المشهد اليمني الأول/
تركز الأوساط الدولية المهتمة بالشأن اليمني أنظارها نحو الكونجرس الأميركي بانتظار ما ستفسر عنه مداولات إقرار قانون جديد يقترح وضع قيود على مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في العدوان السعودي الهمجي على اليمن
كما يحض من جهة ثانية الإدارة الأمريكية على انتزاع التزامات من النظام السعودي لوضع جدول زمني ينهي عملياته العسكرية في اليمن ويعالج الآثار الإنسانية الكارثية للحصار.
يأتي ذلك مع بدء المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن البريطاني مارتن غريفت ترتيبات لاستئناف مفاوضات الحل السياسي للأزمة اليمنية بدأها بجولة من الأردن وينتظر أن تشمل السعودية واليمن وسط حال من عدم اليقين بإمكان نجاحه في إحراز تقدم بعد التقاطعات التي فرضها اللاعبون الدوليون (أمريكا وبريطانيا) وأفضت للإطاحة بالتفاهمات الأولية التي خلصت إليها مشاورات مسقط لتعيد تاليا ملف الأزمة اليمنية إلى المربع الأول.
تقاطعات تزامنت مع استباق الداعمين الدوليين للعدوان وضع عقبات كبيرة أمام قاطرة التسوية السياسية تجلت بوضوح في بيان جلسة مجلس الأمن الدولي الأخير بشأن اليمن والتي أقفلت الطريق كليا أمام المبادرات الدولية الداعمة لفكرة وقف التحالف السعودي عدوانه العسكري على اليمن ورفع الحصار كخطوة أولى تمهد الطريق أمام جهود الأمم المتحدة للحل السياسي.
في الخلاصة فإن المشهد القاتم الذي كان سائدا خلال ولاية المبعوث الأممي الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ، لم يختلف كثيرا عن حاله مع تسلم البريطاني مارتن غريفت مهماته الجديدة، فكل العوامل التي عرقلت مسار مفاوضات الحل السياسي لا تزال قائمة سوى في التحريك البسيط في الملف الإنساني والذي عبر عنه البيان الرئاسي غير الملزم الصادر عن مجلس الأمن مؤخرا بحديثه عن الحاجة لقواعد وإجراءات جديدة تواجه التداعيات الإنسانية دون المساس بأسبابها الرئيسية المتمثلة بالعدوان العسكري والحصار.
هذا المسار تعزز أكثر بالتحركات التي شرعت فيها الإدارة الأمريكية لمواجهة مشروع القانون المقدم للكونجرس الأمريكي الذي يدعو واشنطن إلى وقف دعمها لتحالف العدوان والتي أفضت حتى الآن إلى إعلان واشنطن الواضح عزمها الاستمرار بدعم العمليات العسكرية للعدوان في اليمن إلى أجل غير مسمى.
والمرجح أن هذا الموقف سيكون موضع شد وجذب فالمستجدات الدولية وتنامي التحديات التي تواجه إدارة ترامب في المرحلة الراهنة تؤكد أن واشنطن ستقاوم بشدة أي تحريك ايجابي لملف الأزمة اليمنية باتجاه وقف العدوان والعودة لمفاوضات الحل السياسي، بعدما صار الملف اليمني أداة رئيسية لدى البيت الأبيض تدعم فزاعة التهديدات الإيرانية التي يقودها ترامب حاليا أملا في تحسين أوضاعه الداخلية المضطربة.
المسار السياسي يواجه كذلك عقبات كبيرة ليس أقلها الموقف الدولي الذي ظهر أخيرا لدعم الرؤية الجامدة لدول العدوان والتي تفترض صلاحية المرجعيات الثلاث بما فيها القرار الأممي 2216 أساسا لأي تسويات قادمة في ظل تراجع كبير للملاحظات والتحفظات الدولية حيال هذه المرجعيات.
وما حدث مؤخرا في مجلس الأمن لم يكن سوى انخراط قسري للمجتمع الدولي في لعبة ابتلاع الطعم بعدما لجأ تحالف العدوان وداعموه الدوليون للتعاطي مع ضغوطه بشأن الملف الإنساني إلى استجابة جزئية مشروطة وغير ملزمة مع أوراق طالما خطط لها منذ وقت مبكر على شاكلة إعادة النظر في إجراءات الحظر الجوي على مطار صنعاء وتخفيف إجراءات إقفال المنافذ الجوية والبحرية وآليات التفتيش وهي قضايا قديمة تعاطى معها تحالف العدوان في إطار تكتيك أفلح في ترحيل جديد للمحور الأساسي للأزمة المتمثل بوقف الحرب العدوانية على اليمن شرطا للدخول في أي مفاوضات سياسية.
بقلم/ أبو بكر عبدالله