المشهد اليمني الأول/
حصل مكتب التحقيقات الاستقصائية البريطاني على وثائق تشير إلى عمل دبلوماسي بريطاني رفيع لصالح شركة علاقات عامة ودعاية، بينما لا يزال رسمياً ضمن موظفي الخارجية البريطانية، وذلك مع شن الرياض حملة دعاية ضخمة قيمتها ملايين الدولارت لتبييض وجهها بسبب حرب اليمن الكارثية.
قال مكتب التحقيقات، في تقرير له، أن تلك الأنباء تأتي مع زيارة مرتقبة لقيادات سعودية إلى لندن، ومظاهرات ببريطانيا مناهضة لقتل المدنيين في اليمن جراء القصف السعودي.
وأضاف التقرير أن الدبلوماسي جوليون ويلش -الذي كان نائباً لمدير قسم الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية- قد مُنح إجازة خاصة عام 2014 ليصح كبير المديرين في شركة كونسولوم، وهي شركة اتصالات وعلاقات عامة، تضم بين قائمة عملائها قيادات سعودية.
ولفت التقرير إلى أن الأمم المتحدة ذكرت، في تقرير سابق لها، أن الغارات الجوية السعودية هي المسبب الرئيسي لقتل المدنيين في الحرب اليمنية.
وأكد التقرير أن الدبلوماسي البريطاني ويلش يعمل في القسم السعودي لدى شركة كونسولوم، وهو أمر يثير أسئلة جديدة حول الدائرة المتكررة بين أعمال وزارة الخارجية وشركات العلاقات العامة التي تعمل لصالح حكومات أجنبية.
عضو مجلس العموم البريطاني لويد راسل لويد، وعضو لجنة مراقبة صادرات السلاح، علّق على إعارة دبلوماسي بريطاني لشركة علاقات تعمل لصالح السعودية بالقول: «ثمة فارق بين تستّر وزارة الخارجية البريطانية على حرب السعودية باليمن، والتي تحدّت المنطق وترقى في نظري لجرائم حرب، وبين انتداب الوزارة لدبلوماسي يعمل لديها لشركة علاقات تدافع عن الرياض».
وكما جاء في تقرير التحقيقات الاستقصائية، فإن وزارة الخارجية البريطانية حاولت تبرير عمل أحد دبلوماسييها لدى شركة علاقات عامة، بأنه يهدف إلى إعطاء خبرات لموظفيها في تلك الصناعة؛ لكنها أحجمت عن إعطاء رقم محدد حول عدد موظفيها المنخرطين بأنشطة تقديم استشارات لصالح حكومات أجنبية.
ولفت التقرير إلى أن قواعد وزارة الخارجية تحظر على موظفيها القيام بأي نوع من هذا العمل الذي يؤثّر على عملهم في السك الدبلوماسي البريطاني، ونقل عن دبلوماسي سابق قوله بأن «النظام الخاص بالانتدابات في وزارة الخارجية ليس فعالاً».
وعن الأمر، أكد أندرو سميث -منسق الإعلام في «الحملة ضد تجارة السلاح»- أن ثمة تعارضاً في المصالح جراء عمل دبلوماسي بريطاني لصالح شركة تدافع عن السعودية.
وأشار إلى أن عمل ويلش مؤشر على العلاقة الدافئة بين وزارة الخارجية في لندن وبين الأنظمة المنتهكة لحقوق الإنسان مثل السعودية.
وذكر التقرير أنه فيما تستعد الحكومة البريطانية لترحيب حار بقيادات سعودية، من أجل توقيع صفقات سلاح وغيرها من الأمور الاقتصادية، فإن شرطة لندن تتأهب لاندلاع تظاهرات تندد بحملة السعودية في اليمن بعد صور قتلى المدنيين هناك، والتي باتت تسبب أزمات لحلفاء السعودية في الغرب. وأوضح التقرير أن عدة دول أوربية أوقفت بالفعل مبيعات السلاح للسعودية بعد توثيق قتل المدنين، بينما دعا زعيم حزب المعارضة جيرمي كوربون لأن توقف بلاده تصدير السلاح للسعودية، بينما بدأ مشرعون أميركيون الضغط لتصويت من أجل سحب دعم التحالف السعودي.
ونقل مكتب التحقيقات الاستقصائي عن خبراء قولهم بأن الرياض تشن حملة لدفع الناس إلى الحديث عن الإصلاح والفرص الاقتصادية، بدلاً من قتلى المدنيين في اليمن وسيادة القانون، ولذلك عملت المملكة على توظيف جيش من شركات العلاقات العامة للدفاع عنها.
ولفت التقرير إلى أن السلطات السعودية تحاول رسم صورة المصلح، لكن تلك الصورة هشّمتها الأنباء عن تبذير الأموال في شراء أشياء لا أهمية لها بالنسبة للمجتمع، في وقت سُجن فيه رجال أعمال وأمراء لاستلاب بعض أموالهم.
وذكر التقرير أن شركة «كونسولم» لفتت الأنظار إليها ووُجّه نقد لها، بعدما اتضح أن من بين عملائها حكومة البحرين القمعية، كما أنها تعمل لصالح الإمارات أيضاً.
وأكد التقرير أن السعودية تواجه مخاطر كبيرة فيما يتعلق بحرب العلاقات العامة تلك، وقال خبير شؤون الشرق الأوسط ديف دو روشيه بجامعة الدفاع الوطنية في واشنطن: إن صادرات السلاح الأميركية للسعودية قد تتوقف أيضاً؛ لأن صورة الرياض في أميركا باتت سيئة، لدرجة أن حرب اليمن يُحتمل أن تأخذ جانباً عاطفياً وتتصدر الواجهة، ومعها ستخسر السعودية في أنحاء المجتمع الغربي.