المشهد اليمني الأول/
كل نقاش أو دعوات أو تفاوض أو حوار تحت عنوان ويافطات السلام تتجاهل وضع اليمن الواقع تحت العدوان وتحت الاحتلال من قبل تحالف دولي هو نهج ممالئ ومتواطئ مع العدوان . وكل حديث منمق عن السلام وإيقاف الحرب بين اليمنيين هو إعلان يشرعن العدوان ويجرم مقاومته . وهو تغريد من برج عاجي يغرد خارج المشكلة و هو رقص على الدم ودفن لحقائق الصراع في اليمن سواء الصراع بين اليمن كشعب ووطن ضدا من القوى الاحتلالية الغاشمة .. أو الصراع في اليمن بين الشعب وقواه الحية من جهة في مواجهة النخب الفاسدة والخائنة التي وضعت مواقع القرار والمصير والتحكم بين يديها .
منطق التسليم بان حل المشكلة اليمنية ليس يمنيا دائما ولا يمكن أن يتم الحل إلا بتوافق أطراف إقليمية ودولية، اتكأت المبادرة على أساس ومفاهيم ومنطلقات وسياقات ترسخت في الأداء والممارسة السياسية اليمنية إلى أن الخارج هو الحل والملجأ وهكذا فقد ظل الكثير من جيل المشاركين في السلطات أو ممن عايشوا تحت تأثير هذا الفهم الذي لا يجد الحل من داخل اليمن لصالح الوطن والشعب بل الحل من الخارج لإعادة إنتاج صانعي الخراب أنفسهم …وهكذا تجسدت في المبادرة منطلقات ومقدمات.
الحقيقة ان هذا النوع من التسليم المطلق بان اليمن خلقت لتكون ساحة حروب إقليمية ودولية . وفي المقابل وقع هذا التسليم في التناقض المطلق حين تُقدم الحرب على اليمن بصفتها حرباً يمنية / يمنية . وهكذا يتحول العدوان وكل عدوان واحتلال من قبل الأجنبي الإقليمي والدولي إلى حمائم سلام بين اليمنيين المتقاتلين بلا هدف.
على أساس من منطلقات ومواقف التزمتها كمحددات ومبادئ انطلق منها في اتخاذ الموقف من المبادرات أو المفاوضات أو السياسات أو حتى تقارير وبيانات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وقرارات أممية تجاه الحالة اليمنية فإنني انطلق منها في التعاطي مع أي مبادرة أيا كان مصدرها.
من الوهلة الأولى وأنا أقرأ مقدمة هذا النداء الذي أشعرني بان رؤسا وأمراء وملوك الدول والتحالف العدواني هم من صاغوا البيان والنداء أو أن أصحابه قد راعوا مزاجهم وأهدافهم وليس في البيان اعتراف بحقيقة ما جرى ويجري و ما يتعرض له الشعب اليمني من جرائم ومذابح وتدمير وإحراق شامل وحصار بري وبحري وجوي يستهدف قتل كل من لم تطله آلة الحرب المجنونة ومجنونة بجعل كل السكان والأحياء أهدافا حيوية.. وبأهداف استعمارية في احتلال الأرض والمياه والجزر وتدمير شمل وحصار اقفل كل منافذ ومصادر الغذاء والدواء والوقود.
فما هي النصوص التي وردت في المبادرة وما هي أوجه ومنطلقات الرفض الذي نتبناه هنا وما هي مخاطر الصمت أو التعاطي فضلا عن الترحيب مع المبادرة بتعلاتها الخطرة .؟!
فالبيان في ندائه قد حسم وقرر أن يضع العدو السعودي موضع الراعي النزيه إذ يقول : ( إننا نهيب بالمملكة العربية السعودية الشقيقة وبدول التحالف العربي، وبجمهورية إيران الإسلامية الجارة، أن تدعم مضمون هذا النداء وتشجع كافة الأطراف ليجنحوا نحو السلم والوئام والاتفاق.).
وفي فقرة أخرى من البيان ( ناشدت الشخصيات العربية المتميزة الشقيقة المملكة العربية السعودية والجارة إيران لأن يلعبا دوراً في التوصل إلى حل سلمي ينهي معاناة الشعب اليمني ، كما تمنت على القادة العرب أن يبذلوا جهدهم في تحقيق هذا المسعى الطيب لما فيه خدمة لشعبنا العربي في اليمن).
بالله عليكم من هم القادة العرب المعول عليهم وهم قادة حرب خلف راية أل سعود وال نهيان لأن المعنى الخفي لكلمة القادة العرب إعادة الأمر إلى في أحسن الأحوال إلى طاولتهم المسماة الجامعة العربية التي هي من قررت شرعنة العدوان .
ليس من الصعب على المتابع والمدقق أن يجد نفسه أمام تركيبة التوقيع على البيان أننا أمام مجموعة غلب عليها الحضور الرسمي الحكومي العربي أو ممن هم صناع القرار في بلدان كالأردن وهي رائدة التطبيع مع الكيان الصهيوني والمغرب ولها باعها وتاريخها الأسود في تنفيذ سياسات معادية للقضايا والحقوق العربية كاملة فكيف باليمن وهكذا بقية البلدان المشاركة بالتحالف العدواني.
ومادام الحضور الرسمي هو الغالب على تقديم صيغة البيان بتلك الوجهة التي تعكس وتعبر تماما عن تنفيذ السياسات الرسمية للمغرب أو الأردن والخيارات السياسية داخل المغرب والأردن على سبيل المثال والفكرة والهدف لا تمثل سوى الخط السياسي وملتزمة سياستها الخارجية من داخل الموقف المشارك عسكريا في الحرب ضد اليمن ويعبر عن الموقف الرسمي المتحالف للعدوان .
والخطير في المبادرة أو البيان أو النداء بمسمياتها المتعددة من قبل صحابها وليس من عدنياتنا .. أنها ذهبت إلى قلب الحقائق رأسا على عقب بغية تعميق الاعتقاد السياسي المشوه وعلى نحو قدم فيه الحرب بكونها يمنية خالصة.
والأخطر في ما ذهب إليه المجموعة العربية من الموقعين على البيان وأول ما يجعلك تتوقف أمام البيان والنداء هو الجملة السياسية الممالئة والمتواطئة مع دول العدوان.
حيث يحشر إيران كطرف في الحرب في تغطية للجرائم السعودية بجعلها صراعا إيرانيا سعوديا إقليميا وحربا أهلية يمنية وتغدو الحلول والرعاية والسلام صناعة ورعاية سعودية وهذا هو معنى أن يهيب البيان ب( المملكة العربية السعودية الشقيقة وبدول التحالف العربي، وبجمهورية إيران الإسلامية الجارة، أن تدعم مضمون هذا النداء وتشجع كافة الأطراف ليجنحوا نحو السلم والوئام والاتفاق.)! ــــــــــــــــــــــــــ
عبدالجبار الحاج