المشهد اليمني الأول/
بدأ التواجد الضخم لشركات المرتزقة الأجنبية في بعض دول مجلس التعاون، عبر بوابة الإمارات، نتيجة عدم ثقة حكام هذا البلد بشعبه، وخوفهم من أن تكون الانتماءات الإسلامية للمواطنين، سلبية على حكمهم.
وبحسب ما نشرته العربي الجديد، فقد وجدت شركات المسلحين المرتزقة الغربية نفسها، بعد الانسحاب الأميركي من العراق وتراجع العمليات القتالية الأميركية حول العالم في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، عاطلة عن العمل، وغير قادرة على سداد رواتب جنودها، ما اضطرها إلى تسريحهم، قبل أن تقع على “منجم الذهب” الإماراتي، الذي تغذيه مخاوف ولي عهد ابو ظبي من الإسلاميين.
هكذا، لجأ إيريك برينس، مؤسس شركة “بلاك ووتر” ذات السجل السيئ والحافل بالجرائم في العراق، إلى دولة الإمارات وأقام فيها، هرباً من ملاحقات قانونية ضده في الولايات المتحدة، وأسسّ بالتعاون مع ولي عهد ابوظبي، شركةً قتالية جديدة اسمها “ريفلكس ريسبونسز” أو “R2″، بتمويل إماراتي كامل بلغت قيمته 529 مليون دولار.
حماية الإمارات
بدأت الشركة الناشئة، التي تشكل قوامها من ضباط وجنود مرتزقة سبق لهم أن خدموا في العراق وأفغانستان، في حماية المنشآت الإماراتية، وعلى رأسها حقول النفط، بالإضافة إلى حماية القصور الرئاسية والإدارات الحكومية وناطحات السحاب في أبوظبي ودبي، حيث استقدمت الإمارات عبر هذه الشركة المئات من الجنود الكولومبيين والأفارقة والأوروبيين، وأسكنتهم في معسكر الشيخ زايد في قلب الصحراء، ودرّبتهم على أيدي ضباط بريطانيين وأميركيين متقاعدين، بينما استمرت “بلاك ووتر”، التي تحول اسمها إلى “إكس سيرفيسز”، ثم إلى “أكاديمي”، بالتعاون مع الحكومة الإماراتية أيضاَ.
وشكّلت ثورات الربيع العربي نقلةً نوعية لشركات المرتزقة، حيث تعاونت الإمارات مع شركة “Saracen International Ltd” الأفريقية، للعمل على حماية بعثاتها في الصومال وأفريقيا، تحت شعار “حماية السواحل الصومالية من القرصنة”، كما قامت بتكليفها بحماية الموانئ الأفريقية التي تسيطر عليها شركة “موانئ دبي” والقيام بمهمات قتالية غامضة لصالح الإمارات في ليبيا ومصر، حيث تولى رئيس شركة “بلاك ووتر” مهمة التوسط بين محمد بن زايد وبين هذه الشركة الأفريقية المجهولة.
غزو قطر وقتل اليمنيين
ولم يكتف الإماراتيون باستغلال علاقتهم الحسنة مع الشركات الأمنية، التي ثبت تورطها في جرائم حرب حول العالم في العراق وأفريقيا، بل استطاعوا إقناع جنود شركة “بلاك ووتر” بخطة لغزو قطر، وإسقاط نظامها بالقوة، على غرار ما يحدث في جمهوريات الموز، لكن سلسلةً من الظروف أدت إلى طيّ هذه الخطة وإعادة خططها إلى الأدراج المغلقة.
وجاءت حرب “عاصفة الحزم” التي أعلنتها السعودية مع الإمارات ضد مليشيات الحوثي المسلحة والرئيس الراحل علي عبد الله صالح، لتزيد من تواجد الشركات الأمنية في المنطقة، حيث عمل مستشارو شركات المرتزقة، وعلى رأسها “بلاك ووتر”، في اليمن، كخبراء عسكريين، وجنود شاركوا في المعارك الضارية على الحدود اليمنية السعودية، وفي مناطق وعرة مثل صعدة ونجران. كما ظهرت تقارير عن مقتل عدد من هؤلاء المرتزقة في مدن يمنية، مثل تعز، وهو ما أدى إلى انسحاب جزء كبير منهم، ورفضهم خوض هذه الحرب الدموية.
إدارة السجون وتعذيب المعارضين وحماية الأبراج
ويدير المرتزقة التابعون للشركات الأمنية الخاصة السجون في الإمارات والسعودية، كما يقومون بعمليات تعذيب المعارضين من سياسيين ومثقفين ورجال الأعمال، والمشتبه فيهم بتهم الإرهاب الذين تحتجزهم السلطات. ويتقاضى هؤلاء المرتزقة رواتب تترواح بين 1500 وثلاثة آلاف دولار، وهي رواتب تُعد متواضعة، بالنسبة للدول النفطية الغنية التي تدفعها.
ولا يقتصر وجود الشركات الأمنية الأجنبية في بعض دول الخليج (الفارسي)، على الحروب وحملات الاعتقال والتعذيب، بل يمتد إلى دورها في حماية الأبراج والمصارف والأعمال المتواجدة فيها، مع عدم وجود قانون يمنعها من العمل، حيث تعمل هناك شركة “جي فور أس” (G4S) للخدمات الأمنية، رغم سمعتها السيئة في التعامل مع عدد من الملفات حول العالم، أبرزها قيامها بإدارة السجون الإسرائيلية، ونقاط التفتيش حول المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى فضائحها المتكررة بالتعامل مع المهاجرين في بريطانيا.
وتعاقدت السلطات السعودية مع شركة “جي فور أس” للخدمات الأمنية لحماية الأراضي المقدسة في مكة والمدينة، كما أن الشركات والمصارف تقوم بالتعاقد مع هذه الشركة لحماية منشآتها في كافة المدن في المملكة.