المشهد اليمني الأول |
قالت موقع “ميدل إيست أي” إن واشنطن ولندن تواصلان تسليح المملكة العربية السعودية التي شكل تحالفها تحالفًا ضمنيًا مع مقاتلي القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
وأشار الموقع في تقرير كتبه الباحث السياسي البريطاني مارك كورتيس، ترجمه للعربية “الموقع بوست” إلى تحقيق أجرته وكالة أسوشيتد برس في الآونة الأخيرة أن الميليشيات في اليمن التي يدعمها التحالف الذي تقوده السعودية، والتي تعتبر الولايات المتحدة والمملكة المتحدة جزءًا فعليًا ، تقوم بتجنيد المئات من مقاتلي القاعدة لمحاربة قوات الحوثي من أجل إعادة الحكومة إلى وضعها السابق (عبد ربه منصور هادي).
وبحسب التقرير قامت قوات التحالف بعقد صفقات سرية مع مقاتلي القاعدة، ودفعت بعض المال لترك المدن الرئيسية بالأسلحة ونهب الأموال التي تصل قيمتها إلى 100 مليون دولار.
وفقا لـ “ميدل ايست أي” فإن القصص المماثلة التي ظهرت في حرب اليمن تطرح سؤالاً رئيسياً: بالنظر إلى تسليحهم للمملكة العربية السعودية، هل تقوم واشنطن ولندن أيضاً بتسليح وتمكين متشددي القاعدة في اليمن؟
ونقل الموقع عن مجموعة الأزمات الدولية وصفه للتحالف العربي والقاعدة بأنه “تحالف ضمني” في اليمن، وقالت مجموعة الأزمات: قامت جماعة أنصار الشريعة، وهي جماعة متشددة أنشأتها القاعدة في شبه الجزيرة العربية باعتبارها ذراعها المحلي ، بالقتال بشكل منتظم إلى جانب قوات التحالف ضد الحوثيين في عدن وأجزاء أخرى من الجنوب، بما في ذلك العاصمة الثقافية تعز، وحصلت بشكل غير مباشر على أسلحة من التحالف.
على الأرض في اليمن، يقول التقرير “تتألف قوات التحالف من خليط من الميليشيات المناهضة للحوثيين والفصائل وأمراء الحرب القبليين، حيث يتشابك متشددو القاعدة في شبه الجزيرة العربية ويتواجدون في جميع الخطوط الأمامية، وتستفيد القاعدة في جزيرة العرب من الكم الهائل من الأسلحة الخفيفة والثقيلة التي ترسلها السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى اليمن لتسليح الميليشيات، وهي أسلحة تبدأ من بنادق هجومية إلى صواريخ موجهة مضادة للدبابات.
ووفقاً لمجموعة الأزمات الدولية، فإن القاعدة في شبه الجزيرة العربية “حصلت على مجموعة واسعة من الأسلحة الجديدة، بما في ذلك الأسلحة الثقيلة من معسكرات الجيش اليمني، أو حصلت عليها بشكل غير مباشر من التحالف الذي تقوده السعودية”.
وكان موقع “ميدل إيست آي” كشف في العام الماضي أن أكبر قوة سلفية متشددة في تعز حصلت على أسلحة ومال من التحالف العربي، وقالت إن شخص يدعى “أبو عمر” هو من قاد تلك المجموعات، وجرى تعيينه لاحقا من قبل السعودية ضمن المقاتلين في تعز، فيما واصل القيادي السلفي أبو العباس عقد اجتماعات شهرية مع قيادة التحالف في عدن.
وأشار الموقع إلى أن هذه الإمدادات من الأسلحة طويلة الأمد تسهم في نمو القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ونقل عن جوكي بورينغا مستشار وزارة الخارجية الهولندية لشؤون اليمن، منذ ما يقرب من ثلاث سنوات قوله بأن “السعودية تقوم بتسليم الأسلحة إلى القاعدة التي تعمل على توسيع نطاق نفوذها”.
وذكر إن واشنطن ولندن تحاول تشويه سمعة إيران لإمداد الحوثيين بالسلاح ووضع النزاع في اليمن كصراع سعودي – إيراني.
ومع ذلك، وكما أشار مايكل هورتون، وهو خبير في الشأن اليمني بمؤسسة جيمستاون إن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب استفاد من تدفق الأسلحة إلى اليمن” بينما “في الوقت الراهن، مؤكدا أن إيران لديها القليل التأثير مع الحوثيين، الذين هم يمنيون متميزون ومتجذرون في سياق ثقافي اجتماعي يمني للغاية، وفق وصفه.
وعن الأسلحة الأمريكية والبريطانية قال الموقع “إذا وصلت أسلحة من السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى متشددي القاعدة في اليمن فهل يمكن أن تكون هذه الأسلحة هي نفسها التي التي باعتها واشنطن ولندن إلى الرياض وأبو ظبي؟”.
ولفت التقرير إلى أن المملكة المتحدة قامت بترخيص أكثر من 4.6 مليار جنيه إسترليني (5.9 مليار دولار) من الأسلحة للسعودية منذ بدء القصف في مارس 2015، وهذه الأسلحة -حسب التقرير – تشمل ليس فقط أسلحة للقوات الجوية السعودية، مثل الطائرات الحربية والقذائف، ولكن الأسلحة التي تعتبر مثالية للمجموعات المتمردة، مثل القنابل اليدوية والقنابل والبنادق.
يقول التقرير إن “الحكومة البريطانية تعترف بحرية بأنها لا تراقب استخدام صادراتها من الأسلحة بعد البيع” وقالت: “ليس لدينا صورة كاملة عن أي بنود محددة تم استخدامها في اليمن”، و يضيف التقرير “لا يبدو أن هناك أي قيود على ذلك، وكيف يمكن أن يستخدم السعوديون الأسلحة البريطانية التي يتلقونها”.
وبالتالي – حسب الموقع- لا يمكن للحكومة البريطانية أن تعلن بشكل قاطع أن أسلحتها لا تنتهي في أيدي القاعدة، وهو خطر سيستمر طالما أن لندن تحافظ على تدفق الأسلحة إلى الرياض.
وتابع التقرير “حكومة المملكة المتحدة ليست متواطئة فقط في جرائم الحرب السعودية، ويتجلى ذلك في دورها المباشر في الحرب (تزويد الأسلحة وتخزينها وإصدار الأسلحة المستخدمة في قصف وصيانة الطائرات الحربية السعودية) ، لكنه يساهم أيضا في صعود تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية”.
ويضيف كاتب التقرير: في يوليو / تموز ، قال وزير الخارجية أليستر بيرت للبرلمان: “لقد سمح الصراع في اليمن لمنظمات إرهابية مثل تنظيم القاعدة وداعش بتأسيس أنفسهم ونشر رسالة العنف والتطرف”بينما أفادت مجلة “جينس إنتليجنس ويكلي” بأن القاعدة في شبه الجزيرة العربية هو في طور التأكيد على نفسه باعتباره الفاعل المهيمن عبر معظم جنوب اليمن.
وحسب الصحيفة، تتزايد قوة القاعدة في شبه الجزيرة العربية التي يقدرها المسؤولون الأميركيون من 6000 إلى 8000 – في حين أن الحرب توفر للمجموعة مجموعة من الفرص لتحسين تكتيكاتها.
يضيف هورتون نقطة حرجة أخرى: “إذا كانت القوات المدعومة من التحالف العربي قادرة على إجبار الحوثيين على التراجع، فإن القاعدة في شبه الجزيرة العربية ستتحرك لملء بعض الفراغات التي يخلفها الحوثيون وحلفاؤهم – على المدى القصير على الأقل”.
ولفت إلى ان الولايات المتحدة تزعم أنها تحارب الإرهاب في اليمن، وتزايدت هجماتها بطائرات بدون طيار ضد أهداف القاعدة في شبه الجزيرة العربية منذ تولى ترامب السلطة، لكن مهمتها الأكبر هي كسب الحرب الأهلية ضد الحوثيين، وفي هذا الصراع فإن مقاتلي القاعدة هم بالفعل في الجانب نفسه مثل التحالف العربي.
وأوضح التقرير أن التحالف من خلال وضع نفسه كقوة سنية منضبطة قادرة على مواجهة المتمردين الحوثيين، أقام تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية نفسه كشريك فعلي في التحالف، ويتجلى ذلك في المعركة الحالية لميناء الحديدة الاستراتيجي ، والذي تمر عبره الكثير من الإمدادات الغذائية والإنسانية في اليمن.
وذكر التقرير أن اثنين من القادة الأربعة الرئيسيين المدعومين من التحالف على طول ساحل البحر الأحمر هم حلفاء للقاعدة – كما ذكرت وكالة أسوشيتد برس-، وواصل قائد يمني آخر وضع في قائمة الإرهاب الأمريكية لعلاقاته مع القاعدة العام الماضي تلقي أموال من الإمارات العربية المتحدة لإدارة ميليشياته.
يقول الباحث السياسي البريطاني مارك كورتيس في تقريره “مرة أخرى تجد واشنطن ولندن نفسيهما – كما هو الحال في سوريا وليبيا والعديد من الصراعات الأخرى – فيما يتعلق بـ الميليشيات الإرهابية كقوى بديلة لتحقيق أهداف سياسة خارجية واسعة”.
وأشار إلى أن القاعدة في شبه الجزيرة العربية، التي تشكلت في عام 2009 من خلال اتحاد من فروع القاعدة السعودية واليمنية، هاجمت أهداف أمريكية وبريطانية في المنطقة، وحاولت تفجير طائرة ركاب متجهة إلى الولايات المتحدة وأعلنت مسؤوليتها عن هجوم يناير / كانون الثاني 2015 على مجلة شارلي إبدو. في باريس التي قتلت 12 شخصا.
يمضي الباحث بالقول إن “عكس نمو القاعدة في شبه الجزيرة العربية وداعش – وإنهاء حرب كارثية – سيتطلب تسوية سياسية في اليمن شاملة وتتناول مطالب بالاستقلال والأمن المحليين ، بينما تعمل تحت مظلة دولة متغيرة”.
وقال “يجب أن نخاف على اليمن، حيث أن القاعدة في شبه الجزيرة العربية بعيدة كل البعد عن الانصهار، ومن المرجح أن تزداد قوة كلما استمرت الحرب”.
و يضيف “يجب أن نخاف أيضاً من الغرب ، لأن أولويات السياسة الخارجية لحكوماتنا لا تزال بعيدة كل البعد عن تعزيز المصلحة العامة في اختيارهم للحروب والحلفاء”.
———————————–
*مارك كورتيس هو مؤرخ ومحلل في السياسة الخارجية للمملكة المتحدة والتنمية الدولية ومؤلف ستة كتب ، وآخرها طبعة محدثة من الشؤون السرية: التواطؤ البريطاني مع الإسلام المتطرف.
ترجمة الموقع بوست