المشهد اليمني الأول| خاص
مخرجات اللقاء الأمريكي مع بن سلمان وسيناريو الترويض والتجريد “الجزء الأخير” – قراءة للأبعاد والخلفيات
تقرير/ حميد منصور القطواني
خلال الأيام الأولى من زيارة بن سلمان لأمريكا لم يحظى باي اهتمام من الإدارة لأمريكية وهذا ما أكده تصريح المتحدث باسم البيت الأبيض ديو ديانتاواش ان ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان الذي يزور اميركا حاليا لم يحصل على موعد للقاء الرئيس باراك اوباما ولا مع أي من مسئولي البيت الأبيض وفق ما أعلنت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية.
عندها اتجه بن سلمان بخطى حثيثة للقاء مع من وصفهم الإعلام الخليجي كبار رجال المال والإعمال حيث عرض عليهم رؤيته للمملكة 2030 ووقع العديد من الاتفاقيات مع أرباب الاقتصاد الأمريكي ومنها ما هو متعلق بالشراكة مع المستثمرين الأمريكيين في كثير من المجالات الحيوية والشركات العملاقة وعلى رأسها شركة ارامكو وأخواتها في الوزن التي سبق وقام بخصخصتها محمد بن سلمان وبيعه لصالحه ورفض مشاركة أي طرف أخر أجنبي او سعودي..
خارطة طريق للوصول إلى الملك مرشدها محمد بن زايد: الموقف الأمريكي كان اكبر من اهانة دبلوماسية فالأمريكي يفكر بطريقة برغماتيه وليس بعواطفه، بل كانت رسالة مفادها كل الأبواب السياسية مغلقة أمامك.. وهنا يأتي دور بن زايد المرشد لخارطة الطريق التي من المفروض ان توصل بن سلمان للملك وهذا ما كشفه موقع “ميدل ايست آي” البريطاني الخميس 30/6/2015 )
في تقرير بعنوان “خطة” تقوم بها دولة الإمارات العربية المتحدة بتقديم النصح والمشورة إلى ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان؛ حول كيفية الحصول على دعم الولايات المتحدة، وكيف يصبح ملكاً بحلول نهاية عام 2016. حيث كشف الموقع في تقريره نقلا عن مصادر سعودية رفيعة ” أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، قدم المشورة لمحمد بن سلمان حول أمرين، ليصبح الخيار المفضل للولايات المتحدة والملك القادم للمملكة العربية السعودية.
كما وصفت صحيفة الواشنطن بوست نهاية شهر يونيو تلك العلاقة بين بن سلمان وبين زايد انها علاقة معلم بطالبه .
وفي هذا الصدد نقل الموقع البريطاني عن مصادر سعودية وصفتها بالمطلعة: ” إن بن سلمان، يبدو حريصاً على كسب تأييد واشنطن، وقد قال مؤخراً لبعض المقربين منه أنه سوف يكمل مهمته بأن يصير ملكاً قبل نهاية هذا العام”
وكانت البداية للوصول إلى البيت البيت الأبيض عبر أرباب الاقتصاد الأمريكي حيث كانت تلك الخارطة أشبه بعرض أمريكي لمحمد بن سلمان اذا أردت الملك يجب عليك إثبات ولائك الكامل عبر التخلي عن الانفراد بملكية الشركات الاقتصادية العملاقة وفتح باب الشراكة للاستثمار الأمريكي فيها والتنازل عن حق الإدارة لصالح المستثمر .. وكان للأمريكي ما أراده بتجريد بن سلمان من الامتيازات الاقتصادية و أهم عناصر قوته طال ما راهن عليها لتحقيق التفوق لصالحه على التيار المنافسة له على الملك.
وبهذا حقق الأمريكي هدفه بقص الجناح الاقتصادي والمالي لمحمد بن سلمان لصالح التيار المنافس له .. بعدها التقى بن سلمان مسئولي البيت الأبيض و رموز مؤسسات الحكم في الولايات المتحدة كلاً على حده حسب ما ذكرته وسائل إعلام أمريكية وغربية واختزلت مضامين تلك اللقاءات في عنوان واحد ” أن اللقاءات جاءت بهدف اختبار شخصية ومؤهلات بن سلمان للملك ” و هكذا صورها الإعلام الأمريكي على أن الأمر برمته هو تتويج فعلي لملك المملكة السعودية القادم.
استخدام الحاكم الأمريكي للأسلوب العاطفي الخادع يذكر بتعامل اوباما مع محمد بن سلمان في زيارته الأولى إلى امريكا قبل سنه ونيف واختزل الإعلام الأمريكي والخليجي تلك الزيارة في إطراء اوباما لمحمد بن سلمان بانه شاب طموح وسوف يكون له مستقبل، طريقة جعلت الأخير يشعر بالزهو ، وبأسلوب يعكس مدى الاستخفاف الأمريكي بعقلية حكام المملكة و الخليج ، بعدها وتحت شعور بن سلمان بالزهو انتقل العدوان من الاعتماد على القصف الجوي الى الدخول برا في توريطه كبرى وتلاشى شعور الزهو ذلك بعد أسابيع وأشهر من الخسائر المهولة والغير متوقعة و غرق المملكة و حلفيها الإماراتي في العدوان البري على اليمن،تبعها فترة من الابتزاز الأمريكي بصورة مباشرة وغير مباشرة .
الأمريكي مره أخرى يستخدم نفس الأسلوب العاطفي والذي أوهم بن سلمان بأنه يسير باتجاه الملك الأمر الذي جعله يعيش حاله من الزهو وجو الملك تحت مؤثرات الإعلام الأمريكي وحسب مراقبين أن الأمر ليس أكثر من مواقف إعلامية لبن سلمان الذي لا يمتلك أي مؤهلات سياسية أو عسكرية لتولي ادنى مسؤولية ولا يمتلك غير الطمع بالملك وان يضاف إلى جانب اسمه جلالة الملك ..
وهذا يأتي كخطوة أولى لسيناريو الاحتواء ضمن الرؤية الأمريكية التي من الراجح أنها اعُدت مسبقا وفق قائمة إستراتيجية من السيناريوهات الافتراضية .
المُخرج الأول من مخرجات اللقاء الأمريكي مع محمد بن سلمان. اللعبة الأمريكية لم تنتهي بتجريد بن سلمان من الامتيازات الاقتصادية والمالية التي كانت معادل راجح ووزان لصالحه في معادلة الصراع الداخلي على الملك.. فمازال لدى بن سلمان عناصر قوة راجحة ومهمة جدا أهمها التحالف مع المؤسسة الوهابية وجناحها المسلح (داعش) وهنا يدرك الأمريكي ان المؤسسة الوهابية بجناحها المسلح يجب ان لا تخرج عن السيطرة ضمن اللعبة الشرق اوسطية وان ينتهي التحالف بين بن سلمان والمؤسسة الوهابية ضمن الصراع والتنافس الداخلي .
حيث كان من مخرجات اللقاء الأمريكي مع محمد بن سلمان هو تعهد الأخير والتزامه بمحاربة الإرهاب والمقصود هنا وفق مراقبين ، هو تحجيم المؤسسة الوهابية وإبقائها ضمن دائرة السيطرة والتوظيف وفق المصالح الإستراتيجية الأمريكية السعودية.. وفي هذا السياق كشف العديد من التقارير الغربية منها ما نشره موقع “ميدل ايست آي” البريطاني” بعد اسبوع من لقاء بن سلمان باوباما ما نصه “: إن بن زايد أخبر بن سلمان بأن عليه “إنهاء حكم الوهابية” – في إشارة إلى النهج الإسلامي المتطرف الذي تمارسه المملكة العربية السعودية .
وأضاف الموقع البريطاني نقلا عن مصادر سعودية وصفها بالمطلعة ” إن بن سلمان، قد بدأ خطة تدريجية لإلغاء الشرطة الدينية واعتقال الإسلاميين الأكثر نفوذاً وتأثيراً. مضيفاً، أنه يرغب، أيضاً، في إلغاء هيئة كبار العلماء، الهيئة الدينية الأكبر في البلاد، ووقف كافة النشاطات الإسلامية التي تخدم الوهابية.
وسوف تتسبب هذه الإجراءات في حال نجاحها في كسبه للتأييد في واشنطن، حيث يميل الكثيرون إلى تفضيل المصالح طويلة الأجل التي جمعتهم مع بن نايف.
وأردف الموقع البريطاني ، أن هذه الإصلاحات الدينية سوف توصف بأنها أعمال عظيمة من قبل أوركسترا معدة بشكل جيد من شركات العلاقات العامة في الولايات المتحدة. وسوف يكون الهدف منها هو الإشادة ببن سلمان كبطل في من قبل الصحافة، والكونغرس، والأوساط الأكاديمية، بحيث تضطر الإدارة الأمريكية إلى متابعته.
و وفق ما يراه مراقبون ، ان من مؤشرات التزام بن سلمان لهذا التعهد بتحجيم المؤسسة الوهابية هو التوجيه الرسمي من الملك سلمان لملك البحرين بمواجهة الشيخ عيسى وتجسد ذلك بسحب جنسيته لإثارة الصراع المذهبي بعد ان خفت وهج وأصداء معركة الفلوجة وما تحمله من بعد مذهبي فاتت حركة تجريد الشيخ عيسى قاسم احد ابرز مرجعيات لشيعة البحرين من جنسيته والتهديد باعتقاله لإعادة الصراع المذهبي من جديد إلى الوجه ذلك لأهداف متعددة إشغال المؤسسة الوهابية بملف الصراع المذهبي وذر الرماد في العيون عن الإجراءات والأحداث التي سوف تحدث داخل المملكة.
وعندما فشلت حركة تجريد الشيخ عيسى قاسم من الجنسية البحرينية ولم تاتي بما هو متوقع انتقل الحاكم السعودي إلى إثارة موضوع المعارضة الإيرانية لتحقيق الأهداف السابقة. وبهذا يتم تجريد بن سلمان من روقة التحالف مع المؤسسة الوهابية من خلال التصادم او الاحتواء الذي سينعكس إيجابا لصالح تيار بن نايف.
وفي قراءة للتفجيرات الأخيرة في المملكة تفجيرات المملكة الأخيرة قد تكون في سياق الصراع على عرش المملكة لا فشال تيار بن نايف ولكن في القراءة الأقرب واقعية أنها ردة فعل من تنظيم داعش والمؤسسة الوهابية على تخلي بن سلمان عن تحالفه مع المؤسسة الوهابية والتزامه للجانب الأمريكي بتحجيمها و الحد من نفوذها .
وعدم تبني اي جهة للتفجيرات مؤشر يعطي بعد تكتيكي واستراتيجي لها و يقلل من استثمارها سياسيا لصالح طرف ضد أخر داخليا وأيضا لا يعطي عنوان للتوظيف السياسي على المستوى الخارجي للمملكة ..
المخرج الثاني من مخرجات اللقاء الأمريكي مع بن سلمان.. تعهد محمد بن سلمان والتزام لاوباما بعدم الفشل في الملف اليمني وهذا ما حث عليه كل المسئولين الأمريكيين واستحوذ على المساحة الأكبر في الإعلام الأمريكي المخصص لموضوع اللقاء ،ومن ما هو معروف بعد أشهر من المفاوضات و تصريحات مندوب الأمم المتحدة أن المفاوضات قطعت شوط كبير وتقدمت بشكل مبشر ..
فإذا كان نجاح المفاوضات وفق تقييم الأمم المتحدة والتهدئة ووقف إطلاق النار تعتبر بالنسبة للأمريكي فشل ، فمن البديهي ان التزام بن سلمان للجانب الأمريكي بعدم الفشل هو التصعيد العسكري وهذا ما نراه في هذه الأيام الأخيرة ..
ويرى مراقبون ان للأمريكي حزمة أهداف أبرزها إغراق القطاعات العسكرية التابعة لبن سلمان في الحرب على اليمن بهدف تحجيم تلك القطاعات العسكرية ان لم يكن تدميرها لصالح تيار محمد بن نايف ومن ما يؤكد ذلك انسحاب القوات المغربية وعدم مشاركة القوات الإماراتية و بقاء الأمر مرهون على المملكة و قطاعات بن سلمان العسكرية منفردة في الميدان .
وهذا ما يلاحظ من حشد القوات السعودية إلى مأرب من اجل التصعيد العسكري فاذا ذهبت الامور باتجاه التصعيد العسكري فلن يقف الامر عن مارب بل سيكون للطرف اليمني وخياراته الإستراتيجية الكبيرة والمتطورة في جبهة ما رواء الحدود كلمة في هذه الحالة قد تكون الفصل في مصير العدوان و مصير قوات بن سلمان ..
الأمر الأخر والذي زاد من هواجس و ارق صانع القرار الأمريكي هو تنامي القوات اليمنية “الجيش واللجان الشعبية” التي صارت التي انتقلت من احتواء الصدمة و الردود الاحتوائية للهجمات الى وضعية المبادرة نتيجة البناء والتطوير المستمر في جسم القوات اليمنية و عقيدتها العسكرية و صارت تتقدم حاليا صوب تحرير المحافظات الجنوبية وهذا مثل عائق حقيقي وسد منيع وحجر عثرة أمام الأطماع الأمريكية باحتلال الجزر اليمنية والمواني وتحويلها الى قواعد ومناطق عسكرية أمريكية و احتلال المحافظات الجنوبية التي تعتبر عمق لذلك القواعد والتواجد على السواحل وتحويلها إلى حاميات عسكرية لها. وهنا يسعى الاحتلال الامريكي مستغلا الفرص امامه لتحطيم هذا السد وتفتيت القوات اليمنية وإضعافها اذا لم يستطع تدميرها لإفساح الطريق امام اطماعه وتامين تلك الأطماع بعدما عجز السد الناري الذي صنعه لحماية احتلاله وعائق امام تقدم القوات اليمنية .
وهنا يعتقد الامريكي ان هذا سوف يتحقق على ظهر قوات بن سلمان وفق حسابه الافتراضي كمحصلة لغرق وانهيار قوات بن سلمان في اليمن انهيار وتفتت القوات اليمنية الجيش واللجان الشعبية او بالحد الأدنى إضعافها وإنهاكها لإفساح الطريق امام المخططات الأمريكي في المحافظات الجنوبية ..