عند إعلان المبعوث الأممي لبدء سريان هدنة بين صنعاء والتحالف لمدة شهرين، كان هناك تساؤل هل يمكن لهذه الهدنة أن تنجح ويتم التمديد لها، ثم تكون بوابة لسلام دائم في اليمن والمنطقة، لكن بعد مضي 37 يوم من عمر هذه الهدنة بات السؤال هل تصمد الهدنة فيما تبقى من عمرها؟
وما هو الرد الذي تعده صنعاء بعد نقض التحالف لأهم بنود الاتفاق، باستمرار فرضه الحظر على مطار صنعاء، واحتجاز سفن المشتقات النفطية، وإضافة إلى ذلك التحليق بالطيارات التجسسية المقاتلة، والخروقات الأخرى.
يرى مراقبون أن التحالف كان بحاجة للهدنة لإعادة ترتيب صفوفه سياسيا وعسكريا، وهو ما برز من خلال إطاحته بهادي وتشكيل مجلس قيادي برئاسة رشاد العليمي، وهي خطوة لتوحيد الفصائل الموالية له في مقابل صنعاء، وقد كانت الهدنة أيضا حاجة للسعودية بشكل خاص لحماية منشآتها النفطية والحيوية الأخرى، بعد تدشين صنعاء عمليات كسر الحصار والتي ألحقت أضرارا بالغة بالرياض، وهذه الحاجة مشتركة بين الرياض وواشنطن التي دفعت بإتجاه الهدنة، في ظل حاجتها الملحة للوقود المتفاقمة بفعل الحرب في أوكرانيا.
صنعاء كانت أيضا بحاجة للهدنة لإثبات جديتها في السلام، ورغم نقض التحالف لأهم الشروط تؤكد صنعاء عبر وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي “أن الالتزام بالهدنة رغم نقضها من قبل التحالف، يأتي لتفويت الفرصة أمام تجار الحروب وبما يخدم المصالح العليا لليمن وشعبه”، ومع ذلك تؤكد صنعاء أن وقائع السيناريو السياسي الجديد للتحالف تكون صورة واضحة بأنه لا نية لديه للسلام” وفقا للواء العاطفي.
لكن صبر صنعاء على خروقات التحالف للهدنة، قد لا يستمر حتى نهاية عمرها الذي أوشك على انقضاء ثلثيه، ومن شأن التمادي في هذه الخروقات كما يقول رئيس وفد المفاوضات محمد عبدالسلام أن يقوض الهدنة.
بعد خرق الهدنة بطائرة تجسسية شن طيران العدوان غارة جوية في منطقة حرض/م حجة، ومن شأن هذا التمادي في الأعمال العدوانية تقويض الهدنة الإنسانية العسكرية المهددة أساسا بعدم تنفيذ بنودها فيما يخص إعادة فتح مطار صنعاء الدولي وتسهيل وصول السفن القادمة نحو ميناء الحديدة.
— محمد عبدالسلام (@abdusalamsalah) May 4, 2022
وسواء تم تقويض الهدنة تماما قبل نهايتها أو واصلت صنعاء الالتزام بها حتى نهاية مايو الجاري، لم يعد حتى أكثر المتفائلين يتوقع أن يتم التمديد للهدنة مرة أخرى، خصوصا في ظل المؤشرات على تحضير التحالف لتصعيد عسكري في عدد من الجبهات.
وسواء حدث هذا التصعيد أم لا، لا يبدو أن صنعاء ستوافق على التمديد للهدنة، مالم يتدارك التحالف الموقف خلال الأيام المتبقية، ومالم يفعل ذلك، فإن ما بعد الهدنة لن يكون كما قبلها، لأنها كما يصفها متحدث قوات صنعاء العميد يحيى سريع “لحظات فارقة في التاريخ فإما أن يظهر تحالف العدوان نيته الصادقة للسلام وجديته في تنفيذ الهدنة أولا والدخول منها الى انهاء العدوان والحصار وخروج القوات الأجنبية ثانيا أو أن ينكث كما هي عادته”.
تأمل صنعاء أن يختار التحالف الخيار الأول، “لإظهار حسن النوايا، وإنقاذ أنفسهم مما ينتظرهم، إن كانت نواياهم المبيتة المكر والخديعة لأنهم لن يجنوا من ذلك إلا الهزيمة والخسران المبين”. بحسب تصريح لوزير الدفاع في صنعاء.
قد تعود إذن عمليات صنعاء لكسر الحصار، وقد تبدو حرائق أرامكو التي ظلت أكثر من 24 ساعة في جدة شهر مارس الماضي، بسيطة أمام الحرائق القادمة، حسب توقعات المراقبين.