المشهد اليمني الأول/

مخطئ من يظن أن السعودية بعيدة تماماً عن مشهد خروج تظاهرات حاشدة ضد نظام بني سعود، فدوافع الحراك الشعبي جميعها موجودة وأبرزها الغضب المكتوم في صدور معظم السعوديين وإحساسهم بالظلم إزاء ممارسات النظام الحاكم وتفرد ولي العهد محمد بن سلمان بالسلطة. دوافع تكفي لأن تفجّر ألف ثورة بيضاء تترجم حالة السخط التي يعيشها السعوديون على وقع القرارات والسياسات التي لم تفضِ إلا عن عزلة خارجية وأزمات اقتصادية وسياسية داخلية.

وعليه، فإن صحيفة «التايمز» البريطانية لم تأتِ بجديد عندما أكدت في عددها الصادر أمس الأول, أنه في الوقت الذي يحاول فيه ابن سلمان تلميع صورته أمام المجتمع الدولي عبر تبذير أموال المملكة في شتى صفقات السلاح التجارية، يرتفع منسوب السخط داخل أسرة بني سعود على خلفية تفرد ولي العهد بالسلطة وبالقرارات التي كانت موزعة بين عدة جهات. ناهيك عن الاعتقالات بزعم «محاربة الفساد» التي طالت الأمراء ورجال الأعمال الذين تم إطلاق سراح معظمهم بعد التخلي عن ثرواتهم.

وما يثير السخرية لدى خصوم ابن سلمان وعموم السعوديين الذي يرزحون تحت وطأة سلطوية وفساد العائلة المالكة منذ عقود، أن «محارب الفساد» ابن سلمان أنفق خلال العامين الماضيين ما يتجاوز ملياري دولار أميركي على شراء يخت روسي وقصر فرنسي ولوحة للرسام ليوناردو دافنشي، فضلا ًعن إهداره لتيرليون ريـال من خزينة المالية وكأنها حساب خاص به وفقاً لمبدأ «لا يُسأل وهم يُسألون».

وفيما الكره والسخط يستشريان داخل الأسرة الحاكمة كالنار في الهشيم, يراهن ابن سلمان على أمرين يشكلان برأيه أساس الوصول لرأس السلطة، الأمر الأول أن يحظى بصورة ذهنية جيدة كـ«محدّث ومؤسس جديد للمملكة». والأمر الثاني هو ضمانة رضا الإدارة الأميركية عن طموح ابن سلمان وهندسة وصوله لرأس السلطة، حتى وإن كان الثمن مئات المليارات من الدولارات.

وعليه، فإن ما يجري في السعودية من اعتقالات ذات طابع سياسي، تأكيد على أن ابن سلمان ليس مهتماً «بتحسين سجل بلاده» كما يدّعي، وأن «جهود السعوديين لمكافحة التطرف» هي مجرد مظاهر، في حين أن كل ما يقوم به نظام بني سعود هو اعتقال الناس بسبب أفكارهم السياسية والإطباق على كل ما في المملكة لضمان وصول ابن سلمان للعرش.

*صفاء إسماعيل

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا