المشهد اليمني الأول/
مضت ثلاث سنوات من الحرب والحصار المفروض على الشعب اليمني من قبل التحالف الذي تقوده السعودية، إلا أن أضرارها وتداعياتها الانسانية تهدد اليوم بكارثة إنسانية لن يستطيع العالم مواجهتها.
فالأرقام التي تتحدث عن مقتل وإصابة 36 الف مدني بغارات طيران التحالف، منهم 15 ألفاً و388 قتيل مدني، و2773 طفل و2248 امرأة منذ مارس 2015م وحتى مارس 2018م، حسب آخر احصائية لمؤسسة الشرق الأوسط لحقوق الإنسان بصنعاء، لا تساوي ربع ضحايا الحصار الذين قضوا نحبهم موتاً بسبب نفاد الأدوية المنقذة للحياة.
فالتقديرات الأولية الصادرة عن وزارة حقوق الإنسان بصنعاء، تشير إلى وفاة قرابة 247 الف مواطن يمني جراء الحصار وتفشي الأوبئة في البلاد منذ تاريخ 26 مارس 2015 ، وتؤكد وزارة الصحة أن 52 ألف طفل قضوا منذ بدأ الحرب لأسباب يمكن الوقاية منها من دون الاطفال الذين قتلو بسبب الغارات منهم 2380 حالة وفاة بوباء «الكوليرا» والعشرات بوباء «الدفتيرياء».
كما تشير احصائيات وزارة النقل ان الحصار الجوي المفروض على مطار صنعاء منذ الثامن من أغسطس 2016م ، أدى إلى وفاة ما يزيد عن 15 ألف و328 حالة من المرضى بسبب منعهم من السفر للخارج للعلاج.
325 حالة وفاة يومياً
الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة، الدكتور عبدالحكيم الكحلاني، دعا الشهر الماضي، إلى سرعة رفع الحظر عن المطار لدواعي إنسانية، واكد الكحلاني أن تأخير ذلك ليوم واحد يؤدي إلى وفاة 325 مريضاً، موضحاً أن أكثر من 95 ألف حالة مرضية بحاجة للسفر سنويآ للعلاج لأسباب مرضية كثيرة منها ما هو خطير جداً ومستعصي علاجه داخل الوطن.
الإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة بصنعاء أكدت أن هناك أكثر من ستة آلاف شخصاً مصابون بالفشل الكلوي يتوفى منهم 2 إلى 3 أسبوعياً بسبب نفاذ المحاليل الخاصة بهم بالإضافة إلى عدم توفر 57 صنفاً من أدوية السرطان في مخازن الوزارة وفي الأسواق، وهو ما يتهدد الآلاف من المرضى بالموت.
وزارة الصحة أكدت في آخر تقاريرها أن 2 مليون طفل يعانون من شكل من أشكال سوء التغذية و500 الف طفل يعانون من سوء التغذية الشديد الذي يقترب من الوفاة، ولفتت إلى أن الوضع الغذائي السيئ في البلاد جراء العدوان أدّى إلى ضعف شديد للمناعة وسرعة انتشار الأمراض والأوبئة بكافة أشكالها، ونتيجة لذلك بات يموت طفل كل 10 دقائق لأسباب يمكن الوقاية منها حسب منظمة اليونيسيف.
كما أكدت التقارير الدولية إلى أن 2.3 مليون طفل وطفلة يمنية محرومون من الرعاية الصحية، تشير وزارة الصحة بصنعاء إلى أن 400 ألف طفل واجه خطر الموت بشكل لإصابتهم بسوء التغذية الحاد الوخيم، وتحذر المنظمات ومنها «اليونيسيف» من أن 2 من 5 أطفال بعمر 5 إلى 69 شهراً سيعانون من سوء التغذية الحاد بحلول عام 2018م.
الجوع يتهدد اليمنيين
وتفيد التقارير الرسمية إلى أن الحصار الاقتصادي الشامل على اليمن أدى إلى زيادة معانات المواطنين جراء زيادة سوء التغذية حيث أن هناك أكثر من 21 مليون مواطن هم بحاجة لمساعدة إنسانية حسب التقارير الأممية، وأن هناك أكثر من 9 ملايين مواطن يشرفون على الدخول في مرحلة المجاعة حسب تصنيفات برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة «الفاو».
ووفقاً لمسح الوطني للأمراض المزمنة الذي نفذته وزارة الصحة أواخر العام الماضي فقد أظهر أن أكثر من 700 ألف مواطن مصابون بأمراض مزمنة كالسكري والضغط والربو والصرع والأمراض النفسية.
النزوح
وزارة حقوق الإنسان أكدت في الثامن من الشهر الجاري إرتفاع أعداد النازحين إلى 3.5 مليون نازح من مختلف أنحاء البلاد، وتوضح التقارير أن 55 % النازحين من الأطفال، كما تقدر المنظمات الدولية عدد الأطفال النازحين ممن لم يلتحقوا بالمدارس بنحو 513 ألف طفل.
وفي الوقت الذي وصفت منظمة «اليونيسف» اليمن بواحد من أسوأ الأماكن في العالم للأطفال، أكد مكتب الأمم المتحدة للشئون الإنسانية «أوتشا» احتياج 11.3 مليون طفل في البلاد إلى مساعدات إنسانية نتيجة الأوضاع في البلاد منذ شهر مارس 2015م.
المساعدات
تقدم المنظمات الدولية الكثير من المساعدات، لكنها تظل متواضعة في ظل إرتفاع معدل الفقر إلى 85% في المجتمع اليمني، وتصاعد أعداد المحتاجين لتلك المساعدات إلى 17 مليون نسمة، فالأمم المتحدة قدمت مساعدات بماقيمته 900 مليون دولار عام 2015م ، ومليار و200مليون دولار خلال العام 2016م ، ولم تعلن قيمة المساعدات التي قدمت العام الماضي في ضوء خطة الإستجابة الإنسانية.
تلك المساعدات التي تتصاعد عاماً بعد أخر تعكس تدهور الوضع الإنساني في اليمن جراء الحرب وتشديد الحصار على الموانئ اليمنية، واستهداف مخازن الغذاء التي تجاوزت 700 مخزن، وكذلك تعطيل طرق وامدادات تلك المساعدات من خلال استهداف طيران التحالف 2150 طريق وجسر في مختلف انحاء البلاد، أيضاً الأسواق العامة، وتعمد استهداف ناقلات الغذاء وخزانات المياة.
يضاف إلى ذلك الإستهداف أعتماد المنظمات الدولية على منظمات وشركات خدمية لتوزيع تلك المساعدات مما يتسبب بتوزيعها بصورة غير عادلة، وهو ما يضاعف معاناة الفقراء والمعدميين.
وفي جانب المساعدات الطبية، تشير تقارير اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى أن 30% فقط من احتياج اليمن في الجانب الدوائي والمستلزمات الطبية هي ما تصل للبلاد، الكثير منها يتم إستيراداها من قبل القطاع الخاص.