبيل إعلان انسحاب القوات المصرية من اليمن.
لم تكتفي جارة السوء بالوصاية السياسية واستخدام القوة العسكرية واحتلال اراضي يمنية منذ قيام كيانهم للمرة الثالثة بل تعدى ذلك الى عرقلة كل مشروع اقتصادي قد يعود بالنفع على الاقتصاد اليمني وتحسين الحياة المعيشية والخدمية للمواطن اليمني .
-يمن السبعينيات
( في اليمن تقطع الأشجار وتستخدم حطبا للطبخ والخبز فقضى على الغابات واختفت الأشجار وتحولت اليمن الخضراء غبراء فتستورد أنبوبة البوتجاز من أطراف الخليج ثم تعود للتعبئة مع تكاليف نقل باهضة جدا .
واليمن بلاد جبلية ومواصلاتها وعرة جدا ومع بدأ شق الطرقات وتعبيدها فبرميل الأسفلت يستورد من مسافات بعيده من أقصى الخليج وتكاليف النقل غالية ومرتفعة ).
هذا ما تحدث به محسن العينى في كتابه ( خمسون عاما في الرمال المتحركة ) واصفا الوضع الاقتصادي لليمن بداية السبعينيات من القرن الماضي.
فالحاجة العالمية للطاقة زادت فأرتفاعت اسعار النفط ومشتقاته ودفعت اليمن ثمنا غاليا وعبئا اقتصاديا اخرى كغيرها من الدول الفقيرة مما انعكس على الحياة المعيشيةوالخدمية للمواطن اليمني .
ورغم محاولات اليمن للبحث عن النفط واستخراجه وقدوم العديد من الشركات كانت السعودية تقف دائما خلف اي محاولة لليمن في استخراج النفط .
فحاولت اليمن أن يكون لها صلة بعالم النفط كسوريا والأررن ولبنان حيث استفادت من مرور النفط بأراضيها وإقامة المصافي في موانئها .
–الوفد العراقي
ويشير العيني بقوله : ( وقد حررت رسالة إلى الملك فيصل عام 1970م عبر مستشاره الشيخ كمال أدهم رجوته فيها استخدام بعض ما للمملكة العربية السعودية من أموال لدى رومانيا لإقامة الأخيرة مصفاة على سواحل اليمن ) في حين توجه رئيس الجمهورية القاضي عبدالرحمن الأرياني إلى العراق وطلب مساعدته لإقامة مصفاة في اليمن وفي حين سكتت المملكة العربية السعودية أرسل العراق فنيين للبحث في الموضوع فزاروا سواحل اليمن وانجزوا الدراسات وقدروا التكاليف وناقشوها مع الشركات الغربية التى ستتولى التنفيذ .
ومع قيام حركة 13 يونيو 1974م التصحيحية وخلال قمة الرباط في نوفمبر بنفس العام طلبت اليمن من العراق مساعدته في مواجهة متاعب اليمن النفطية . فوصل وفد عراقي يرأسه عدنان حسين المسؤول عن العلاقات النفطية وقد عرض الوفد فور وصوله استعداد العراق لبناء مصفاة في الخوخة ( تقع على ساحل البحر الأحمر وهي احدى مديريات محافظة الحديدة وتبعد عنها 163كم جنوبا ) .
و بعد كل الدراسات التى تمت اثناء رئاسة القاضي الأرياني واحضر معه مشروع الاتفاق لدراسته وتوقيعه ليبدأ بناء المصفاة على الفور .
ونظرا لأهمية الموضوع اجتمع رئيس مجلس الوزراء محسن العينى برئيس مجلس القيادة الرئيس الحمدي و شرح له ما دار من حديث من قبل الوفد العراقي.
ويشير العيني انه ( وخلال اجتماع لمجلس القيادة و بحضور رئيس مجلس الشوري الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر حدثت اثناء الاجتماع مناقشة حادة وتوتر وانفعال بين الطرفين ورفض قاطع لأي تعاون مع العراق ….. وعلى أثر ذلك تم ابلاغ الوفد العراقى شكرنا وإننا بحاجه إلى بعض الوقت لدراسة الموضوع وسنبعث بعد ذلك بوفد إلى بغداد لاستكمال ذلك ) وقد أدرك الوفد العراقي الموقف فقالوا : ( لقد جئنا بناء على طلبكم وتمت الدراسة بناء على طلب سابق منكم ولا يضيرنا رفضكم لأن المصفاة هي في مصلحة اليمن أولا .
وعلى كل حال فإننا ننصحكم بقبول أي عرض لإنشاء مصفاة في بلادكم مع السعودية أو الكويت أو أي جهة فأنتم المستفيدون ) .
-الوصاية السعودية
ولم تمر ايام بعد مغادرة الوفد العراقي حتى جاء وفد سعودي لليمن وصرح إنه قادم للبحث في موضوع المصفاة وشكلت صنعاء وفد مكونا من وكلاء وزارة الاقتصاد والمالية والجهاز المركزي للتخطيط وشركة المحروقات برئاسة مستشار رئيس مجلس القيادة للشؤون السياسية .
وبعد زيارة للحديدة وسواحل اليمن على البحر الأحمر ومحادثات طويلة رفعوا الينا ما توصلوا اليه . وخلاصته أن المملكة العربية السعودية بحاجة إلى مدة لا تقل ثمانية عشرا لدراسة الموضوع من الناحية الفنية وبعد ذلك القرار السياسي يعود إلى الجهات العليا في المملكة ! .
فضاعت المصفاة على اليمن بسبب التدخلات والوصاية السعودية وحرمت من إقامة مشروع اقتصادي إن قدر له النجاح لنهض بمستوى الاقتصاد الوطني وحياة الشعب وخدماته .
اضافه أن المنطقة الساحلية تمتلك مخزون نفطيا بحسب دراسات شركات للتنقيب وبالأخص منطقة المخا وما جاورها .
-تكاليف باهظة
ويضيف العيني إن موضوعها قد فتح بعد ذلك اثناء زيارة الرئيس الحمدي للسعودية ثم في اثناء زيارة رئيس الوزراء وإن الجانب السعودي أجاب بأن الملك الراحل فيصل كان قد أوصى ببناء المصفاة ولكنها ستكلف كثيرا وقد يكون من الأفضل تخصيص أي مساعدات لجوانب أخرى ! –
لكن عدوانهم على اليمن منذ مارس 2015م والذي كلفهم مليارات الدولارات لا قيمة لتلك الاموال ولم ولن يكن رقما مرتفعا وباهظا مادامت اليمن سُتدمر ويقتل شعبها ومن قبل العدوان صرفت الرياض ملايين الدولارات لشراء و لاءت قبيلية يمنية وصرف رواتب شهرية وامتيازات لهم وانشاء تحالفات قبلية تدين بالولاء والطاعة لآل سعود وتعدى ذلك لبعض مسؤولين الدولة – .
اضافة ايضا عند معرفة تكاليف إنشاء مصفاة عدن ندرك ضعف حجج الرياض وعرقلتها لمشروع اقتصادي يخص اليمن فمصفاة عدن التى أنشأها الاحتلال الانجليزي بداية الخمسينيات من القرن المنصرم لم تصل تكلفتها نصف مائة مليون جنية استراليني. فقد تقرر انشاء مصفاة عدن سنة 1952م نتيجة اغلاق مصفاة عبدان في ايران من قبل حكومة الدكتور مصدق .
فكانت مصفاة عدن إحدى أهم المصافي في العالم حيث كانت تسد الحاجات العسكرية البريطانية ( الطيران والبحرية وغيرهما ) إلى جانب المحروقات وتمون سفن النقل بالوقود و ايضا تمون السوق الداخلية وسوق البلدان المجاورة بالمنتوجات المشتقة من النفط .
كلف إقامة مصفاة عدن 47 مليون جنية استراليني منها 5 مليون في المنشآت المرفئية و6 مليون في السكن وتجهيزات أخرى .
وقد انجزت المصفاة خلال 21 شهرا بدأ من نوفمبر 1952م حتى يوليو 1954م وقد اشتركت في انشائها شركات أمريكية واوروبية .
26 سبتمبر نت: علي الشراعي