المشهد اليمني الأول/
“جوزك على ما عودتيه وابنك على ما ربيتيه” أحد الأمثال الشعبية الذي أراه يصلح لكل عصر و في كل فضاء، اجتماعي كان أم اقتصادي أم سياسي، فالشعب على ما تربيه القيادة، والقيادة على ما تعودها الجماهير.
عربياً، فإن نظرية العقد الاجتماعي لـ جان جاك روسو لا تنطبق على العديد من الأنظمة العربية، فالشرعية في بعض البلدان العربية أمر يفرضه الواقع السياسي الذي بطبيعة الحال يتحكم به النظام الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية. حيث أن الشعوب تربت على تقبل الانتخابات المزيفة وعلى نتائج 99.9% ، والقيادة تعودت على نوم شعوبها. ومن أجل تجديد الشرعيات المزيفة تدخلت قوى الاستعمار وصممت ما عُرف باسم “الربيع العربي” لتحقيق هذه المهمة، وضمان استمرار المنظومات العربية في السياق المطلوب.
فلسطينياً، فقد سجل الشعب على مدى عقود الصراع الطويلة مع الاستعمار الصهيوني ملحمة تاريخية ستبقى مدرسة مهمة للعزة والثورة بمفهومها الحقيقي. حيث كانت القيادة والجماهير الفلسطينية في حالة تكاتف وانسجام كامل إلى حين بروز من يطرح نفسه بديلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية، وإلى أن فرضت حالة الانقسام نفسها على الساحة الفلسطينية.
أصبح المجتمع الفلسطيني بفعل الانقسام يعيش أزمة ثقافية حقيقية، تمثلت أبرز أبعادها في غياب الاعتدال الوطني والحوار والانفتاح، الذي يمثل الأساس الذي يبنى من منطلقه الفكر الوطني.
حالة الانقسام ربّت الشعب على تداول الكلام المذهبي، وزرعت فيه عدم الثقة بفعل الخطاب الإعلامي التشويهي المتبادل من قبل المستوى القيادي السياسي الفلسطيني بكافة ألوانه، ومن هنا وعلى أمل استعادة ثقة المواطن في السياسة، لا بد من تبني رؤى وطرق بديلة.
فلسطين ستتجاوز هذه الأوضاع إذا حدث وفاق وطني ديمقراطي حقيقي، و الاستنهاض الوطني يستدعي الاهتمام بانجازات الشباب المنتمي والمبدع، والمتابعة الجدية لها، فطالما الشعار الذي يقول : “تباً للمواهب” ما زال سارياً، فإن مناقشة مستقبل الوطن ستكون مسألة هلامية لا فائدة لها.
ما زال الضبع الأمريكي ومن معه من خفافيش الظلام يفترضون فرضيات هلامية لها علاقة بما يُسمى “صفقة القرن” يمكن تنفيذها.. صفقة لا أحد يعرف عنها شيئاً سوى تكهنات إعلامية من هنا وهناك. ولأن صفقة القرن تُطبخ بعيداً عن أصحاب الشأن .. ترى أصحاب الاسترضاء من العرب على وجه التحديد يتكاثرون ويتنافسون لغرض المحافظة على مصالحهم الاقتصادية .
ما دمنا نتعرض لـ”هجمات دولية” فليس أمامنا خيار آخر سوى تشكيل جبهة داخلية روحها التكاتف الاجتماعي و جبهات دولية كذلك، لأن الفخّ من وراء هذه الصفقة، هو فخ الانتظار .. وعدم المبادرة.
من فلسطيننا لن ينالوا، إذا توقفنا عن الانتظار وبادرنا بالعمل على طريق النهوض والبناء ودرء الفتنة عن الوطن .. من فلسطيننا لن ينالوا إذا عملنا بروح تاريخنا، فبالنهاية لا يمكن لأي نظام مهما بلغت قوته من الاستمرار والوقوف بوجه التاريخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فادي قدري أبو بكر – كاتب وباحث فلسطيني