المشهد اليمني الأول/ الوقت

اليوم، وفي حين أن الشعب اليمني على أعتاب مرحلة جديدة من الصمود بعد ثلاثة أعوام من العدوان والحصار، تحمّل فيها الشعب أصناف المعاناة في شتى المجالات، وفي مقدمتها الوضع الاقتصادي الصعب، معاناة لم ولن يتحملها شعب من شعوب الأرض، ووحده شعب اليمن من تجاوزها بكل صبر وتحدٍ، مدركاً أن الكرامة والعزة لن تأتي بالتمني، بل بتحمل أصناف المعاناة في سبيل تحقيقها. فبالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة والمعاناة الشديدة التي فرضها العدوان على جميع أبناء الشعب الصامد، إلا أنّ جموع الشعب تستمر يوماً بعد يوم، لتبعث بكل وضوح رسائل العزة والعظمة والثبات لكل العالم، وتعبر عن ثقة الشعب اليمني بالنصر المستحق بموجب وعد الله الصادق.

عام صمود بشري وباليستي

شهدت العاصمة صنعاء وميدان الصمود السبعين في الذكرى الثالثة للصمود في وجه العدوان، طوفاناً بشرياً من الحشود الجماهيرية، التي تقاطرت من كل ربوع الوطن، لتدشين عام رابع من الصمود والتحدي والثبات، يأتي ذلك بعد تدشين باليستي شهدته عاصمة “قرن الشيطان”، وأبرز مدن العدو السعودي قبل دقائق من الساعات الأولى لصبيحة الذكرى، وقد حملت اللوحة الأسطورية التي رسمتها الجماهير رسائل مهمة لقوى العدوان، مفادها أن اليمنيين موجودون وباقون مهما أفرط العدوان في القتل وبالغ في التدمير، وإنه برغم حصاره الثلاثي جواً وبرّاً وبحراً لم يستطع أن ينال من عزيمة وقوة وإصرار الشعب اليمني في صناعة دروب النصر. ووجهت الحشود الجماهيرية المليونية رسالة صريحة لمن يدّعون أنهم شرعية اليمن، بأنهم عاجزون عن حشد أنفسهم في رقعة من هذا الوطن، بعد أن ضج العالم بصراخهم وهم يستغيثون لإخراجهم من عزلتهم وإقامتهم الجبرية في دولة جعلت منهم مطيّة للتجويع والتركيع، وسلبت الأرض والإنسان تحت ذريعة بقائهم وعودتهم.

عام كشف الأقنعة

منذ انطلاق العدوان البربري الغاشم على البلاد، وفي كل مراحله، تعالت الأصوات التي تنعق بها أبواق العدوان، والتي تصف الحوثيين بالرهط القليل، وأنهم لا يعادلون 2% من الشعب اليمني، وتنعتهم بالانقلابيين والميليشيات. وإلى جانب عجز التحالف عن القضاء على هذه الثلة القليلة – حسب زعمهم – طوال ثلاثة أعوام من الحرب الحمراء؛ وتأتي الحشود المليونية بعد ثلاثة أعوام لتكشف للعالم من هم هؤلاء الثلة والرهط، ومن هؤلاء الـ 2% من جموع الشعب، وتؤكد أيضاً أن الشعب اليمني هو الشرعية الحقيقية التي يتذرعون باستعادتها، وأن الانقلاب الميلشاوي ليس إلا أولئك النفر الذين تحتجزهم في فنادقها، والميليشيات التي ترافق مرتزقتهم من كل الجنسيات.

يد تحمي، ويد تبني

يدرك اليمنيون جميعهم، أن الحل والرهان بعد الله، هو الرهان على إيمانهم ووعيهم بحقيقة هذا العدوان، وأن تعزيز عوامل الصمود ورفد الجبهات، هو الخيار الوحيد أمام شعب الكرامة الذي سيعجل بساعة الحسم والوصول إلى النصر المؤزر. من هنا دشن اليمنيون معادلة واستراتيجية جديدة لعامهم الرابع من الثبات والصمود، فهم يدركون أن معركتهم اليوم في الدفاع عن اليمن واستعادة استقلاله وبناء دولته تعتمد على ركيزتين أساسيتين: أولها الدفاع عن الأرض والعرض، وصدّ المعتدين والغزاة في مختلف الجبهات وحماية كل ذرة من تراب اليمن ومياهه، وثانيها معركة بناء دولة حقيقية في ظل نظام مؤسسي منضبط بالقوانين الوطنية التي تمثل إرادة الشعب.

الصماد يؤكد

أعلن الرئيس صالح الصماد أمام الحشود المليونية التي خرجت في الذكرى الثالثة للصمود في وجه العدوان، عن إطلاق مشروع بناء الدولة، وإرساء مبدأ العمل المؤسسي.. وقال: “في بداية العام الرابع للصمود نعلن إطلاق مشروع بناء الدولة وإرساء مبدأ العمل المؤسسي، بالتوازي مع معركة التصدي للعدوان في مختلف الجبهات، مشروع تسنده الجبهات ويسند الجبهات، عنوانه وشعاره ” يد تحمي ويد تبني”. وأضاف: ” ونحن ننطلق بهذا المشروع نعرف أن الطريق طويل ومحفوف بالتحديات خاصة في ظل العدوان ولكن كما كنا بقدر التحدي في جبهات القتال وصمدنا وحطمنا أحلام الغزاة والمحتلين، فسنكون على مستوى التحدي على طريق بناء الدولة، ومشروع بناء الدولة، وإرساء مبدأ العمل المؤسسي، ومحاربة الفساد، وكل ذلك يحمل الكثير من الخطوات والإجراءات“.

عام التسامح والسلام

مثّلت مليونية اليمنيين الذين قدموا من كل منعطفات الجغرافيا، رسالة موجعة لقوى العدوان، فهي بتدشين عام رابع من التحدي والقوة، ترسخ قيم التلاحم والتسامح والسلام، وتؤكد للمراهنين على شق الصف وتصدع الجبهة الداخلية، بأن ظنونهم خابت، ومآربهم خسئت، وأن القوى الوطنية ومعها كل الجماهير اليمنية تجتمع اليوم لتتحد في خندق واحد، دون معايير حزبية أو طائفية أو مناطقية، فالوطن فوق كل اعتبار، ووجهته القضاء على العدوان ومن يقف وراءه عاجلاً أم آجلاً.

مسك الختام

في هذه المحطة المهمة من تاريخ نضال الشعب اليمني العظيم في سبيل الانعتاق من الوصاية والهيمنة الأمريكية التي اتخذت من منافقي العصر في المنطقة مطية لفرضها عليه، يحتاج اليمنيون اليوم استذكار الماضي ليفهموا واقعهم الحالي ويستشرفوا منه المستقبل، فكما يعلم الجميع أن السعودية حاولت ومنذ عقود مضت، إحكام سيطرتها على القرار اليمني وهيمنتها عليه، وسعت لطمس هوية الشعب اليمني وتجريفها، لكن اليمن غني برجاله ونسائه وما يتمتعون به من القوة والعزم والإرادة والحكمة والإبداع، وهو ما أثبته رجاله خلال ثلاث سنوات من العدوان والحصار، برزت فيه قوتهم وصلابتهم التي أنتجت صموداً قل نظيره في هذا العالم الواهن الجبان.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا