المشهد اليمني الأول/

 

تُعتبَرُ الحربُ النفسية والإعلامية من أخطر الحروب على الإطلاق؛ لأنَّها تستهدفُ النفوسَ بشكل مباشر من خلال وسائل الإعلام والكذب والدجل والزيف والتهويل والإرجاف.. والعدوانُ الأمريكي السعودي يستخدمُ هذه الحربَ منذ اليوم الأول، ولو كان الشعبُ اليمني يصدِّقُ وسائل إعلام العدوان ويثق فيها لَكان قد انهار من زمان واستسلم لكن؛ لأنَّ هناك وعياً وإيْمَـاناً وثقةً وعنفواناً في نفوس الشعب الصامد، لم يتمكّـن العدوان من هزيمتهم نفسياً ولن يتمكّـن بفضل الله وبفضل التضحيات والهدى والوعي والاستمرار في الثباتِ والجهاد.

 

لقد استطاع الشعبُ اليمني بصموده وصبره ومن خلال الانتصارات التي يحقّـقُها رجالُ الجيش واللجان الشعبية في مختلف ميادين الجهاد على مدى السنين الماضية أن يهزمَ دولَ العدوان نفسياً، فبالرغم من القُـوَّة التي تمتلكُها دولُ العدوان وكثرة الأموال وكثرة الحُشُود العسكرية وجلب المرتزِقة من مختلف أصقاع الأرض والحصار الاقتصادي والحصار البري والجوي والبحري لم تستطع دولُ العدوان أن تجعلَ الشعب اليمني يستسلمُ أَوْ يركع، بل وثق بالله واعتمد عليه وقرر المواجهة، فهزم دول العدوان نفسياً وعسكرياً على مدى عامَين.

 

ومن أشد أنواع الصراع والحروب تأثيراً على الإنسان هي الحربُ النفسية والإعلامية التي تتجهُ لاستهداف النفس عبر طرقٍ وأساليبَ متعددة، منها الترغيب والترهيب بقُـوَّة عسكرية أَوْ مادية، فتخلق في داخل النفس الإنسانية حالةً من الخوف وتقبل الأمر طمعاً في مال أَوْ جاه أَوْ منصب أَوْ ثروة أَوْ خوفاً من ما يمتلكُه الطرفُ الآخرُ من قُـوَّةٍ ومن معدات عسكرية حديثة ومتطورة وجيوش كثيرة العدد ومن مختلف الجنسيات.

 

الحربُ بشكل عام عسكرية أَوْ اقتصادية أَوْ أمنية أَوْ إعلامية أَوْ غير ذلك تعتمد في الأخير على الحرب النفسية وإن تعدّدت أساليبها وطرقها؛ لأنَّها في النهاية تستهدفُ الإنسان وكل الأطرَاف في حالة الصراع في حالة استهداف، فكل طرف يريد أن يتغلب على الطرف الآخر بكل ما يستطيع لكي يهزمه نفسياً ويصل إلى الأهداف التي يريدها استعمارية أَوْ سياسية أَوْ غير ذلك.

 

إذا استطاع العدوُّ من خلال وسائل إعلامه ومن خلال خططه الشيطانية المدروسة أن يهزم خصمَه نفسياً فقد انتصر عليه حتى وإن كانت المعركة العسكرية في أطرَاف حدود البلاد والهزيمة النفسية لا تأتي بشكل سريع فهي تأتي نتيجةَ عوامل نفسية كثيرة، منها ما يأتي من طرف العدوّ ومنها ما يأتي نتيجة التحليل الخاطئ والجلوس مع النفس وضعف المعنوية والتقصيرِ والتخاذل وعدم الثقة، فيساهم الإنسان بجموده وضعفه في أن يمكّن المعتدين من نفسه ومن بلاده فيخسر نفسَه وقضيته وأرضه، ولو راجع نفسَه من البداية ودرس الأمور بشكل واعٍ لاكتشف أن لديه الكثيرَ من عوامل القُـوَّة التي لو عمل بها لاستطاع التغلب والانتصار على عدوه منها عواملَ مادية ومنها عوامل نفسية ومعنوية الصبر الصمود الثبات المواجهة المستمرة بدون كلل ومحاولة إلحاق أَكْبَـر خسائر ممكنة بالمعتدي، فلا شك أن النصر سيكون حليفَ صاحب القضية والأرض وصاحب المواقف الشجاعة والمعنويات المرتفعة والبصيرة العالية.

 

وخلال هذا العدوان ثبت للعالم بكله أن الشعبَ اليمني العظيم لا يمكن بأي حال أن يُهزَمَ لا نفسياً ولا عسكرياً، فبالرغم من قُـوَّة العدوان عسكرياً ومادياً وإعلامياً وعلى مدى أَكْثَـر من ثلاثة أعوام في مواجهة شعب فقير مستضعَف استطاع أن يصمد وأن يُلحِقَ بالمعتدين شرَّ الهزائم وأنْ لا ينهزم نفسياً ولا عسكرياً، بل بفضل الله وعونه استطاع أن يجعلَ دول العدوان تعيش حالةَ هزيمة نفسية وإن لم تعلن عنها لكنها يوم بعد يوم تظهر للعيان، فما يمتلكونه وما حشدوه وخططوا له فشل وانهزم وإن حصلت بعضُ التقدمات لهم فهي في إطار حرب الكر والفر نتيجة اختلالات أَوْ مجرد اختراقات لا تساوي شيئاً مقابل ما كان ولا يزال يطمحُ إليه العدوان.

 

لقد انتصر شعبنا في كُـلّ أساليب الصراع المفروضة عليه بجهاده وصموده وتضحياته وصبره ووعيه وقيادته الحكيمة ومعية الله ولم يتبقَّ سوى القليل حتى نصل إلى قول الله تعالى: وكان حقاً علينا نصرُ المؤمنين.

ـــــــــــــــــــــــ

✍? زيد البعوة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا