المشهد اليمني الأول/
في الشهور الأخيرة تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تعهد آخر من تعهدات حملته الانتخابية الأساسية والمتعلق بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان، وبدلاً من ذلك بدأ بنشر قوات إضافية هناك. وفي الوقت نفسه انتقد ترامب الحكومة الباكستانية واتهمها «بمساعدة» حركة «طالبان» الإرهابية الأفغانية، وتعهد، كرد انتقامي بخفض المساعدات العسكرية لهذا البلد، ولكن وفقاً لموقع «نيو إيسترن آوت لوك»، فإن كلا التحركين مرتبطان معاً، ولا علاقة لهما لا بـ(طالبان) ولا بغيرها من الحركات الإرهابية في أفغانستان بل بالتطورات الجارية المتعلقة بدفع المبادرة الصينية (حزام واحد – طريق واحد) حيث تسعى واشنطن لوقف تلك التطورات من خلال إيجاد مختلف الذرائع.
وقال الموقع في مقال للخبير الجيوسياسي الأمريكي ويليام أنغدال: في حزيران الماضي أذن ترامب بعد محادثات مكثفة مع قادة الجيش الأمريكي بزيادة عدد القوات الأمريكية في أفغانستان وأمر بإرسال أربعة آلاف جندي إضافي إلى هناك بزعم «تدريب» القوات الأفغانية على محاربة حركة «طالبان» الإرهابية. ومن جهة ثانية، زعم ترامب أن جهاز الاستخبارات الباكستانية «كان متواطئاً» في إعطاء الحركات الإرهابية الأفغانية سواء «طالبان» أو غيرها ملاذاً آمناً عبر الحدود، ليجمّد بعد ذلك المساعدات العسكرية لباكستان تحت ذريعة إجبار الجيش والمخابرات الباكستانية على قطع الدعم عن تلك الحركات الإرهابية.
وأشار أنغدال إلى أن الحكومة الباكستانية، كنتيجة مباشرة للضغط الأمريكي لم تجدد تلقائياً إقامة اللاجئين الأفغان البالغ عددهم حوالي 1,4 مليون لاجئ، وبدلاً من ذلك قامت بإجبارهم على العودة إلى بلادهم بحلول نهاية الشهر الجاري ما أوجد فوضى جديدة في جميع أنحاء أفغانستان التي تتعرض أساساً للقصف الأمريكي.
وأكد الكاتب أن ما تقوم به واشنطن في كل من أفغانستان وباكستان ليس له علاقة تذكر بتنصيب حكومة فاعلة في كابول أو استقرار إسلام أباد، بل الهدف الحقيقي هو جيو-سياسي بحت موجه للحد من التأثير المتزايد للصين التي تسعى بالتعاون مع روسيا إلى تحقيق الاستقرار في أفغانستان وضمها جنباً إلى جنب مع باكستان إلى مبادرة «الحزام والطريق»، حيث تحرص الصين على جذب أفغانستان إلى الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني مدفوعة بدوافع اقتصادية إضافة إلى سعيها الحثيث للسيطرة على جماعة الإيغور الإرهابية التي تدربها «طالبان» في أفغانستان.
وأضاف أنغدال: في الواقع إن واشنطن لم تكن جادة أبداً في بناء ديمقراطية حقيقية في أفغانستان، بل إن أولويتها كانت مرتبطة ببناء قواعد لحلف شمال الأطلسي في أعماق أوراسيا، ربما لاستهداف الصين وروسيا، إلى جانب السماح لحركة «طالبان» الإرهابية ومثيلاتها بزراعة الأفيون، وتصدير الهيرويين عبر الطائرات العسكرية الأمريكية المنتشرة في قاعدة «ماناس» الجوية في قيرغيزستان وتالياً إثارة مشكلة تعاطي المخدرات داخل روسيا وآسيا الوسطى.