المشهد اليمني الأول/
يبدو من مشهد الحرب الإقتصادية الأمريكية بالدولار الصهيوني, وتفاعلاتها الجيوسياسية، ما بين سقوط قلاع نفوذها، والتمهيد بتحريك الرخ الرأسمالي, لهجوم خيل الصديق على قلاع اعداءها، في لعبة على رقعة شطرنج, تقود في مجملها لاخراج مشهد، عنوانه تصريح اردوغان سنحرر مناطق جديدة في سوريا، في اشارة للدور التركي القادم.
وهذا يؤكد أن موجهات الضغط الإقتصادي على تركيا، انما هو لتوجيهها نحو شن عدوان مباشر على سوريا الاسد وحلفاءه، ويكون راس حربته في معركته، لفيف الدواعش المهزومين، الذين يناهز عددهم 100 ألف إرهابي، حشرتهم الهزائم في ادلب، الخاضعة حاليا لحماية الجيش التركي بشكل مباشر، ولدعم هذه الاتجاه، لا بد من تحييد روسيا والصين وتقييد ايران بالعقوبات الاقتصادية.
أردوغان مرشح لمهمة تحقيق الاهداف الصهيوامريكية، لاسقاط الدولة السورية، كهدف مشترك، عجزوا عن تحقيقه جميعا في السابق عبر الفوضى وحرب العصابات.
ليخوضها اليوم أردوغان عبر حرب الجيوش، ورهانه الحاضنة الاخوانية، عربيا واسلاميا لتجييش قطيعهم، للقتال في سبيل بعث الامجاد العثمانية، وحلم الخرافة الاسلامية، بحلته الاخوانية.
أيضا ما يرشحه سماته الشخصيته، ونزغته النرجسية، وتقلب مواقفه بشكل حاد التي لا تحكمها القيم والمبادئ، بل عقليه المصالح وعقيدة الغاية تبرر الوسيلة، وهوسه نحو التفرد والزعامة الاقليمية.
وعلى ما يبدو ان تحويل نظام حكم تركيا من حكم النخب الى حكم الفرد، ياتي في سياق تهيئة الظروف لتقوده اطماعه في هذا الاتجاه، ذلك ان حصل فسوف يعني ان الاقطاب العالمية الجديدة عقدة صفقة كبرى مع الصهيونية، بموجبها يتلزم الاخير بعدم اعاقة التحول الكلي نحو نظام متعدد الإقطاب، مقابل ان تلتزم الاقطاب الجديدة، بعدم اعتراض تفاعلات الحرب القادمة، بين سوريا المقاومة، من جهة وتركيا الإخوانية من جهة اخرى، في إطارها الإقليمي، بعيدةً عن الكيان الصهيوني، والممرات والمصالح الدولية.
بالتوازي مع صفقة اخرى بين تركيا اردوغان كطرف والصهيونيه كطرف اخر، بموجبها ينبري الأول لتمرير صفقة القرن وتثبيت وجود الكيان الصهيوني، وكسر رأس حربة محور المقاومة (سوريا) وتفكيك خاصرتها (العراق)، فيما تلتزم الصهيونية ونخبها الراس المالية، لانقاذ ودعم الاقتصاد التركي، وتمكين الطموح العثماني في سوريا وكردية العراق.
ومن غير المستبعد ان تطرح مكة والمدينة، بمحوريتها في عقيدة الخلافة العثمانية بحلتها الاخوانية، كجائزة تحفز أطماع أردوغان، لتكون قطر خزينته وجسره ورأس حربته لقطفها.
وهنا على ما يبدو أن الصهيونية تسعى لإعادة إنتاج تجربة بسمارك بلاروسيا (ألمانيا الشرقية) في منتصف ثمانيات القرن الثامن عشر، الذي كان يطمح الى الزعامة الأوروبية وتوحيد المانيا الشرقية والغربية تحت قيادته.
وكانت بلاده الشرقية حينها، تمر بنفس الازمات الاقتصادية المفتعلة، (وليس بعيدا ان تكون بنفس الموجهات لذات الاجندة)، نتيجة افرازت ظروف مرحلة من الصراعات الدولية والاقليمية، التي خلقت بيئة مثالية لتحرك النفوذ الصهيوني لتنفيذ اجندتها، عبر توظيف العلاقات الدولية المتوترة ومساحات الفوضى والفراغ السياسي، واللعب بورقة التوازنات الاقليمية لتمريرها.
أمام تلك الظروف اندفع بسمارك لعقد صفقه مع الصهيونية التزم فيها بتمكين الصهيونية من بناء كيانهم قبل أن تنتقل إلى بريطانيا، مقابل إلتزام الصهيونية ممثلة بيوت المال اليهودية، لدعم وانقاذ اقتصاد امبراطوريه بلاروسيا ومساعده لبناء إقتصاد قوي، إلى جانب تمويل حروبه ضد فرنسا التي بدورها دفعت إليها، بظروف شبيه بظروف سوريا، كونها مرت بافرازات صراعات وتحولات بنويه أفرزته حراكات داخلية ودولية مماثلة.
ـــــــــــــــــــــــــــ
حُميد القطواني
