الرئيسية أخبار وتقارير الحرب السعودية ضد اليمن وجدت الموافقة والتأييد من أعلى الهرم في إسرائيل

الحرب السعودية ضد اليمن وجدت الموافقة والتأييد من أعلى الهرم في إسرائيل

الحرب السعودية ضد اليمن وجدت الموافقة والتأييد من أعلى الهرم في إسرائيل

نتنياهو ويعلون يعلمان أنّ التصريح بهذا الوضوح يزعج الدول الخليجية، فهي تفضّل أن تكون علاقاتها تحت الطاولة، لكنهما يعلمان أيضاً أنها لا تستطيع أن تنفي بأنهما في السرير نفسه.
يادلن مثلاً صرح لقناة «فرانس ٢٤» في نهاية شهر حزيران بأن المسؤولين الإسرائيليين والسعوديين يلتقون «تحت الرادار» وأن «الاتصالات من الممكن الآن أن تكون أكثر رسمية لأنهم يواجهون عدواً مشتركاً هو إيران».
وعلى خطى العلاقة الإسرائيلية الأميركية العابرة للحزبين تكون العلاقة الإسرائيلية السعودية. تتفق الحكومة والمعارضة على وجوب تنمية التقارب بين الطرفين.
تسيبي ليفني، وهي عضو الكنيست وعضو في لجنتين مهمتين؛ إحداهما لجنة الشؤون الخارجية والدفاع، في تصريح للقناة العاشرة قالت إن إسرائيل «يجب أن تعمل مع السعوية ضد حزب الله والأخطار الأخرى». وكبقية «المفاوضين العرب»، لم يفوّت تركي الفيصل فرصة مغازلة الوزيرة السابقة في مؤتمر ميونيخ فهو «يفهم لمَ اختِيرَت لتكون المفاوضة عن إسرائيل». لا حاجة طبعاً إلى ذكر ردها، فالصورة اتضحت.
السياسة الخارجية التدخلية السعودية بعد الاتفاق النووي وعدم التدخل العسكري الأميركي المباشر ضد الدولة السورية بعد حادثة الهجوم الكيماوي كانت محل ترحيب لدى المسؤولين الإسرائيليين والكتاب والباحثين الصهاينة. لا شك أن الانكفاء الإسرائيلي النسبي إقليمياً بعد هزيمة حرب تموز لعب دوراً في ذلك. في مؤتمر هرتسيليا للأمن الدولي الأخير، وهو الملتقى السنوي المهم لتقويم وضع الكيان الصهيوني أمنياً على المستوى الدولي، أسبغ الرئيس العام الحالي لاستخبارات الجيش هيرزي هاليفي المديح لسلمان بن عبد العزيز.
يقول: «هذه ليست السعودية نفسها التي رأيناها قبل عام ونصف عام. هذا ملك مختلف ويحوز شبكة دعم تحيط به. السعودية فاعلة بشكل أكبر بكثير وتطمح إلى قيادة المخيم السني في الشرق الأوسط. هي على الأرجح الدولة التي اتخذت أقوى موقف في وجه إيران في الشرق الأوسط. توجد ظاهرة مثيرة هنا: بعض هذه الدول السنية في طور الاقتراب من مصالحنا، هذا أمر مهم. توجد فرصة هنا». هاليفي يستوعب هذه الديناميكية جيداً: عندما تشعر السعودية بأن وليها المشترك مع إسرائيل هو أقل قابلية للاعتماد عليه، فإن درجة علاقتها وتنسيقها بإسرائيل سترتفع، وهو أمر ترحب واشنطن به بلا أدنى شك، فلا أحلى من أن ترى أطفالك يكبرون ويتفاهمون.
وعلى قدر العدوانية والوحشية، يكون الإعجاب الإسرائيلي. الحرب السعودية التي قادتها ضد اليمن باسم الدفاع عن شرعية الرئيس المنتهي ولايته عبد ربه منصور هادي وجدت الموافقة والتأييد من أعلى الهرم في المؤسسة الصهيونية الحاكمة.
المصلحة الإسرائيلية المباشرة في اليمن تكمن في ضمان حرية الملاحة في باب المندب حيث إنها تقود إلى ميناء إيلات، وعلى هذا كان يتركز نظرها بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، لكن مشكلتها في أن نفوذها المباشر في اليمن غير موجود، لكن إمكانية التعاون مع الدول الأفريقية في الضفة الشرقية من البحر الأحمر ودول الخليج كانت موجودة وتزيد وتيرتها. لهذا، لم يحتج نتنياهو سوى إلى يومين ليقول «بعد محور بيروت ــ دمشق ــ بغداد، إن إيران تقوم بحركة كَكَمّاشة لإِحكام السيطرةِ واحتلالِ كلِّ الشرق الأوسط عن طريق الجنوب. محور إيران ــ لوزان ــ اليمن خطرٌ على البشرية ويجب أن يُوقف. هذا الأمر يُرى بحق من جميع الدول في الشرق الأوسط على أنه تحرك إيراني استراتيجي للهيمنة على المنطقة، وعلى هذا فإننا نشهد شيئاً غير مسبوق [من السعودية]».
لو لم يُذكر اسم نتنياهو لظن القراء بحق أنهم يقرأون تصريحاً لأميرٍ سعودي أو أحد الكتّاب العاملين لديه في إحدى الصُحُف. هو الفكر نفسه الذي يستحيل عليه فهم كيف تكون سيداً لنفسك. عدسات آل سعود لا ترى في الناس إلا عبيداً يُشترون بأموال النفط ودمى تتحكم فيها القوى. هو الفكر الذي يظن أن قطع الإمداد عن حركة وطنية كأنصار الله لم تحتج من الدعم إلا لماماً لتعيد قرار بلدها لشعبه وتطرد نفوذ آل سعود ومن ورائه النفوذ الأميركي شر طردة، سيطفئ هذه الحركة نهائياً. الوقت وحده كفيلٌ بإفهامهم أن إفلاسهم أقرب بكثير من صنعاء.
في هذا السياق، لا عجب أن أقدر الخبراء العسكريين على تقويم الأداء العسكري السعودي في العدوان الهمجي البربري على اليمن هم الصهاينة في معهد الشرق الأوسط لسياسة الشرق الأدنى، وخصوصاً في ظل شح المعلومات المتوفرة عن الحرب بسبب سطوة النفط والغاز على الإعلام السائد والمشاركة الغربية المباشرة في العدوان، مقارنة بالكم الهائل من المتابعة التي «تحظى» بها الحرب في سوريا.
لاحظ مثلاً التطابق التام بين أسلوب العدوان الصهيوني على لبنان من خلال الحصار الجوي والبحري والقصف الهمجي والعدوان السعودي على لبنان. هو التصميم الإمبريالي نفسه. الطائرات الأميركية الصنع التي ألقت القنابل العنقودية على قرى النبطية والبقاع والجنوب هي نفسها تلقي مثيلاتها على قرى صعدة والجوف ومأرب. الخبراء العسكريون الذين حددوا الأهداف في لبنان هم أنفسهم من يحددونها في اليمن. دليل تبييض سجل إسرائيل عن المجازر في حملات حرق غزة، حيث يشكل المجرم لجنة تبرئ نفسه، هو ذاته الذي يمرر لآل سعود. شركات العلاقات العامة التي تدوّر الحجج عن الدروع البشرية واستخدام المدارس لتخزين السلاح هي نفسها. هي الجريمة نفسها والمجرم ذاته.
الطريف أنّ أحد أمراء آل سعود المأخوذين بالأحضان من صهاينة المراكز البحثية في واشنطن، حاول أن يقلل من حجم إذلال المقاتلين اليمنيين للقوات السعودية على حدود نجران وعسير وجيزان، مع معداتهم ومدرعاتهم الأميركية الصنع (التي تم التلميح والتقليل من حجم خسائرها في صفقة الـ ١٥٠ دبابة أبرامز، والتي رفض مجلس الشيوخ التصويت على رفضها قبل أيام في ٢٣ سبتمبر ٢٠١٦)، بمقارنتها بالخسائر الإسرائيلية في الهجوم البري في نهاية حرب تموز ٢٠٠٦ وإذلال الميركافا في وادي الحجير. التعجب العفوي سرعان ما يتحول إلى تفهم لمنطق المقارنة. فهل نتوقع أن تقارن الأداء السعودي الكارثي بتجربة الجيش الكوري الشمالي مثلاً؟
أما الكتّاب الصهاينة فهم غالباً ما يردون التحية بأفضل منها، إذ إنهم يتبرعون بالدفاع عن السعودية حين تهاجمها الصحافة الغربية (ضروري أن ننبه الى أن الانتقادات الصادرة من الصحافة الغربية لا تعدو كونها محاولةً لنقل اللوم من أميركا إلى الحليف المشاكس، مبرئةً ساحة الدول الغربية كأن دولاً ودويلات كالسعودية وقطر قادرة على اتخاذ أي موقف سياسي ذي دلالة على المستوى الدولي من دون تعليمات أميركية) والتذكير بأن لا ينسى الغرب إيران فهي أكثر شراً وإرهاباً. عند كل خطوة سعودية «حازمة» في لبنان وسوريا واليمن، يتبرع اليمين الصهيوني لمعاتبة الإدارة الأميركية بأن «تقاربها» مع إيران أشْعَرَ السعودية بالخطر وأن عليها معالجة المخاوف السعودية عن النفوذ الإيراني. حساب مؤسسة «ضد إيران نووية» يتكفل بالرد على تصريحات وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف (وهو من جناح موهوم بأن الرأي العام الغربي قابل للتأثير عليه، بما يُحدث تأثيراً على مستوى السياسة الخارجية، واختياره للصحيفة يشي بأنه لا يفهم أن الوهابية لم تكن لتكون بهذا المستوى التدميري لولا التبني الإمبريالي البريطاني الأميركي لها واستخدامها كسلاح في مواجهة أعدائها من الاتحاد السوفياتي سابقاً إلى محور المقاومة الآن في سوريا) على الهواء مباشرة ومن دون تأخير. يتسابق الكتّاب الإسرائيليون والأميركيون الصهاينة بالرد على مقالات جواد ظريف في «نيويورك تايمز» دفاعاً عن الشقيقة السعودية.
ولئن أظهرت هذه القضية مخاوف مشتركة حول قضية معينة إلى العلن أكثر وزادت من مستوى التنسيق، فهي فرصة أيضاً لفهم هذه العلاقة بينهما. يركز الإعلام في جبهة الممانعة حول ما يظهر من الاتصالات بين المسؤولين الرسميين وغير الرسميين السعوديين ونظرائهم في الجانب الصهيوني كما يحدث الآن. لكن هذا التركيز يغفل حقيقة العلاقة التي تجعل من هذه الاتصالات مجرد عرض حيث إنها تحالف ضمني بحكم تمثيلهما للوليّ السياسي نفسه. هما طرفان على المستوى الأفقي نفسه مرتبط كلاهما بأميركا في علاقة زبون وراعٍ. مستوى التنسيق بين هذين الزبونين محكوم بشعورهما بدرجة التزام راعيهما بحمايتهما. هنا يصبح التنسيق والاتصال مجرد لازمة لحقيقة اشتراكهم في تمثيل أميركا، وفي هذا يكمن سر اشتراكهم في تحديد الأعداء والأصدقاء نفسه.
في مقابلة يادلن مع قناة «فرانس ٢٤»، عندما سئل عن صحة تصريح المتحدث باسم البرلمان الإيراني علي لاريجاني أن السعودية وإسرائيل تعاونتا وقدمت الأخيرة للأولى معلومات استخبارية استراتيجية في حرب تموز، أجاب بـ«أن قوى عديدة في العالم أرادت أن تكون إسرائيل شرسة مع حزب الله، وليس السعودية فقط […] لذلك فإن دعم السعودية لإلحاق الهزيمة بحزب الله ليس مفاجئاً». هذا قبل الاتفاق النووي وقبل مجيء أوباما، أعداء إسرائيل كانوا ولا يزالون أعداءً للسعودية.
مخاوف السعودية وإسرائيل من التزام وليّهما المشترك بحمايتهما ــ بمعزل عن صحته ــ حوّلت تحالفهما الضمني إلى تحالف صريح. ما كان يخجل منه آل سعود أصبحوا يجاهرون به شيئاً فشيئاً. أما علاقات القوة الناعمة فأصبحت العيش والملح لأمراء آل سعود وكتّابهم وباحثيهم ومثقفيهم. ما قاله جمال عبد الناصر قبل خمسين سنة يصحّ في ٢٠١٦: من هو حليف لأميركا وبريطانيا، بالتأكيد لن يكون قادراً على أن يحارب من أجل فلسطين.

قراءة للباحث العربي علي جهاد – الأخبار اللبنانية

 

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version