المشهد اليمني الأول| متابعات

أجرت السعودية قبيل عيد الفطر جولة مباحثات مباشرة جديدة مع انصار الله بهدف إيجاد صيغة تهيء لإنهاء الحرب في اليمن والتوقيع على اتفاق سياسي.

وأفادت مصادر خليجية مطلعة أن الناطق باسم حركة أنصار الله، محمد عبد السلام، عرج على مدينة جدة في طريق عودته من الكويت إلى اليمن، حيث قضى بضعة أيام في ضيافة السعوديين قبل أن يتوجه إلى صعدة لقضاء عيد الفطر مع عائلته.

ولم توضح المصادر طبيعة المواضيع التي تم بحثها على وجه التحديد، لكنها رجحت أن يكون السعوديون قد طلبوا من محمد عبد السلام نقل رسالة إلى عبد الملك الحوثي يطالبون فيها بتقديم تنازلات عسكرية من قبيل الانسحاب من الحديدة وصنعاء وفك حصار تعز مقابل إقرار اتفاق سياسي يأخذ مطالب الحوثيين في الحسبان.

قفز على مسار الكويت

وأبعد من المطالب الأمنية والعسكرية، تحمل الخطوة السعودية في التحاور مباشرة مع الحوثيين دلالات سياسية كثيرة حسب تصريحات مصدر ديبلوماسي خليجي لـ “رأي اليوم”. ذلك أن السعوديين وحلفاءهم -حسب رأيه- ضاقوا ذرعا بطول مسار المفاوضات في الكويت والعقم الذي تميز به بعد أكثر من سبعين يوما من الاجتماعات.

وأضاف ذات المصدر أن “المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ فشل في حمل الأطراف المتحاورة على الاتفاق على أي شيء رغم خرجاته الإعلامية المتفائلة. فكلما بشر بقطع أشواط إلى الأمام إلا وجدنا أنفسنا في مربع الصفر، وكلما تمخض جبله عن شيئ إلا كان المولود فأرا”.

وتوقع المصدر أن لا تسفر عودة المتفاوضين إلى الكويت في الخامس عشر من الشهر الجاري عن أي جديد “خاصة وأن الكويتيين يشعرون بدورهم بالتململ من طول مفاوضات ولد الشيخ ومراوحتها لمكانها، وهو ما دفعهم إلى إمهاله والمتفاوضين أسبوعين لا غير عليهم أن يتوصلوا خلالها إلى حل أو يعودوا أدراجهم من حيث أتوا”.

ويضيف  المصدر نفسه أن السعوديين وحلفاءهم قد يصرفون نظرهم عن المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة ويتوجهون إلى صياغة حل ثنائي مباشرة مع الحوثيين يُفرض بعدها على ممثلي “الشرعية” ويوكل أمر “إخراجه” إلى ولد الشيخ وفريقه.

صالح وهادي خارج الصورة

في الشق اليمني، تحمل قناة الاتصال الحوثية السعودية المباشرة إشارات لا تخطئها العين حسب مسؤول يمني سابق طلب عدم الكشف عن هويته. الإشارة الأولى -حسب رأيه- “قد تكون محاولة سعودية لفصل الحوثيين عن الرئيس السابق على عبد الله صالح لإخراجه نهائيا من أي حل مستقبلي في اليمن.

وقد قامت الرياض بمحاولات في هذا الاتجاه في وقت سابق لكن الأيام وحدها كفيلة بإثبات ما إذا كانت هذه المحاولة الجديدة ستنجح أم لا، لكنني أشك في ذلك وأرى أن صالح لا زال رقما صعبا في المعادلة اليمنية ولن يكون هنالك حل قابل للتنفيذ دون توافق معه” يقول المصدر.

أما الإشارة الثانية والأهم في تصوره، فهي موجهة إلى ما اسماه “الشرعية” كما يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي وفريقه المفاوض في الكويت. فقد “باتت عواصم الخليج وفي مقدمتها الرياض أميل إلى الاعتقاد بأن هادي لا يرغب في حل سياسي لأن أي حل سيكون على حسابه، إما بالإقصاء تماما من المعادلة السياسية، أو بتقليص صلاحياته وتذويبها في مجلس رئاسي.

وهذا الاعتقاد قد يدفعهم إلي التضحية بمصالح هادي حفاظا على مصالحهم”. ويُذكـِّـر المصدر نفسه بأن هادي “قام في السابق بتعقيد وضع المفاوضات عدة مرات سواء حين عين الجنرال المقرب من حزب الإصلاح الإسلامي علي محسن الأحمر نائبا له، أو من خلال إقالة حكومة خالد بحاح وتعيين حكومة بديلة لم تؤد إلى اليوم القسم الدستوري أو أي من أنواع القسم”.

ويضيف المصدر أن آخر محاولات هادي لعرقلة المفاوضات كانت حين استدعى وزير الخارجية عبد الملك المخلافي في شهر يونيو الماضي من الكويت وأنبأه على قبوله الشروع في التفاوض على شكل الحكومة بدل التركيز على انسحاب قوات الحوثيين وصالح من أماكن سيطرتهم.

هادي يتذاكى

ويضيف المصدر أن السعوديين وحلفاءهم بدأوا يشعرون بورطة دفاعهم عن الشرعية بعدما ربطها هادي بشخصه وحولها إلى أصل تجاري يبتزهم به. فهادي -يقول مصدرنا- “يستسهل الدفع من جيوب الخليجيين والقتال بقواتهم، ولذلك يميل إلى الحسم العسكري ضد الحوثيين وصالح ما دام ذلك لا يكلفه شيئا. بل على العكس، هو يعتقد أن انهزام الطرف الآخر هو الوحيد الذي سيسمح له بالعودة من منفاه السعودي والاستمرار في الحكم”.

ويرى المصدر نفسه أن الخليجيين “يدركون مناورة هادي وتذاكيه عليهم دون شك، لكن ورطتهم تكمن في كونه يستعمل نفس منطقهم القائل بضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن 2216 قبل الدخول في أي ترتيبات سياسية. وهو أمر شبه مستحيل في ظل الوضع العسكري الراهن على الأرض.

فكيف يمكن تسليم وزارات وإدارات ومعسكرات وأسلحة إلى حكومة غير متفق على طبيعتها؟ وحتى إذا قبل الحوثييون وصالح بتطبيق القرار الأممي دون شروط، يبدو هادي وحكومة أحمد بن دغر عاجزين وهما خارج صنعاء محاصرين في إقامة بالرياض أو في قصر المعاشيق بعدن”.

ويرى المصدر أن السعوديين لن يتأخروا في مراجعة موقفهم من هادي وشرعيته إذا توصلوا إلى اتفاق مع الحوثيين يضمن حدودهم الجنوبية ويطبق قسطا معقولا من مضامين القرار الأممي 2216.

المصدر: رأي اليوم

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا