المشهد اليمني الأول/

 

“كُلما تَمسكنت السعودية كانت تُعد لي مؤامرة” قالها الزعيم الراحل “جمال عبدالناصر”، وسنتناول هنا جزئية المسكنة والتمكن والغدر السعودي في إقليم عسير اليمني من الماضي، ومن الحاضر تمسكن الإمارات وإعلانها وقف العمليات بالساحل الغربي، برغم تأكيد ناطق الجيش اليمني والخارجية اليمنية وناطق أنصار الله ذلك مشيرين لإستمرار العدو بعملياته.

 

إذن يُراد تكرار مافعل بن سعود عبدالعزيز في محادثات أبها فبراير/مارس 1934م، حيث تمسكن أمام الإنتصارات اليمنية في نجران، والتاريخ يقول بإن اليمن في إبريل 1933م شنَّ هجوماً واسعاً لإستعادة إقليم عسير فحرر نجران أولاً، وواصل الهجوم العسكري في أكتوبر 1933م وأمام الضغط العسكري اليمني والتقهقر السعودي لجأ بن سعود لإسلوب المكر والخداع والتمسكن والغدر، وبطلب منه عُقدت مفاوضات أبها فبراير/مارس 1934م، وعرض بن سعود بأن تكون نجران منطقة محايدة بين اليمن والسعودية، وفي نفس الوقت كان بن سعود يُعد العدة لغزو الشمال وتهامة اليمن الساحل الغربي، فقدمت شركة النفط الأمريكية “ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا” لاحقاً “شركة أرامكو” قرض مالي لبن سعود لشراء أسلحة حديثة للجيش السعودي (المرجع/ تاريخ العربية السعودية لـ فاسيلييف صفحة 344 -345).

 

وبينما كانت اليمن تحتفل بالإنتصارات والتهدئة وتعيش على وقع المفاوضات، غدر بن سعود وشن هجوماً واسعاً وعلى جبهتين الأولى جبهة الشمال وبقيادة سعود بن عبدالعزيز فأستولى على نجران وبسرعة وتعثر بالتقدم نحو صعدة، والثانية جبهة الساحل وبقيادة فيصل بن عبدالعزيز، وفي مايو 1934م أحتلت الحديدة والساحل الغربي لتهامة اليمن.

 

والأمير أحمد حميد الدين، يمتص الضربة في الجبهة الشمالية ويستعيد زمام المبادرة ويستعيد نجران ويتقدم نحو خميس مشيط، ويطوق جيش بني سعود في الساحل الغربي، وينتهي الأمر إلى معاهدة الطائف 15 مايو 1934م، إنسحاب السعودية من الحديدة والساحل الغربي وإنسحاب اليمن من إقليم عسير وبعد العشرين سنة يتم الإستفتاء في عسير ونجران وجيزان بتقرير المصير.

 

والجدير ذكره هنا وبعد إحتلال الحديدة أن الإعلام الغربي يواكب الحدث ويُسقط صنعاء إعلامياً، ويضم اليمن إلى إمبراطورية بن سعود!.. وفي عام 1936م تم ترسيم الحدود (المرجع / تاريخ العربية السعودية فاسيلييف صفحة 346).

 

وفي مارس 1973م وقّع رئيس الوزراء اليمني الحجري في الرياض تنازلاً إعتبر فيه أن عسير ونجران وجيزان أصبحت أراضي سعودية، ولاحقاً وبسبب هذا التنازل عن الأراضي اليمنية يتم إغتيال الحجري في بيروت، وفي عام 2000م وبإتفاقية جدة تنازل اليمن عن عسير وجيزان ونجران مقابل “حسن الجوار”، وزعيم الإخوان المسلمين الشيخ “عبدالله الأحمر” يعتبرها حفنة من التراب، ورماد الناصرية “المخلافي عبدالملك” يعتبر السعودية واليمن دول عربية ولاخلاف في ذلك، وبارك اليسار والوسط واليمين ذلك، لينتهي الأمر برحيل الدولة والحكومة إلى الرياض مارس 2015م، والسعودية حامية الشرعية والتحرير المناطقي، وتنازل وبيع الجزر اليمنية للإمارات.

 

وهجوم الإمارات اليوم 2018م في الساحل الغربي يتعثر على وقع ضربات الجيش واللجان الشعبية وصمودهم الأسطوري، فما كان من الإمارات سوى تفعيل وصفة التمسكن السعودية، وهذه المرة، حتماً لن يجدي أي تمسكن ومكر وخداع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
جميل أنعم العبسي

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا