المشهد اليمني الأول/

دخل التحالف الذي تقوده السعودية في العدوان على اليمن العام الرابع على التوالي دون أفق لحسم الحرب التي بدأت في مارس/آذار عام 2015، وبعد 3 سنوات من تولي ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» منصبه كوزير للدفاع.

وخلفت هذا العدوان أوضاعاً إنسانية وصحية صعبة، أدى إلى تفشي الأوبئة وتدمير وإغلاق عدد كبير من المرافق الصحية في البلاد التي تعد من أفقر دول العالم.

خسائر سعودية

قالت صحيفة «التايمز» البريطانية، في تقرير لها الشهر الماضي، إن السعودية تكبدت خسائر ضخمة وإدانة متزايدة بسبب حربها عل  اليمن.

وأكدت أن زيارة الأمير محمد بن سلمان المقبلة إلى لندن تثير الجدل؛ فقد وقفت معه بريطانيا، ولكن باعتبارها مورداً رئيسياً للأسلحة، فهي معرضة للخطر جراء الاستخدام المميت للأسلحة البريطانية في اليمن.

 ولفتت الصحيفة إلى أن الحكومة البريطانية ستقدم للأمير «الوحشي» الدعم لمزاعم الإصلاحات الاقتصادية وجهوده المتواضعة للحد من التمييز ضد المرأة، ولكن الأولوية العاجلة هي دفع بن سلمان إلى مبادرات جديدة لإنهاء الحرب في اليمن.

وذكرت «التايمز» أن الحرب السعودية على اليمن تسببت في كارثة إنسانية، وقتلت الآلاف، كما حرم الحصار السعودي على الموانئ، الأسر اليمنية الفقيرة بالفعل من الإمدادات الغذائية، مما جعل أوضاع هذا البلد تشبه القرون الوسطى.

وأضافت الصحيفة أنه على مدى السنوات الأربع الماضية تعرض اليمن لحرب دمرت هذا البلد الضعيف بالفعل، وشوهت صورة جارته القوية المملكة العربية السعودية، مشيرة إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للملكة العربية السعودية، عزم على إحباط ما اعتبره محاولة طهران لزعزعة استقرار الجارة السعودية. وبدعم من العديد من دول الخليج المتحالفة، شن هجمات جوية مدمرة وغير دقيقة في كثير من الأحيان على مواقع الحوثيين. وكانت النتيجة كارثة إنسانية.

وذكرت: «لقد لقى الآلاف مصرعهم، وبسبب عدم وجود أدوية وفشل المستشفيات، مات العديد من الجرحى، وفرض السعوديون حصاراً على موانئ البحر الأحمر اليمنية لقطع شحنات الأسلحة الإيرانية، ولكنهم قطعوا أيضاً الإمدادات الغذائية.

وقد أصبحت الأسر اليمنية الفقيرة بالفعل تعاني من الجوع، وفي وضع يشبه القرون الوسطى، وأخذت الكوليرا تنتشر بشكل قاتل».

ورأت «تايمز» أنه لا يوجد احتمال لفوز أي من الجانبين في هذه الحرب، مشيرة إلى أن آمال التفاوض على حل توفيقي تأثرت بسبب الانقسامات من جميع الجوانب، لافتاً إلى أن علي عبد الله صالح قتل العام الماضي بعد محاولة التخلي عن الحوثيين. أما في الجنوب، فإن أولئك الموجودين في عدن الذين لم يقبلوا التوحيد مع الشمال قد انقلبوا على هادي.

زيادة الإنفاق العسكري

تغيب التقديرات الرسمية لحجم التكلفة الحقيقية للحرب التي يشنها التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، بينما تشير تقديرات غير رسمية إلى أن التكلفة تتراوح بين 85 مليارا و760 مليون دولار، إلى 87 مليارا و560 مليون دولار، بما لا يشمل الخسائر غير المباشرة المتعلقة بتراجع الاستثمارات في السعودية على وجه التحديد، والزيادة في الإنفاق العسكري، والنقص في احتياطي النقد الأجنبي.

وبحسب تقرير تلفزيوني بثته قناة «العربية» السعودية، في 2 أبريل/نيسان 2015، أي بعد 8 أيام فقط على انطلاق عملية «عاصفة الحزم»، فإن التقديرات أشارت إلى أن المملكة قد تنفق نحو 175 مليون دولار شهريا على الضربات الجوية ضد مقاتلي «الحوثي» في اليمن، باستخدام 100 طائرة.

وأشارت القناة آنذاك إلى أن الحملة الجوية التي قد تستمر أكثر من 5 أشهر، ربما تكلف الرياض أكثر من مليار دولار أمريكي.

وفي أرقام بعيدة عن تقديرات القناة، قالت مجلة «فوربس» الأمريكية، بعد 6 أشهر من اندلاع الحرب، إن تكلفة الأشهر الستة بلغت نحو 725 مليار دولار، أي إن التكلفة الشهرية تصل لـ120 مليار دولار.

تقدير آخر جاء في دراسة نشرتها مؤخرا جامعة «هارفارد» الأمريكية، أشارت فيها إلى أن تكلفة الحرب تصل إلى 200 مليون دولار في اليوم الواحد.

خبراء اقتصاديون وعسكريون غربيون يرون في الارتفاع الكبير لتكلفة الحرب السعودية على اليمن والفشل الميداني من أهم عوامل زعزعة الحالة النفسية لحكام الرياض، مشيرين إلى أن تكلفة العدوان على اليمن الذي راح ضحيته عشرات آلاف المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، تجاوزت الترليون و500 مليار دولار دون أن يحقق سلمان ونجله و«التحالف العسكري» الذي يقودانه أي إنجازات عسكرية حقيقيّة ما سيجعلها تقف على حافة الإفلاس الحقيقي في القريب العاجل.

فيما قالت شركة «آي إتش إس» للأبحاث والتحليلات الاقْتصَادية، إن مشتريات السعوديّة من السلاح قفزت بمعدل كبير؛ لتصبح المملكة المستورد الأول للسلاح على وجه الأرض في 2015، بقيمة 65 مليار دولار.

وبالنسبة لصفقات السعوديّة في العام 2016، أعلنت الحكومة الكندية، توقيع صفقة بقيمة 15 مليار دولار، تتضمن بيعها لـ500 مدرّعة تعد الأقوى في العالم، قبل أن تقول ألمانيا إنها سلمت المملكة الدفعة الأولى «15 زورقاً» من زوارق دورية يبلغ إجمالي عددها 48 زورقاً، في صفقة بلغت قيمتها 1.60 مليار يورو.

كما ذكرت وزارةُ الدفاع الأَمريكية «البنتاغون» عن بيع 153 دبابة ومئات من المدافع الرشاشة وعربات مصفحة ومعدّات عسكرية أخرى، إلى السعوديّة، في صفقة بلغت قيمتها 1,15 مليار دولار، إضافة إلى توقيع شراء 5 فرقاطات إسبانية بقيمة مليارَي يورو.

وفي العام ذاته، أعلن «البنتاغون»، توريد أسلحة للسعوديّة، قيمتها 3.51 مليار دولار، تضُمُّ الصفقة مروحياتٍ للشحن من طراز «سي إتش إف شينوك»، والمعدات المرتبطة بها.

وفي 2017، كشفت وكالة «شينخوا» الصينية عن توقيع الصين أَكْبَـر صفقة بيع طائرات من دون طيار، في تاريخها، مع السعوديّة، وبلغت قيمة الصفقة 600 مليون دولار، فضلا عن توقيع اتفاقية مع أمريكا قيمتها 300 مليون دولار، تشمَلُ «تكنولوجيا صواريخ موجّهة فائقة الدقة».

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا