المشهد اليمني الأول/
يتمثل المشروع الإماراتي في إحلال منطقة استقرار سلطوي مع أنظمة مشابهة لنظامها وإلى استبعاد أي خطر بحدوث ثورة أو أي نوع من الاحتجاجات. ولقد نفرت الإمارات نفوراً شديداً من موجة الربيع العربي وكانت منذ البداية من أشد المعارضين لكل ديناميكياتها.
هذه خلاصة مقابلة مع الباحث ستيفن لاكروا يسلط فيها موقع “لوريان 21” الضوء على الإمارات هذا البلد الذي لا يلفت الانتباه كثيرا، مثل السعودية وقطر اللتين يكثر الحديث عنهما عادة عندما يتعلق الأمر بمنطقة الخليج العربي، لأنهما تتهمان بنشر المذهب السلفي المرتبط في أذهان الكثيرين بالتطرف، في حين أن الإمارات تضع نفسها في سياق آخر لا يبدو أنه يطرح مشكلة لأحد.
والمفارقة في الموضوع -التي لا بد أن وراءها سرا حسب الموقع- هي أن الإمارات التي لا يتحدث عنها أحد، تنتهج التدخل السياسي بصورة واسعة، بل إنها الأكثر نشاطا في المنطقة، وذلك يحدث تحت سمع وبصر الإعلام دون ذكر.
ورد الباحث تدخلات الإمارات في المنطقة العربية إلى أن هذا البلد قد حسم أمره منذ زمن واختار خطا سياسيا يقوم على سياسة اقتصادية وسياسية بسيطة ومنسجمة، هي التي جلبت له محبة الغرب الذي يرى فيه بلدا فاعلا ينفذ ما يلتزم به من الأمور السياسية والعسكرية بصورة حاسمة.
وتعمل أبو ظبي -حسب الباحث- على مشروع أساسه تحويل الشرق الأوسط إلى منطقة “استقرار سلطوي” تحكمها أنظمة على منوال الإمارات، محصنة ضد الثورات، وأبو ظبي مستعدة للتعاون من أجل ذلك حتى مع إسرائيل.
ويقوم مشروع الإمارات سياسيا على حرب لا هوادة فيها على الإسلام السياسي، وقودها حقد خاص وشديد على حركة الإخوان المسلمين التي ينصبها الرجل القوي في أبو ظبي ولي العهد محمد بن زايد عدوا له، واقتصاديا يقوم المشروع على تحويل الشرق الأوسط إلى سوق كبيرة تتاجر فيها بحرية.
ويبدو الإسلام السياسي -حسب الباحث- هو المحرك الأساسي لكل ما تقوم به الإمارات، فهو الحافز في الحرب فياليمن وفي الأزمة مع قطر وفي مساندة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وفي ليبيا وفي كل مكان تتدخل فيه الإمارات.
ورغم أن السعودية متحالفة مع الإمارات في الأزمة مع قطر وفي الحرب اليمنية، فإن الدوافع مختلفة، إذ يرى الكاتب أن السعودية مهووسة بإيران وتحارب ضد توسعها، ولكن الإمارات تشاركها في ذلك على سبيل المجاراة لا القناعة، وبالمقابل تجاريها السعودية في الأزمة مع قطر.
واعتبر الباحث أن الصراع الحقيقي هو بين قطر والإمارات “المتشابهتين في كل شيء”، وسببه الخيار السياسي الذي تنتهجه كل منهما، إذ إن المشروع الإماراتي على النقيض من المشروع القطري، يقوم على القضاء المبرم على حركة الإخوان خلافا للسياسة القطرية في المنطقة العربية.
وفي اليمن يرى الباحث أن التحالف بين البلدين ظاهري فقط، ولكل منهما طموحاته الخاصة، حيث تسعى الإمارات لإقامة “المحمية الجنوبية” العاجزة ماليا الخالية من الإسلام السياسي والتي تتحكم فيها، عبر جماعة مناهضة للإخوان ومؤيدة لمصالحها، وهي لا تهتم بموضوع الحوثيين البعيدين عنها جغرافيا.
أما السعودية فتطمح لمنع التمدد الإيراني، وهي في سبيل ذلك لا تمانع من التحالف مع الإخوان بصورة محدودة.
ويشير الباحث إلى أن التحالف مع السعودية أمر أساسي بالنسبة لدولة كالإمارات صغيرة وذات طموح كبير، لأنه يضع تحت تصرفها بلدا كبيرا، والسر في متانة هذا التحالف كما يرى لاكروا هو أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي يقود السعودية قد دخل إلى السياسة ووصل إلى السلطة عن طريق شبكات محمد بن زايد الممتدة في الغرب وخصوصا الولايات المتحدة.