المشهد اليمني الأول/
في منتصف كل ليلة، كانت حليمة صلاح تستيقظ من نومها وهي تصرخ في حالة شديدة من الهلع تجعلها تتقيأ.. إنه الكابوس نفسه.. لقد عادت إلى اليمن، حيث تسببت حملة القصف السعودية، التي سلحتها وجهزتها بريطانيا، في إزهاق آلاف الأرواح».
هكذا استهلت جيرالدين مكلفي تقريراً نشرته صحيفة «ديلي ميرور» البريطانية تحت عنوان: «تعرف على الأطفال ضحايا صفقة أسلحة بريطانية للسعودية قيمتها 6 مليارات جنيه إسترليني».
قال مكلفي إن الطفلة حليمة كانت منذ ما يقرب من ثلاث سنوات تلعب خارج منزل العائلة في ميناء عدن حين ألقت القوات السعودية قنبلة، فقتلت على الفور اثنين من أصدقائها، مشيرة إلى أن من المحتمل جداً أن يكون الصاروخ الذي أنهى حياتهما قد صنع في بريطانيا.
ولفت إلى أن يوم الأحد 25 مارس صادف الذكرى الثالثة للصراع في اليمن، حين قامت الشركات البريطانية ببيع أسلحة بـ 6 مليارات جنيه إسترليني للسعودية بموافقة الحكومة، وخلال 15000 غارة جوية، ضربت القنابل والمقاتلات البريطانية الصنع 800 مدرسة، وقتلت 1600 طفل وشوهت الآلاف مثل حليمة.
وأشار التقرير إلى أن حليمة كانت في الخامسة من عمرها عندما أفقدها الانفجار الوعي، وسبب لها العمى تقريباً، وأفقدها القدرة على المشي. ولم تمت حليمة لأن والدها أنور، 56 عاماً، سحبها من تحت الأنقاض، وأخذها إلى مركز طبي حيث عولجت من جروح ناجمة عن شظايا.
وذكر والد حليمة: «عندما وجدتها، ظننت أنها ماتت، نقلتها إلى طبيب، ولكن في ذلك الوقت علمنا أنه يجب علينا مغادرة البلاد، لا نعرف من يدفع ثمن القنابل لكننا نريد فقط أن تتوقف».
وقال مكلفي في تقريره: «إن الصراع أجبر ما يقرب من 50 ألف شخص على الفرار من اليمن، وألحق العار بعلاقة بريطانيا الوثيقة بالمملكة العربية السعودية، وفي هذا الشهر، تناول وفد سعودي الطعام مع تيريزا ماي وملكة بريطانيا. وتزعم ماي أنها تحدثت مع الوفد السعودي عن مخاوف عميقة تجاه أسوأ أزمة إنسانية في العالم في اليمن، حيث تضرر 11.3 مليون طفل. ومع ذلك، من المعلوم أن وزارة الخارجية البريطانية على وشك التصديق على قيام شركة BAE Systems العملاقة ببيع 48 مقاتلة تايفون إلى السعودية».
ولفتت الصحيفة إلى أن أنور والد الطفلة حليمة وزوجته، فرّا من اليمن بعد أيام من سقوط القنبلة السعودية، وقاما مع حليمة المصابة وأطفالهما التسعة الآخرين بالعبور إلى الصومال التي توجد بها حرب أهلية وجفاف، وتعد معقلاً للجماعات المتطرفة.
واستدركت: «لكن مع ذلك، تعتبر الصومال ملاذاً آمناً مقارنة باليمن الذي تعرضت المستشفيات وشحنات الغذاء فيه للضرب بالقنابل، مما دفع البلاد إلى حافة المجاعة، وأدى الافتقار إلى الغذاء والإمدادات الطبية المناسبة إلى ظهور ما يقرب من مليون حالة من حالات الكوليرا التي يعتقد أنها أسوأ تفش منذ بدء التسجيل».
ونقلت الصحيفة عن جيمس دينسيلو، من منظمة إنقاذ الطفولة قوله: «تقع على عاتق بريطانيا التزامات أخلاقية وقانونية لاستخدام علاقاتها الوثيقة مع السعودية لضمان عدم استخدام الأسلحة بشكل عشوائي، مما يؤدي إلى قتل وتشويه الأطفال».
وتساءل: ما هي الضمانات التي تقدمها المملكة المتحدة لعدم استخدام الأسلحة البريطانية الصنع كجزء من حملة جوية أصابت بالفعل 800 مدرسة في اليمن؟
وأشار إلى أن الشركات البريطانية باعت أسلحة بأكثر من 6 مليارات جنيه إسترليني للسعودية منذ تصاعد الحرب في اليمن قبل ثلاث سنوات، معتبراً أن أتعس شيء هو أن كل هذه المعاناة هي من صنع الإنسان.
وأضاف: «إن كل ما نحتاجه هو الإرادة السياسية من جميع الأطراف المتحاربة لوضع حد لإراقة الدماء والتخفيف الكامل للحصار حتى يمكن للإمدادات الإنسانية والتجارية الدخول إلى اليمن».
*صحيفة ديلي ميرور البريطانية