المشهد اليمني الأول/
في الوقت الذي يدخل فيه الشعب اليمني العام الرابع من الصمود الأسطوري بوجه العدوان السعودي, تواصل بريطانيا تورطها في العدوان على اليمن سواء عبر توريد الأسلحة إلى النظام السعودي أو في مجال تدريب قواته ومرتزقته.
ومن المعروف أنه لولا الدعم البريطاني لما استمر العدوان على الشعب اليمني حتى اليوم, فخلال السنوات الثلاث الماضية عقدت الحكومة البريطانية, التي تعد ثاني أكبر داعم عسكري ولوجستي للسعودية بعد واشنطن في ملف العدوان على اليمن, صفقات أسلحة مع النظام السعودي بقيمة 5 مليارات جنيه إسترليني تضمنت معدات عسكرية ومقاتلات حربية وقنابل محرمة دولياً أزهقت أرواح آلاف اليمنيين.
الأكيد, أن المصالح المشتركة بين السعودية وبريطانيا لا تنطوي على دعم النظام السعودي وإمداده بالسلاح مقابل المال فحسب, وإنما هناك أواصر استراتيجية وأهداف مشتركة بين الطرفين, وخاصة فيما يتعلق باليمن كموقع جغرافي وثروات حيوية, فالمصالح البريطانية في هذا الشأن تعتمد بشكل رئيسي على النظام السعودي في تأمينها وتثبيت هيمنة بريطانيا في اليمن. ويمكن القول: إن الأهداف التي فشل النظام البريطاني في تحقيقها خلال فترة استعماره لجنوب اليمن يريد اليوم إعادة تدويرها وترك مجال تنفيذها لبني سعود.
وفي جوّ يتجاهل جميع الأصوات الأممية والدولية المطالبة بإيقاف تصدير الأسلحة إلى السعودية, تصم لندن آذانها عن السمع وتواصل عقد المزيد من الصفقات مع نظام بني سعود بوصفه الطرف العميل الذي يعمل على إرساء مصالح بريطانيا, وبوصف الأخيرة هي الطرف المستفيد من الصفقات التي تدرّ عليها مليارات الدولارات, ناهيك عن المصالح والأطماع المؤجلة إلى ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وفي الحديث عن مواصلة عقد الصفقات, كشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن بريطانيا وافقت على صفقة أسلحة جديدة مع السعودية رغم اتهام الأخيرة بارتكاب جرائم حرب في اليمن.
والأنكى, استخدام الحكومة البريطانية لنظام تراخيص تصدير سرية للأسلحة بهدف إخفاء النطاق الحقيقي لصادراتها من الأسلحة إلى النظام السعودي الذي يعد أكبر الحاصلين على الأسلحة البريطانية بنظام التراخيص المفتوحة, بالإضافة إلى تفادي الفحص العلني لهذه الأسلحة والحفاظ على سرية قيمتها ونوعيتها, إذ يمكن تصدير كميات ضخمة من الأسلحة إلى دولة واحدة بالرخصة نفسها لمدة خمس سنوات بعد الفحص الأولي.
وللنظام الإماراتي -شريك النظام السعودي في العدوان على اليمن- حصته أيضاً في التراخيص المفتوحة, إذ تمت الموافقة على 136 رخصة منذ 2013 لمعدات وأسلحة متعددة.
وعليه, فقد زاد استخدام هذه التراخيص لأسلحة تضم الأجزاء الحيوية للمقاتلات التي تستخدم في استهداف الشعب اليمني بنسبة 75%, وأظهرت الأرقام أن عدد التراخيص المفتوحة زادت بنسبة 22% مابين عامي 2013 و2017، بينما زادت المواد المفردة بموجب هذه التراخيص من 1201 إلى 4315 مادة, ما يعني أن التراخيص المفتوحة تزيد من عدم الشفافية في مجال تجارة الأسلحة البريطانية التي تلعب دوراً مركزيّاً في دمار اليمن.
ورغم تزايد المعارضة في البرلمان البريطاني وارتفاع حدة المطالبات الحقوقية والدولية بوقف الدعم البريطاني للعدوان السعودي, إلا أن الحكومة البريطانية لا تتعرض لضغوط كبيرة إزاء سياستها المخزية في اليمن, وحتى الإعلام البريطاني لا يقوم بتغطية أخبار العدوان بل يتعمد دائماً دفن قضية صادرات الأسلحة البريطانية التي تستخدم في قتل اليمنيين.
*صفاء إسماعيل