المشهد اليمني الأول/
اعتبرت «مؤسسة نيو إيسترن أوت لوك» الروسية المتخصصة في تحليل الأحداث حول العالم وعلاقتها بالشرق، المواجهات التي اندلعت في نهاية يناير الماضي بين قوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» المدعوم من الإمارات، و«ألوية الحماية الرئاسية» الموالية لهادي والمدعومة من السعودية، بمثابة سقوط الحجر الأول في انهيار التحالف بين السعودية الإمارات، كما اعتبرته المؤسسة أيضاً اسقاطا لأي أساس منطقي قامت عليه الحرب في اليمن، وإزالة لوهم القليل، الذين قالت المؤسسة أنهم كانوا يعتقدون أن تظهر حرب اليمن طموحات المملكة في الهيمنة من خلال قوتها العسكرية.
وأشارت المؤسسة الروسية إلى أن الفكرة القائلة بأن المملكة العربية السعودية ترغب في تحرير جارتها الجنوبية (اليمن) أصبحت بعيدة المنال عن الواقع لأي طرف جاد حتى في محاولة لترشيدها. وتساءلت: «ما هي الشرعية القائمة في اليمن الآن؟ وما هو الأمل في التوصل إلى توافق دولي في الآراء عندما يصبح اليمن بوضوح رهينة في خطوة للسيطرة الإقليمية؟».
ووصفت «نيو إيسترن أوت لوك» حرب اليمن بأنها مستعمرة في طبيعتها، وطائفية في لغتها، والإبادة الجماعية في جوهرها، مؤكدة على أنها حرب كانت قاسية وغير عادلة وغير عقلانية، كونها قامت من تحالف يتكون من عدة قوى عظمى ضد أحد أفقر الدول في العالم، حسب قولها… مشددة على ضرورة تذكر إنها كانت أيضاً باسم الشرعية الدستورية ولحماية وتأكيد رئاسة عبد ربه منصور هادي بعد استقالته علنا مرتين.
أكد «معهد واشنطن»، على أن الرياض لا تزال معرضةً لخطر هجمات ترسانة «أنصار الله»
وأشارت المؤسسة الروسية إلى أن أحداث عدن الأخيرة كشفت أن كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تقفان على طرفي ضفتين مختلفتين، بعد أن دعمت الإمارات الانفصاليين الجنوبيين ضد حكومة هادي بما يثير الإهتمام ، حتى وصل برئيس الوزراء أحمد بن دغر إلى قول :«أن الشرعية قد انتهت في عدن»، وتشبيه ذلك الإجراء بقوله:«ما يحدث خطير جدا ويؤثر على امن واستقرار ووحدة اليمن … وهذا الاجراء لا يختلف عن الجرائم التي ارتكبها الحوثيون في صنعاء».
وأكدت «نيو إيسترن أوت لوك» على أن الانفصاليين في جنوب اليمن يرفضون حكم هادي وشرعيته بأكثر من طريقة ولنفس الأسباب التي أدت بـ«أنصار الله» لرفضها. لافتة إلى أن ذلك يبرهن أن أهادي أصبح هو الغريب، وأنه يعيش في المنفى بدون تفويض شعبي حقيقي، ولاحزب سياسي ولا أمل ملموس في المستقبل، حسب وصفها. وأشارت المؤسسة إلى أنه ورغم ذلك، فإن الرياض لا تزال ملتزمة بعودته.
وشددت المؤسسة الروسية على أن ظهور هذه المواجهة الجديدة في قلب تلك الأراضي، التي تسيطر عليها المملكة العربية السعودية عن طريق دولة الإمارات العربية المتحدة، يؤكد وجود نزاع جيوسياسي لا يحتمل أن يختفي. مبينة أن التحرك ضد حكومة هادي، يعتبر بمثابة تحدٍ من أبوظبي في وجه الرياض، كما أكدت المؤسسة أيضاً على أن هذه المواجهة كشفت الأهمية الجيوسياسية لليمن، وكشفت-طبقا للمؤسسة- أن الحرب على اليمن لم تكن أبدا على الإطلاق في بناء الديمقراطية أو الحد من نفوذ إيران.
وذهبت «نيو إيسترن أوت لوك» إلى القول إنه «بالنسبة للطموحات في اليمن، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر أقل شراً من المملكة العربية السعودية، كونها على خلاف للمملكة، ليس لديها خوف غير عقلاني من أنصار الله، ولا ترغب في إبادة التقاليد الدينية اليمنية، كما أنها توفر درجة من العقلانية تفتقر إليها المملكة بشكل عميق»، وأشارت المؤسسة إلى أنه وبالنظر إلى المخاطر، فإن البراغماتية تملي على المرء أن ينظر إلى هذه الجزئية.
وكشفت في ختام تحليلها عن أن هناك جانب مثير للاهتمام لأحداث عدن وهو موقف العواصم الغربية، والذي قالت إن عدداً قليلاً فقط من الخبراء ناقشوه علناً حتى الآن، لكنها أكدت على أن تلك العواصم قد تضطر إلى اتخاذ مواقفها منه في حالة تصاعد التوتر، مرجحة أن تكون تلك المواقف على صلة بشكل اليمن السياسي في المستقبل.