المشهد اليمني الأول/
صحيح أني كتبتُ عن تقطيع الثعبان في الساحل الغربي؛ إلا أن المتحدث باسم تحالف العدوان أصبح يشتكي من نشطاء الجيش واللجان، وكلامه هذا جعل قلمي ينزف بغزارة، ويكادُ يطير إلى الفازة.. لهذا لابد أن نتوقف عند نقطة واحدة من بتر الثعبان هناك.
وقع القص، ونجح العزل، وتم الفصل، واطمأنت الفازة تحت سيطرة رجال الرجال، وأصبحَ مرتزقة الغزاة، ونعالهم في وضعٍ لا يحسدون عليه، وأرسلوا الرسائل تلو الرسائل لإنقاذهم من موتٍ محقق..
جمعَ الإماراتي الهاربين والمتخلفين من عبيده الأراذل وأخبرهم بأن الخطر يداهم مدرعاته وآلياته، وأن كتائبه محاصرة، ومرتزقته تحت النار، وحاول مع حُراس الإسثمارات والمليارات، لكنَّ الرؤوس دارت، والعزائمُ خارت، وأنزل “تارك عفاش” رأسه، وأحنى “صادق الدودي” ظهره، وكل واحدٍ من البقيةِ أصابه الصمم، والعمى والبكَمْ…
التفت الإماراتي إلى خدَمِ الحُراس من أبناء الجنوب، والذين جاؤوا بلا قضية ولا هدف؛ إلا الارتزاق والعمالة، ومسحَ على لحاهُم الطويلة، ودهنَ وجوههم الرخيصة، وذكَّرهُم بدراهم البارات التي صرفها، ووعظهم بأنهم حُماة الحانات، وبواسل الحوريات، ودسَّ في جيوبهم بعض الدراهم و الريالات… وصلَ الرتل إلى الفازة ومعهم كتيبة من الحبة السوداء، والطائراتُ تظللهم كمظلاتٍ في يومٍ قائظ..جاؤوا لفك الحصار، وتم استيعابهم بكل اقتدار.. استقبلهم الأحرار، أحفاد الكرار وعمَّار، لا تتساءلوا من أين جاؤوا؟ وكيف نزلوا، وكيفَ انتظمت أسرابهم، وارتصت صفوفهم.. إن رأيتَ أفعالهم ظننتهم بالآلاف، وإن انقشع الغبار وجدتهم بالعشرات.
أمسكَ الأول بصاروخ موجه، وسدده نحوَ إحدى المدرعات القادمة، طار الصاروخُ كصقر يطارد فريسة، وصيحات المجاهد”يارب سدد” ترافقه، ويسدد الله وتحرق المدرعة ويشتوي بداخلها من كثرت ذنوبه ورخصت قيمته.. ويأتي طقم آخر ويشق طريقه في الخط الإسفلتي ويسدد أحد الأشبال طلقةً واحدة تصيب السائق في مقتل، ويخرج الطقم عن الطريق وتشتعل فيه النيران، ويحترق البعض وينجوا البعض، لكنَّ الناجي لا يجِدُ سوى الرصاص المُسدد أو الهروب في أرضٍ لا يعرفُ مشرقها من مغربها..
مدرعةٌ أخرى تحترق بصاروخ آخر، وشاحنة تشتعل فيها النيران، وطقمٌ ثانٍ وثالث ورابع..كل هذا في دائرةٍ صغيرة… أذهلني أحدُ الأولياء العظماء، وقد اعتلى إحدى التلال الصغيرة، وجلسَ جلسة الصلاة قبل التسليم، ورفع رشاشه في وضعية التسديد، ووجهه نحو المدرعات القادمة..أخذَ يقنص ويقنص، وفيما كانت الحرائق تشتعلُ في كل مكان، إلاَّ أن منظر الهاربين على أقدامهم تثير الشفقة.. أحدهم سوداني سقط على الإسفلت جريحًا، فأحالته المدرعات الهاربة إلى خرقةٍ بالية، وقطعت أطرافه، وداستْ بإطاراتها جثته وجثث الجرحى المترنحة في الطريق.
أحدُ المرتزقة نجا من الموت وأوقف إحدى المدرعات فتوقفت، وأخذ يجري خلفها كفرخٍ يلحق بأمه الدجاجة، لكنها توقفتْ قليلاً وما إن اقترب منها حتى تركته لتلوذ بالفرار، لأنه لم يكُن من الحبة السوداء، فهو جنوبي والجنوبي أرخصُ العبيد.. مدرعة متمردة؛ خرجت من خطها الإسفلتي إلى حتفها، بعد أن صادها صاروخ موجه، وصعدَ بركابها عشرات الأمتار جوًا، وقطعهم إربا إربا…
كان الطيرانُ عاجزًا بائسًا مشلولاً، فليس هناك معركة، ولا توجد مواجهة، فلا جيشٌ يهاجم، ولا مدرعات معتدية، كل ما يشاهده هو تطايرُ مدرعة له هنا، أو احتراق طقم هناك..ويرى مشاهدُ هروب مرتزقته في كل اتجاه بلا بينة ولا بوصلة…
التهمت الفازة عشرات الآليات وعشرات المرتزقة، ومازالت بانتظار المزيد وبخطط جديدة… ولو أنهم سمعوا صوت السيد القائد حين أعذر وأنذر وأخبرهم أن باستطاعتهم الوصول إلى نقطة هنا أو هناك.. لكن الحسم والتنكيل والتقطيع سيكون على يد أبناء اليمن الأحرار الشجعان…
سلام الله عليكم يا أشبال وأبطال وأقيال وأسود ونمور اليمن، إنكم اليوم تسطرون بأياديكم المسددة وأقدامكم الطاهرة وقلوبكم الثابتة؛ وإيمانكم الراسخ ومبادئكم النبيلة؛ تاريخًا جديدًا ليمن جديد، يعيد المجد ويحكي عن يمن الإيمان وعن أولي البأس والقوة العرفان… إنكم الأشبال الرجال، وأنتم الفخر والعز، فلله أمهاتٌ أنجبتكم، وآباء ربوكم، وقبيلة احتضنتكم، ومسيرةٌ وعتكم، وقائدٌ دربكم …
لله أنتم ومدرعات الغرب تحترق ببأسكم، وجماجم الغزاة المرتزقة تتطاير برصاصكم..
لستم وحدكم، لأن مقاييس الدنيا بكلها، تقول عكس ما نرى!
لستم وحدكم، لأن ما تفعلونه بجيوش وعتاد العالم كله أذهلَ العالم كله!
لستم وحدكم..فالله معكم..ودعوات المستضعفين في الجزيرة معكم.. ودعوات ضحايا الطيران تساندكم.
لستم وحدكم..فالعدلُ الجبار القوي المنتقمُ معكم.. وقد قال وقوله الحق
(إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)
فعلى أيديكم ستغرق البارات وتذهب ريحُ مملكة الرشوات!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ