المغرب يستعد لـ "الربيع".. إثر قتل السلطات المغربية لبائع أسماك بآلة ضغط القمامة
المشهد اليمني الأول| متابعات
تناولت صحيفة “كوميرسانت” الوضع في المغرب بعد مقتل بائع السمك، مشيرة إلى ان الاحتجاجات الجارية هي اختبار للسلطات.
جاء في مقال الصحيفة:
تستمر في عشرات المدن المغربية الاحتجاجات التي بدأت إثر مقتل بائع الأسماك. تجري هذه الاحتجاجات على غرار تلك التي حصلت في تونس قبل ست سنوات بعد أن أحرق بائع الفواكه نفسه احتجاجا على تعسف السلطات، والتي كانت بداية لانطلاق “الربيع العربي”.
فهل ستشهد مملكة المغرب التي بقيت أوضاعها مستقرة نسبيا خلال السنوات الماضية، ما حصل في البلدان العربية الأخرى؟.
بدأت التظاهرات الاحتجاجية في المغرب قبل ثلاثة أيام نتيجة حادث تراجيدي لا علاقة له بالسياسية، حيث اتهمت الشرطة بائع الأسماك محسن فكري بانتهاك القوانين، عندما حاول بيع 500 كلغم من أسماك ابو سيف، الذي يمنع اصطياده خلال الفترة من 1 اكتوبر/تشرين الأول ولغاية 30 نوفمبر/تشرين الثاني من كل سنة. اعتقل الرجل في مدينة الحسيمة الساحلية، وبعد اعتقاله أعلن الطبيب البيطري بأن الأسماك التي بحوزته غير صالحة للبيع.
لذلك حاول رجال الشرطة التخلص من الأسماك المصادرة، قرر البائع منعهم بقفزه إلى حوض سيارة جمع القمامة، وفي هذا كانت نهايته، حيث وقع تحت آلة ضغط القمامة وتوفي، وقد انتشرت صورته المشوهة في شبكات التواصل الاجتماعي. وهناك رواية ثانية تقول إن فعل محسن فكري قد يكون ناتج عن رغبته في الانتحار.
يقول أحد منظمي الاحتجاجات حسين المرابط، “سوف تستمر الاحتجاجات إلى أن تتم معاقبة المذنبين”. وحسب قوله “لا بد من ضمانات بعدم تكرار مثل هذه الأفعال”، ويصرون على “تطهير دوائر الدول من الفاسدين”.
تستمر الفعاليات الاحتجاجية في عشرات المدن المغربية، الرباط والدار البيضاء ومراكش وطنجة وفاس وغيرها، وقد زادت أكثر وانتشرت لكون محسن فكري ينتمي إلى المكون الأمازيغي الذي يشكل بين 30 – 40 بالمئة من سكان المغرب، وعلاقاته مع العرب متوترة. انضم إلى هذه الاحتجاجات المدافعون عن حقوق الأمازيغ الذين حملوا راياتهم القومية ذات ألوان نيلي – أخضر – أصفر، وهم يهتفون “كلنا محسن فكري”.
يقول نائب مدير معهد إفريقيا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ليونيد فيتوني “إن مستوى معيشة الأمازيغ في المغرب هو أدنى من مستوى معيشة العرب، والمشكلات الاجتماعية في مناطقهم أشد حدة. لذلك ليس عجيبا أن يصبح موت أحدهم حجة لانتفاضتهم”.
تذكرنا أحداث المغرب بالسيناريو الذي تطورت بموجبه أحداث “الربيع العربي” في تونس قبل ست سنوات، التي كانت بداية لـ “الثورات الشعبية” في بلدان إفريقيا والشرق الأوسط. انطلقت تلك التظاهرات الاحتجاجية إثر حرق بائع الفاكه التونسي محمد بوعزيز نفسه بعد مصادرة بضاعته.
لذلك لا يستبعد ليونيد فيتوني، إمكانية الحديث عما يجري في المغرب، بكونه “سيناريو متحكم فيه.” و “إن المبادرين به ليس بالضرورة الولايات المتحدة أو الغرب، إذ يمكن ان تكون حركة إسلامية متطرفة.”
على خلاف السلطات التونسية التي أطاحت بها الاحتجاجات الجماهيرية، فإن العاهل المغربي محمد السادس تفاعل مع الحدث بسرعة وأوفد وزير الداخلية محمد حصاد إلى مدينة الحسيمة وكلفه برئاسة لجنة التحقيق بالحادث. وقد تعهد الوزير بأن “جميع الذين تثبت إدانتهم سينالون العقاب وفق مبادئ القانون”. وقد أعلنت النيابة العامة عن اعتقال 11 شخصا بينهم رجلا شرطة واثنان من مراقبي صيد الأسماك ورئيس الخدمات البيطرية في المدينة. كما خضع 20 آخرون للتحقيق.
من جانبها تقول مستشارة مدير معهد الدراسات الاستراتيجية يلينا سوبونينا، يجب أن يساعد التفاعل السريع للسلطات المغربية مع الحادث في تخفيف حدة التوتر، “لقد زار ممثلو الملك المنطقة وقدموا مساعدات مادية لعائلة الفقيد والتقوا المحتجين. يبدو أن سلطات البلاد أخذت عبرة من أحداث تونس”. كما لفتت سوبونينا النظر إلى أن الأنظمة الملكية كانت خلال “الربيع العربي” أكثر ثباتا، “لأن الملكيات في الشرق العربي تعتبر حكما عادلا”. يتفق مع هذا الرأي ليونيد فيتوني ويضيف في المغرب “تم اعتماد منظومة فعالة للتفاعل السريع مع الاحتجاجات الجماهيرية”.
بالذات بفضل هذه المنظومة تمكنت السلطات من احتواء الاحتجاجات الجماهيرية عام 2011 التي وقعت على خلفية الأحداث التي شهدتها بلدان شمال إفريقيا- تونس، مصر، ليبيا. استمرت التظاهرات حينها مدة أربعة أشهر من فبراير/شباط لغاية يونيو/حزيران، حيث وافق العاهل المغربي حينها على مطالب الجماهير وأعلن عن إصلاحات دستورية. وبعد الانتخابات البرلمانية أصبح أحد أعضاء حزب التنمية والعدالة الإسلامي المعتدل، رئيسا للوزراء، ما وضع حدا للاحتجاجات. إضافة لهذا أصبحت اللغة الأمازيغية لغة رسميا في البلاد وهذا بدوره خفف جدا التوتر بين القوميات في البلاد، ولكن تبين الأحداث الأخيرة بأنها لم تزلها نهائيا.