المشهد اليمني الأول/
بعد بيان ترامب الاخير بشأن مقتل خاشقجي وعدم استبعاده ان يكون ولي العهد السعودي مسؤولا، ومع ذلك الاستمرار في التحالف معه، بات واضحا وبفجاجة، ان امريكا تعلن انها فوق القانون الدولي. ناهيك عما كشفه ترامب من دور سعودي (كان معلوما سلفا بغير اعلان صريح) في مساندة العدو الاسرائيلي، وهو ما يشي بأن المجهول ربما اعظم من الشواهد والتسريبات. لا جديد اذن يمكن ان تقدمه الاحداث للمقاومين والذين يتميزون بالوعي ويعلمون جيدا طبائع امريكا والعدو الصهيوني، وطبائع عروش خليجية رهنت نفسها لخدمة مصالح العدو منذ اتفاق النفط مقابل الحماية المعروف باسم اتفاق كوينسي بين روزفلت والملك المؤسس عبد العزيز ال سعود.
ربما يكون هناك جديد امام بعض الجماهير المخدوعة والمضللة، والتي نتمنى ان تستفيق في زمن الاعلانات الفجة عن الطبائع الرخيصة لمعسكر العدوان. نحن امام وضع مفاده باختصار:
1/ تحالف امريكي مع متهم بجريمة دولية ناهيك عن جرائم الحرب باليمن، وبشكل معلن لصالح العدو الاسرائيلي والحفاظ على وجوده بالشرق الاوسط وفقا لتعبير “ترامب”.
2/ تعاون امريكي واماراتي وسعودي صريح مع القاعدة والارهاب لخصه “مايكل هورتون” من مؤسسة جيمستاون لوكالة أسوشييتد برس بالقول نصا (من الواضح أن عناصر الجيش الأمريكي تدرك أن الكثير مما تقوم به الولايات المتحدة في اليمن هو مساعدة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية …
لكن دعم الإمارات والمملكة العربية السعودية ضد ما تعتبره الولايات المتحدة توسعة إيرانية له الأولوية على محاربة القاعدة في شبه الجزيرة العربية و حتى استقرار اليمن ).
وقد كشفت الوكالة ان في إحدى الحالات ، غادر مقاتلو القاعدة مدينة المكلا الرئيسية بعد أن “ضمنوا طريقًا آمنًا وسمح لهم بالاحتفاظ بالأسلحة والنهب المنهوبة من المدينة”. وكشفت ان صفقة أخرى سمحت للمسلحين بمغادرة ست مدن في منطقة أبين. وقال خمسة وسطاء قبليين شاركوا في المفاوضات للوكالة “أسوشيتد بريس” إنهم أكدوا أن التحالف والولايات المتحدة سوف “يوقفان القصف على القاعدة مع انسحاب التنظيم بأسلحته”.
3/ نحن امام تعثر وفشل وخسائر لتحالف العدوان لخصته تقارير غربية، وكان ابرزها منذ اشهر، حيث ذكرت انه، وبحسب تقديرات استخباراتية أمريكية، فإن الحوثيين تمكّنوا من تدمير 98 موقعاً عسكريًا سعوديًّا في نجران وجيزان وعسير وظهران الجنوب وخميس مشيط تدميراً كلياً، إلى جانب 76 موقعاً عَسكرياً تم اقتحامُه والسيطرة عليها وتفجيره بالألغام الأرضية. كما أن الحوثيين دمّروا أَيْضاً منطقتَي القيادة والسيطرة في نجران وعسير وخميس مشيط بشكل كلي، كما تم تدمير بشكل كامل قصور الإمارة في نجران وظهران وجيزان، إضَافَةً إلى تدمير مقر العمليات للجيش السعوديّ في الخوبة والطوال وأبو عريش والحرث والربوعة.
كما بيّنت “واشنطن بوست” أن الحوثيين لم يكتفوا بذلك، بل تمكّنوا أَيْضاً من تدمير مقر قيادة القوات الجوية بقاعدة خميس مشيط الجوية تدميراً كاملاً، وهو ما تسبب في مقتل قائد القوات الجوية السعوديّة الفريق “محمد الشعلان” وعدد من كبار قادة الجيش بقطاع سلاح الجو السعوديّ، فضلاً عن تفجير الطائرات الحربية ومنصّات الصواريخ للدفاع الجوي السعوديّ، وقتل أَكْثَـر من 36 طياراً و39 ضابطاً من الجانب السعوديّ. ناهيك عن الخسائر الاقتصادية والسياسية وخسائر جحافل المرتزقة.
4/ نحن امام محنة يمنية كبرى من حيث الوضع الصحي والاقتصادي وضحايا جرائم الحرب المرتكبة.
5/ نحن امام ملحمة صمود كبرى للمقاومة. وعليه، فإن ما يمكن قوله هو ان المعركة ومعسكراتها تزداد وضوحا وكما يألم اليمن فإن المعتدين يألمون، ولكنهم ليس لديهم ما يفخرون به، كما تفخر اليمن بصمودها وبطولاتها. والرهان على الوقت هو في صالح المقاومة، حيث يزداد الاقتصاد السعودي والاماراتي استنزافا، ولا سيما بعد ان ربط ولي العهد السعودي حبل خفض اسعار النفط على رقبته ارضاء لترامب كي يتواطأ معه في جرائمه الدولية.
كما ان وضع ترامب نفسه في الكونجرس يزداد سوءا، وربما تصل الامور لمحاكمات شخصية وليس مجرد دفع اثمان سياسية. لازال خيار المقاومة المسلحة واستهداف المعتدين ومصالحهم بصوارخ المقاومة هو الاصح استراتيجيا وايضا تكتيكيا.
(إيهاب شوقي – كاتب عربي مصري)